◄ الشِّرْعَةُ ـ بِسِكُونِ الرَّآءِ ـ مِنَ “شَ رْ ع”، وَهِىَ الظَّاهِرُ مِنَ الدِّيِنِ، وَالمُؤَدِّى لِلإِسْلاَمِ فِيِمَنْ قَبْلَنَا:
شَرَعَ/ شِرْعَةً/ شَرَعُوا/ شَرِيعَةٍۢ/ شُرَّعًا/
● وَقَدْ بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ شَرَعَ لَنَا مِنَ الدِّيِنِ مَا شَرَعَهُ لِمَنْ قَبْلَنَا مِنَ الأُمَمِ؛ أَنْ نُقِيِمَ الدِّيِنَ، وَلاَ نَتَفَرَّقَ فِيِهِ، فَنَكُونَ مِنَ المُشْرِكِيِنَ الَّذِيِنَ فَرَّقُوا دِيِنَهُم وَكَانُوا شِيَعًا:
“۞ شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحًا وَٱلَّذِىٓ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِۦٓ إِبْرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓ ۖ أَنْ أَقِيمُوا ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى ٱلْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ ٱللَّهُ يَجْتَبِىٓ إِلَيْهِ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِىٓ إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ ﴿١٣﴾” الشُّورَى.
● وَالفَرْقُ بَيْنَ الشِّرْعَةِ، وَبَيْنَ الشَّرِيِعَةِ، هُوَ أَنَّ الشِّرْعَةَ، تَكُونُ لِمَنْ غَبَرَ، فَلاَ نَعْرِفُ عَنْهَا، إِلاَّ أَنَّهَا تُمَاثِلُ مَا بَيْنَ يَدَيْنَا، أَمَّا الشَّرِيِعَةُ فَهِىَ مَبْسُوطَةٌ، دَخَلَت عَلَيْهَا اليَآءُ، فَبَسَطَتْهَا، وَبَيَّنَت أَنَّهَا تَحْتَ اليَدِ، يُطَالِعُهَا مَنْ يَشَآءُ، وَلِذَا فَقَدْ بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى أَنَّهَا هِىَ الَّتِى عَلَيْهَا النَّبِىُّ، وَعَلَيْهَا المُسْلِمُونَ الأَنَ، فَقَالَ:
“ثُمَّ جَعَلْنَـٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍۢ مِّنَ ٱلْأَمْرِ فَٱتَّبِعْهَا…﴿١٨﴾” الجَاثِيَة.
“…لِكُلٍّۢ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَٰحِدَةً…﴿٤٨﴾” المَائِدَة.
● وَالشَّارِعُ هُوَ اللهُ تَعَالَى، وَلاَ يَكُونُ إِلاَّ اللهُ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ؛ وَلِذَا قَالَ:
“شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِمَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحًا وَٱلَّذِىٓ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ..﴿١٣﴾“.
مُسْتَنْكِرًا أَنْ يَشَرَعَ غَيْرَهُ سُبْحَانَهُ:
“أَمْ لَهُمْ شُرَكَـٰٓؤُا شَرَعُوا لَهُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنۢ بِهِ ٱللَّهُ ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةُ ٱلْفَصْلِ لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ ۗ وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٢١﴾” الشُّورَى.
● وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ شَرَعَ مِنَ الدِّينِ، أَى: مَا شَرَعَهُ مِنْ أَوَامِرٍ بِالفِعْلِ وَعَدَمِهِ، وَلَمْ يُبْهِم اللهُ هُنَا مَا ضَمَّنَهُ فِيِمَا وَصَّى بِهِ نُوحًا، وَإِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى، وَعِيِسَى، وَمَا أَوْحَاهُ إِلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ:
“…أَنْ أَقِيمُوا ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ..﴿١٣﴾” الشُّورَى.
● وَالتَّفَرُّقُ فِى الدِّيِنِ يَكُونُ بِالشِّرْكِ فِيِمَا ءَاتَاهُم، كَمَا قَالَ:
“…وَلَا تَكُونُوا مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ﴿٣١﴾ مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْوَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴿٣٢﴾” الرُّوم.
وَلِذَا قَالَ فِى نَفْسِ الأَيَةِ: “كَبُرَ عَلَى ٱلْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ“. مُبَيِّنًا سُبْحَانَهُ أَنَّ رَسُولَهُ لَيْسَ مِنْ هَؤُلآءِ فِى شَيْءٍ مَمَّا أَحْدَثُوهُ مِنْ تَفَرُّقٍ فِى الدِّيِنِ، وَتَشَيُّعٍ إِلَى مَذَاهِبٍ وَفِرَقٍ؛ فَقَالَ:
“إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْوَكَانُوا شِيَعًالَّسْتَ مِنْهُمْ فِى شَىْءٍ ۚ…﴿١٥٩﴾” الأَنْعَام.
وَبِالتَّالِى فَإِنَّ المُؤِمِنَ يَجِدُ فِى كِتَابِ رَبِّهِ الغِنَى عَنْ كُلِّ مَا عَدَاهُ، وَلاَ يَذْهَبَ لِيَتَسَوَّلَ شَيْئًا مِنْ هُنَا أَوْ هُنَاكَ لِيُلْبِسَهُ ثَوْبَ الحَقِّ مُفْتَرِيًا عَلَى اللهِ الكَذِبَ بِأَنَّ كَذَا أُوْ كَذَا يُوافِقُ مَا شَرَعَهُ اللهُ تَعَالَى فِى كِتَابِهِ. وَمَنْ لاَ يُكْفِيِهِ كِتَابُ رَبِّهِ، فَالأَخِرَةُ مَوْعِدُهُ، لَنْ يُخْلَفَهُ، وَمَا أَقْرَبهَا.