أَخْطَاءٌ شحرور فِى القَصَصِ القُرْءَانِىِّ – ءَادَمُ (3)

ثُمَّ يقول الأستاذ شَحرور ص: 15:

“ظهرت الصلاة مثلاً لأول مرة عند إبراهيم (ع) واختلفت حسب المِلل المختلفة”.

ولا أدري مِن أين لَهُ مِثل هَذِهِ الجراءة الَّتي سَمَحَت لَهُ أن يَقول في كِتابِ اللهِ مَا لَيْسَ بِحَقٍّ، وَلَيسَ بِنَصٍّ، وَيَنْزع صِفة المُصَلّين عَن “ءادم، وَعَن ذُرِّيَة ءادم، وَعَن نُوحٍ، وعَن المُؤمنين مَع نُوح”، بِعَكسِ ما قالَهُ اللهُ تعالي عَنهُم، وَنَصَّ عَلَيِّهِ في كِتابِهِ؟!

لِماذَا لا يَتَأنَّى الأستاذ شَحرور، ويَدرس الكِتابَ جَيِّدًا قَبل أن يُدلي بِمثلِ هَذِهِ التَصريحاتِ الغَلَط، والخَطيرة بِنَفسِ الوَقتِ، عَليهِ وَعلي مَن سيقولُ بِها بعد (تَقْليدًا)؟!!

.ألَم يَقرأ الدُكتور شَحرور قول اللهِ تعالي:

“أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)” مريم.

ألا تَكفي هَذِهِ الأية وَحدها في وَقف مِثلِ هَذَا الخَوض في الكِتاب دون تَهَيّبٍ أو عِلم؟!

ألَم يَفْهَم الأستاذ شحرور مِن الأية ـ كَما يَفْهَمُ مِنْها العابِر ـ أنَّ الحفاظ علي الصلاة كان حادِثًا ووَاقِعًا في ذريّةِ ءادم، ومَن كانوا مَع نُوح، إلي ذُرِّيةِ إسْرَائِيل، ثُمَّ خَلَفَ اللهُ مِن بَعْدِهِم خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَة؟!!!

ثُمَّ؛ ألَم يَقرأ الأستاذ شحرور في أوَّل الكِتابِ أنَّ المُتَّقِين هُم الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقَهُمْ اللهُ يُنفِقُونَ؟!

وَألَمْ يَقْرَأ في نِهايةِ الكِتابِ أنَّ دِينَ القَيِّمَةِ هُوَ أن يَعْبُد الْناسُ رَبَّهُم مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ؟!!

ألَم يَذْكر الله تعالي صِفات المؤمنين فقال ـ مَثَلاً ـ:

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)” الأنفال.

ثُمَّ ألَم يَقُل الله تعالي لموسى: “فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي”؟!

مَن نَبَّأَ الدكتور بِمِثل هَذَا لِيَتَفَوَّهَ بِهِ؟!!!

ثُمَّ ألَم يَقرأ الأستاذ شحرور قولُهُ تعالي:

“وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)” التوبة.

الَّذي يُبَيِّنُ أنَّ المؤمنين وَالمُؤمِنات مِن أوَّل الدُنيا إلي نِهايتِها يأمرون بالمعروفِ ويَنهَون عن المُنْكَر وَيُقِيمون الصَلاَةَ وَيُؤتُونَ الزَكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُوله، ومثواهُم جَنَّات عَدْن؟!!

.ويقول الأستاذ شَحرور ص: 33:

“ومن العجيب أن التنزيل حاول أن يصحح حالة عدم الاكتراث التى طبعت موقف العرب تجاه الديانات الكتابية”!!!

وَهُوَ خَطَأ لَيسَ بِالهَيِّن، إذ المَعروف جَيِّدًا لأي وافِدٍ علي القُرءان (فَضْلاً عَن الدَارس) أنَّ العَرَب لَم يكونوا مُخَاطبين بالرسالات السابِقة لِكَيّ يَكْتَرِثوا بِها مِن عَدَمِه، وَإلاَّ فَليقل لي حَضرتُهُ أين هُوَ مِن قول اللهِ تعالي: “وَمَا آَتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44)” سبأ.

