.
التَّرَبُّصُ مِنَ الرَّبْصِ، وَهُوَ فِعْلُ تَرَقُّبٍ، وَانْتِظَارِ نَتِيِجَةٍ مَا، سَبَقَتْهَا مُقَدِّمَاتٌ رَسَخَت عِنْدَ المُتَرَبِّصُ نَتَائِجُهَا دُونَ تَحْدِيِدٍ.
تَرَبُّصَ/ يَتَرَبَّصُ/ مُتَرَبِّصٌ/ نَتَرَبَّصُ/ فَتَرَبَّصُوا/ تَرَبَّصُونَ/ يَتَرَبَّصُونَ/ مُتَرَبِّصُونَ/ المُتَرَبِّصِيِنَ/ تَرَبَّصْتُم/ يَتَرَبَّصْنَ/
وَقَدْ جَآءَ التَّرَبُّصُ فِى كِتَابِ اللهِ بِهَذَا المَعْنَى؛ كَأَنْ يُقَالُ:
“قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلَّآ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ ۖوَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍۢ مِّنْ عِندِهِۦٓ أَوْ بِأَيْدِينَا ۖ فَتَرَبَّصُوٓا۟ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ﴿٥٢﴾” التَّوْبَة.
فَالمُؤْمِنُونَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِم، جَعَلَتْهُم عَلَى رُسُوخٍ، وَثِقَةٍ، مِنَ النَّتَائِجِ، وَأَنَّهَا لاَ تَخْرُجُ عَنْ إِحْدَى الحُسْنَيَيْنِ، حَتَّى أَنَّهُم حَالَ تَرَبُّصِهِم يَدْعُونَ الكُفَّارَ إِلَى انْتِظَارِ نَتِيِجَةِ التَّرَبُّصِ، حَيْثُ سَيُصَابُونَ هُنَاكَ بِخَيْبِةِ الأَمَلِ.
وَالتَّرَبُّصُ فِى مَوْضُوعِ الطَّلاَقِ هُوَ فِعْلٌ مُصَاحِبٌ لَهُ، وَمُتَرَتِّبٌ عَلَيْهِ، وَمُرْتَبِطٌ بِالعِدَّةِ، وَبِالشُّهُورِ، وَبِالقُرُوءِ، مِنْ حِيِضٍ وَطُهْرٍ، وَمُنْتَشِرٌ عَلَى مَدَى أَيَّامِ العِدَّةِ، إلَى التَّبَيُّنِ، وَيُقْصَدُ بِهِ تَرَقُّبُ وُجُودِ حَمْلٍ بِجَنِيِنٍ مِنْ عَدَمِهِ.
يَقُولُ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ:
“وَٱلْمُطَلَّقَـٰتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَـٰثَةَ قُرُوٓءٍۢ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِىٓ أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْءَاخِرِ ﮎ..﴿٢٢٨﴾” البَقَرَة.
كَذَلِكَ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ أَيْضًا:
“وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَٰجًۭا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍۢ وَعَشْرًۭا ۖ..﴿٢٣٤﴾” البَقَرَة.
“لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍۢ ۖ..﴿٢٢٦﴾” البَقَرَة.
فَالتَّرَبُّصُ هُوَ هُوَ فِى الأَيَاتِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَت ظُرُوفُ اسْتِغْرَاقِهِ بِحَسَبِ الحَالَةِ، عَنْهُ فِى الطَّلاَقِ عَنِ الوَفَاةِ وَالإِيِلاَءِ؛ إِذْ الأَوَّلُ يُوجَدُ فِيِهِ الزَّوْجُ (إِفْتِرَاضًا) مَعَ زَوْجِهِ فِى بَيْتٍ وَاحِدٍ، عَكْسُ الأَخِيِرِ، تُوجَدُ الزَّوْجَةُ فِيِهِ وَحْدَهَا، بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجٍ، أوْ هَجْرٍ، وَلِكُلٍّ مُقْتَضَاهُ كَمَا سَيَلِى.
.