ءَايَاتُ القُرْءَانِ ءَايَاتُ البُرْهَانِ

ءَايَاتُ القُرْءَانِ؛ ءَايَاتُ البُرْهَانِ:

عِنْدَمَا صَلَّىَ اللهُ تَعَالَى عَلَى النَّاسِ (هُوَ ٱلَّذِى يُصَلِّى عَلَيْكُمْ وَمَلَـٰٓئِكَتُهُۥ)، وَأَرْسَلَ لَهُم الرُّسُلَ بالكِتَابِ، فَقَدْ زَادَ فِي صَلاَتِهِ بأَنْ أَنْزَلَ مَعَ الكِتَابِ بُرْهَانًا فَوْقَ اسْتِطَاعَةِ البَشَرِ؛ لِيَتَيَقّنُوا مِنْ أَنَّ هَذِهِ الرِّسَالَةِ الأَتِيَةِ مَعَ الرَّسُولِ هِىَ مِنْ عِنْدِ الخَالِقِ، الَّذِي غَيَّرَ قَانُونَ الخَلْقِِ فِي “الأَيَةِ البُرْهَانِ” المُصَاحِبَةِ لِلرِّسَالَةِ. وَهُوَ مَا حَدَثَ مَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلام عِنْدَمَا تَغَيَّرَت قَوَانِينَ الخَلْقِ فِي اليَدِّ، وَفِي العَصَا:

ٱسْلُكْ يَدَكَ فِى جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوٓءٍۢ وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ ٱلرَّهْبِ ۖ فَذَ‌ٰنِكَ بُرْهَـٰنَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَإِي۟هِۦٓ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا۟ قَوْمًۭا فَـٰسِقِينَ ﴿٣٢﴾” القصص.

وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَـٰمُوسَىٰ ﴿١٧﴾ قَالَ هِىَ عَصَاىَ أَتَوَكَّؤُا۟ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِى وَلِىَ فِيهَا مَـَٔارِبُ أُخْرَىٰ ﴿١٨﴾ قَالَ أَلْقِهَا يَـٰمُوسَىٰ ﴿١٩﴾ فَأَلْقَىٰهَا فَإِذَا هِىَ حَيَّةٌۭ تَسْعَىٰ ﴿٢٠﴾ قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ ۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا ٱلْأُولَىٰ ﴿٢١﴾ وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوٓءٍ ءَايَةً أُخْرَىٰ ﴿٢٢﴾طه.

وَمَا حَدَثَ مَعَ عِيسَى عِنْدَمَا تَغَيَّرَت قَوَانِينَ المَوْتِ، وَالأَكْمَهِ، وَالأَبْرَصِ، وَالطِّيِنِ:

..أَنِّى قَدْ جِئْتُكُم بِـَٔايَةٍۢ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ أَنِّىٓ أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ ٱلطِّينِ كَهَيْـَٔةِ ٱلطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًۢا بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُ ٱلْأَكْمَهَ وَٱلْأَبْرَصَ وَأُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِى بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِى ذَ‌ٰلِكَ لَأَيَةًۭ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿٤٩﴾ءال عمران.

إِلَى ءَاخِرِهِ مِنَ المُعْجِزَاتِ البُرْهَانِ.

وَبِرَغْمِ أَنَّ هَذِهِ الأَيَاتِ (السَّابِقَةِ) كَانَت حَسِّيَّةٍ ظَاهِرَةٍ، إِلاَّ أنَّ الكَثِيرَ مِمَّن عَايَنُوهَا قَدْ أعْرَضُوا عَنْهَا، حَتَّى إنَّهُم قَالُوا لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام:

وَقَالُوا۟ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِۦ مِنْ ءَايَةٍۢ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ﴿١٣٢﴾الأَعْرَاف.

وَعَلَيْهِ؛ فَقَدْ مَنَعَ اللهُ تَعَالَى نُزُولَ أَيَّ ءَايَاتٍ حَسِّيَّةٍ مُصَاحِبَةٍ لِرِسَالَةِ النَّبِيِّ الخَاتِم مُحَمَّدٍ، لَا سِيَّمَا أَنَّ هَذِهِ الأَيَاتِ تَكُونُ مَوْقُوتَةٌ بِزَمَنٍ مُحَدَّدٍ.

