شَحْرُور: أخْطَاءٌ فِى الفِقْهِ/ النِّسَآء 1

سَخِرَ الأُسْتَاذُ شَحْرُور -بِجَهَالَةٍ عَجِيِبَةٍ- مِنْ أنْ يَكُونَ هُنَاكَ نِّسَآءٌ يَتِيمَاتٌ، بَل وَاعْتَبَرَ ذَلِكَ أمْرًا مُثِيِرًا لِلضَّحِكِ فِى ءَانٍ وَاحِدٍ؛ فَقَالَ فَى كِتَابِهِ “الإسْلاَم وَالإِيمَان”، ص 103، وَهُوَ يَتَنَاوَلُ الأَيَةَ الثَّالِثَةَ مِنْ سُورَةِ النِّسَآءِ:

وَمَاقَالَ الأُسْتَاذُ شَحْرُور ذَلِكَ إِلاَّ لِضَحَالَةِ بَحْثِهِ. وَقَدْ تَنَاوَلَ الأَيَاتِ مِنْ عِدَّةِ زَاوَيَا، فَأخْفَقَ فِيهَا كُلَّهَا، حَتَّى أنَّهُ لَمْ يَقُل فِيهَا شَيْئًا وَاحِدًا صَحِيحًا (1)، وَاخْتَلَطَت عَلَيْهِ المَفَاهِيمُ وَالمَعَانِىّ، شأنُهُ شَأنُ مَنْ رَاحَ يَنْتَقِدُ تَسَلُّفَهُم، وَبَلَغَ مِنْهُ الجَهْلَ بِأَيَاتِ المَوْضُوعِ مِنْ سُورَةِ النِّسَآءِ إلَى أنْ قَالَ:

بِاشْتِرَاطِ كَوْنِ الزَوْجَةِ الثَّانِيَةِ أرْمَلَةً عِنْدَهَا أيْتَام، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ.

بَلْ وَتَفَذْلَكَ وقَالَ بِوُضُوحِ الشَرْطِ وَجَوَابِهِ، وَجَهِلَ المَشْرُوطُ لَهُ.

وَقَبَّحَ وَجْهَ الحَقِّ فِى مَعْنَى يَتَامَى النِّسَآءِ بِأَنَّهُنَّ الأَيْتَامُ مِنَ النِّسَآءِ بِقَوْلِهِ أنَّهُ يَبْعَثُ العَجَبَ وَالضَحِكَ، وَهُوَ الَّذِى عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الجَهْلِ بِالأَيَاتِ كَمَا سَنَرَى.

وَقَالَ بِأنَّهُ لاَوُجُودَ لِشَيْءٍ اسْمُهُ “نِسَآءٌ يَتِيِمَاتٌ” بِحُجَّةِ أنَّ ذَلِكَ سَيَقْتَضِى وُجُودَ رِجَالٍ أيْتَامٍ، وَلاَ حُجَّةَ لَهُ؛ لِوُجُودِ رِجَالٍ أيْتَامٍ بِالفِعْلِ.

وَجَعَلَ يَتَامَى النِّسَآءِ هُنَّ أُمَّهَاتُ الأَيْتَامِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ.

وَقَالَ بِأنَّ اليُتْمَ يُرْفَعُ بِبُلُوغِ النِّكَاحِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ.

وَقَالَ بِإِعْفَاءِ الرَّاغِبِينَ الزَّوَاجَ مِنَ الأرَامِل أُمَّهَاتِ اليَتَامَىَ مِنَ الأَجْرِ بِشَرْطِ رِعَايَتِهِم لأوْلاَدِهَا الأَيْتَامِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ.

وَسَمَّى الأَجْرَ بِالصَدَاقِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ.

وَقَالَ بِعَدَمِ لُزُومِ العَدْلِ بَيْنَ النِّسَآءِ إذَا كَانَت إحْدَاهُنَّ أرْمَلَةٌ أمُّ أيْتَامٍ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ.

وَجَعَلَ النُّضُوجَ الجِنْسِىِّ مُخْرِجٌ مِنَ اليُتْمِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، جَاهِلاً بِذَلِكَ مَعْنَى الأَيَةِ العُمْدَةِ رَقْم 6 مِن سُورَةِ النِّسَآءِ.

وَاتَّهَمَ مَنْ قَالَ بِأَنَّ يَتَامَىَ النِّسَآءِ هُنَّ النِّسَآءُ اليَتِيِمَاتُ بِافْتِقَارِ أَرْضِيَّتِهِ العِلْمِيَّةِ، وَهُوَ الأَوْلَى بِهَذَا الوَصْفِ.

. . . إلَى ءَاخِر مِثْلِ هَذَا الهُرَاءِ. وَأصْبَحَ كَلاَمُهُ فِى هَذِهِ المَسْألَةِ هُوَ الَّذِى يَبْعَثُ العَجَب، وَنَمُوذَجًا لِلجَهْلِ المُرَكَّبِ كَمَا سَنَرَى عِنْدَ مُنَاقَشَةِ الأَيَاتِ، وَلِلَّهِ الأمْرُ.


1 ـ وَمَا وَقَعَ فِيهِ المَذْكُورُ مِن أخْطَاءٍ لاَ يَرْقَى حَتَّى إلَى مَرْتَبَةِ الخَطَأِ، وَإنَّمَا هُوَ الجَهْلُ بِعَيْنِهِ أوْ المُغَالَطَةِ وَالإِضْلاَلِ إنْ كَانَ يَعْرِفُ الحَقَّ، وَلاَ أخَالُهُ إلاَّ الجَهْلَ، وَلْنَنْظُرَ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ. يَقُولُ الأُسْتَاذُ شَحْرُور فَى كِتَابِهِ “الإسْلاَم وَالإِيمَان” ص 103:

“وقد أعطى الله سبحانه وتعالى تسهيلات بالنسبة للراغبين بالزواج من أرامل مع أولادهن وذلك بأن أعفاهم من الصداق في قوله: (ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتوهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما) (النساء 127). هنا نلاحظ كيف أعفى الرجل من صداق الأرامل بشرط رعاية أولادهن الأيتام.

وفي حالة الزواج من أرملة لم يطلب الله سبحانه وتعالى العدالة بين النساء حيث أن الزواج هو في الأصل من أجل الأيتام لذا قال: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما) (النساء 129) (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما) (النساء 130). فالمطلوب هنا أن لا يترك الرجل إحدى زوجاته كزوجة أمام الناس فقط لذا قال (فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة) بل يجب أن يمارس الحياة الزوجية معها. وفي حال طلبت إحدى الزوجات الطلاق فيحق لها ذلك تماما دون غمط حقوقها لذا قال: (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته)”.