شَحْرُور/ الكِتَابُ والقُرآن/ أخْطَاءٌ فِى عِلْمِ اللهِ 6

 

رَابِعًا: عِلمُ اللهِ تَعَالَى بِمَا لَن يَكُون:

.

العِلْمُ لَيْسَ شَيْئًا وَاحِدًا، وَإِنَّمَا يَتَفَاوَتُ بَيْنَ الخَالِقِ وَالمَخْلُوقِ. إلاَّ أَنَّ اللهَ تَعَالَى لَمَّا كَانَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، فَكَذَلِكَ عِلْمُهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ عِلْمٌ. وَبِالتَالِى فَلَنْ يَسْتَطِيعَ أحَدٌ كَائِنًا مَن كَانَ أنْ يَعْرِفَ شَيئًا مَا عَن هَذَا العِلْمِ إلاَّ أنْ يُخْبِرَ اللهُ بِهِ. وَقَدْ عَرِفْنَا مِنَ المَحَاورِ السَابِقَةِ كَيْفَ أنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلْمًا، بِمَا فِى ذَلِكَ أعْمَالُ العِبَادِ: 

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)” الطلاق.

لَم يَتَوَقَّفُ الأَمْرُ عِنْدَ عِلْمِ اللهِ تَعَالَى بِمَا سَيَكُونُ، وَإنَّمَا تَعَدَّاهُ إلىَ مَاهُوَ أكْثَرُ مِنْهُ، فَقَدْ نَصَّ اللهُ تَعَالَى عَلى أنَّ عِلْمَهُ هُوَ عِلْمٌ تَجْريدِىٌّ، بِمَعْنَى أنَّهُ عِلْمٌ مُجَرَّدٌ مِنَ الوَاقِعِ وَالحُدُوثِ، أوْ بِصِيغَةٍ أُخْرَى هُوَ عِلْمٌ بِالوَاقِعِ وَبِمَا سَيَكُونُ مِن غَير تَحَقُّقِ هَذَا الوَاقِع، وَبِمَا فِى ذَلِكَ مَا لَنْ يَكُوُنَ، كَيفَ كَانَ سَيَكُونُ، لَوْ كَان. أى أنَّ التَجْريدَ يَعْنِى هُنَا العِلْمَ بِمَا سَيَكُونُ فِى أىّ اتِجَاهٍ عَلَى وَجْهِ التَحْدِيدِ، لَوْ شَاءَهُ اللهُ، أوْ لَمْ يَشَأهُ، وَلْنُطَالِعُ بَعْضَ ذَلِكَ:

.

24/1/4 ـ عِلْمُ اللهِ بِمَا سَيَقُولُهُ المُجْرِمُونَ لَوْ فَتَحَ عَلَيْهِم بَابًا مِن السَمَاءِ:

.

يَقُولُ الحَقُّ تَعَالَى: “وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ (15)” الحجر.

لَنْ يُفْتَحَ بَابٌ مِنَ السَمَاءِ، وَلَنْ يَعْرُجَ المُجْرِمُونَ فِيهِ، وَلَكِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَاذَا سَيَكُونُ مِنْهُم عَلَى وَجْهِ التَحْدِيدِ لَوْ شَاءَ ذَلِكَ، . . سُبْحَانَك رَبِّى وَتَقَدَّسْت، وَوَسِعْتَ كُلَّ شَيءٍ عِلْمًا.

 .

25/2/4 ـ عِلْمُ اللهِ بِمَا سَيَقُولُهُ الكُفَّارُ لَوْ جَعَلَ القُرْءَان أعْجَمِيًّا:

.

يَقولُ تَعَالَى: ” وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ.. (44)” فصلت.

لَنْ يَجْعَلَ اللهُ القُرْءَانَ أعْجَمِيًّا، وَلَكِن لَوْ كَانَ ذَلِكَ قَدْ حَدَثَ؛ لَقَالوَا مَا نَصَّ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِالتَحْدِيدِ: “لَوْلاَ فُصِّلَتْ ءَايَاتُهُ”.

وَدُونَ دَاعٍ للإِطَالَة فَالأَيَاتُ كَثِيرَةٌ فِى البَابِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:

..وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ.. (42)” الأنفال.

..وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ.. (43)” الأنفال.

وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ (7)” الأنعام.

وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى (134)” طه.

.

كُلُّ هَذَا (وَغَيْرُهُ عَشَرَات الأياتِ)، يَنُصُّ عَلَى عِلْمِ اللهِ التَجْرِيدِىِّ، المُجَرَّدِ عَن الوَاقِعِ، وَالمُحِيطِ أيضًا بِكُلِّ مَالَنْ يَكُونَ؛ كَيْفَ كَانَ سَيَكُونُ لَوْ كَانَ. فُسُبْحَانَ مَن تَجَرَّدَ عِلْمُهُ عَنْ خَلْقِهِ، فَأَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا:

..وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ (80)” الأنعام.

وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا (126)” النساء.

إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (98)” طه.