وَمِنْ هُنَا بَدَّلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الأَيَاتَ الحَسِّيَّةَ الَّتِي كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ بِأيَاتٍ مِنْ نَوْعٍ مُخْتَلِفٍ، سَتَسْتَمِرُّ إِلَى نِهَايَةِ الدُّنْيَا، وَهِىَ ءَايَاتُ القُرْءَانِ.

وَقَدْ نَصَّ اللهُ سُبْحَانَهُ عَلَي أنَّ الكِتَابَ المُنَزَّلَ عَلَي رَسُولِهِ تَمَّ دَمْج نَوْعَينٍ مِنَ الأَيَاتِ فِيِهِ؛ فَقَالَ تَعَالَى:

هُوَ ٱلَّذِىٓ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ مِنْهُ ءَايَـٰتٌۭ مُّحْكَمَـٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلْكِتَـٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَـٰبِهَـٰتٌۭ ۖ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌۭ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَـٰبَهَ مِنْهُ ٱبْتِغَآءَ ٱلْفِتْنَةِ وَٱبْتِغَآءَ تَأْوِيلِهِۦ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُ ۗ وَٱلرَّ‌ٰسِخُونَ فِى ٱلْعِلْمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلٌّۭ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُو۟لُوا۟ ٱلْأَلْبَـٰبِ ﴿٧﴾ءال عمران.

فأَوَّلُ هَذِهِ الأَيَاتِ هِيَ ءَايَاتُ الرِّسَالَةِ، وَهِيَ الَّتِي تَأتِي لِكُلِّ قَوْمٍ فِي كُلِّ زَمَانٍ، وَقَدْ وَصَفَها اللهُ تَعَالَي بأَنَّهَا “أُمُّ ٱلْكِتَـٰبِ”، وَهِيَ كَمَا وَضَحَ بالْنَّصِّ؛ “ءَايَـٰتٌۭ مُّحْكَمَـٰتٌ”، مَعْنَاهَا وَاضِحٌ، وَثَابِتٌ، وَلَا يَتَغَيَّرُ بِمُرُورِ الزَّمَنِ، وَهِىَ الَّتِى يَدُورُ عَلَيْهَا الكِتَابُ.

وَثَانِيهُمَا هِيَ ءَايَاتُ البُرْهَانِ، وَهِيَ كَمَا وَضَحَ بالْنَصِّ؛ “مُتَشَـٰبِهَـٰتٌۭ”، مَعْنَاهَا يَتَّضِحُ بِمُرُورِ الزَّمَنِ، فَتَتَشَابَهُ فِيهَا الرُّؤَيَ. وَهِي الجَدِيدَةُ فِي مَوْضُوعِهَا هَذِهِ المَرَّةِ:

الٓر ۚ تِلْكَ ءَايَـٰتُ ٱلْكِتَـٰبِ وَقُرْءَانٍۢ مُّبِينٍۢ ﴿١﴾الحجر.

طسٓ ۚ تِلْكَ ءَايَـٰتُ ٱلْقُرْءَانِ وَكِتَابٍۢ مُّبِينٍ ﴿١﴾النمل.

نَسْتَطِيعُ أَنْ نَقُولَ؛ إِنَّ ءَايَاتَ القُرْءَان هِيَ مُسْتَودَعٌ لِحَقَائِقٍ كَوْنِيَّةٍ؛ تَبْدُو لِلنَّاظِرينَ بِمُرُورِ الوَقْتِ، لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ أَنَّ كُلَّ مَا يَتِمُّ اكْتِشَافَهُ مِنْ هَذِهِ الحَقَائِقِ هُوَ مَوْجُودٌ بالكِتَابِ قَبْلاً، وَمِنْ قَبْلِ أَنْ يَعْرفَ بهِ بَشَرٍ، لِيَتَأكَّدُوا مِنْ رَبَّانِيَّةِ الرِّسَالَةِ المُحْكَمةِ ءَايَاتُها، وَهُوَ مَا سَنَعْرِفَهُ مِنَ السُّطُورِ التَّالِيَةِ .

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x