هَل يُريد الأستاذ شَحرور مِمَّن سماهم بالعَرَب أن يكتَرِثوا بِكُتبٍ لَم يُؤتَوهَا أصلاً، وَإلاَّ فَإنَّ الأمر قَدْ احتاج ـ بزَعْمِهِ ـ إلي إنهاء حالةِ عَدَم الاكْتراثِ هَذِهِ؟!

ماذا يُريد الدكتور أوضَح مِن ذَلِك حتى لا يُضِيف لأفكار مَن يَثِقُونَ بِهِ مِثْلَ هَذِهِ الأخطاء الَّتي تأتي بعكس القرءان علي خَطٍّ مُسْتَقيم.

وأينَ هُوَ مِن قول اللهِ تعالى: “. . لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46)” القصص.

وأينَ هُوَ مِن قول اللهِ تعالى: “. . لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (3)” السجدة.

وأينَ هُوَ مِن قول اللهِ تعالى عَن عيسى عليهِ السلام: “وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ . . (49)” ءال عمران.

وأينَ هُوَ مِن قول اللهِ تعالى: “وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ . . (6)” الصف.

فهل تَعني “إِلَيْكُمْ” عِنْدَهُ شَيئًا؟!

وَهَل كان عِيسى رسول إلي غير بَني إسْرَائيل؟!

وأينَ هُوَ مِن قول اللهِ تعالى: “وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (53)” غافر.

أفلا تَنصّ الأية علي اختصاص بني إسرَائيل بورثِ الكِتاب؟!

ألَم يَقُل الله تعالي للرسول: “. .مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ (52)” الشورى، الَّذي يَنصّ علي أنَّ الرسول نَفسَهُ لَم يكن يدري شَيئًا عَن هَذِهِ الكُتُب السابقة، ما يدلّ علي وُجود حائلٍ جُغرافيّ أو لِسانيّ، بِحَيثُ تَنتفي فِكرة عَدم الاكتراثِ هَذِهِ؟!!

لَن أستَطرِد، فأية واحدةٍ كَقولِهِ تعالي: “وَمَا آَتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ”، كانت لِتَكفي، لَو التزم الأستاذ شَحرور بالنصوص، بَدَلاً مِن الإضافِةِ مِن عِندياتِهِ.

.ثُمَّ يَبني الأستاذ شَحرور عَلي ما سَلَف ما هُوَ أغرب وأكْثَر خطأ مِنهُ فيقول مُكَمِّلاً؛ “وَلِذَلِك ..”:

“ومن العجيب أن التنزيل حاول أن يصحح حالة عدم الاكتراث التى طبعت موقف العرب تجاه الديانات الكتابية وحاول أن يملأ الفراغ المعرفي باسترجاع نقدي للموروث الكتابي. ولذلك نجده، أي التنزيل، يعج بالسجالات المعرفية مع أهل الكتاب حيث يستخدم في حديثه عنهم وحواره المباشر معهم خطابًا من نوع آخر يختلف عن الخطاب الذي كان يستخدمه مع أبي جهل وأبي لهب. لذلك جاءت مستويات بنية الخطاب على غير نمط واحد وذلك لأنه كان هنالك اختلاف في المستوي المعرفي عند المتلقين من عرب كتابيين وعرب غير كتابيين”.

فما هِيَ العِلاقة بَينَ ما قَبل “لذلك”، وما بَعْدَها؟!!

ثُمَّ نأتي لِما بَعْدَها؛ فَنَجِد أنَّ الأستاذ شَحرور يُرْجِع الاختلاف بَين نَوعِيِّةِ الخِطابِ القُرْءَاني مَع أهل الكِتاب، وَبَينَهُ مَع الكُفَّار إلي الاخْتِلاَفِ في المستوي المَعْرفي عند المتلقين من عَرَبٍ كِتَابيين وَعَرَبٍ غَيْر كِتَابيين!!!

تخيلوا . . . الله تعالي يقول لأبي لَهَب: “تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ”، لأنَّ سَقفهَ المَعْرفي قليل، وَيَقولُ لأهل الكِتاب: “قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ . .”، لأنَّ سَقفهُم المَعْرفي مُرْتَفِع!!

الأغرَب مِمَّا سَبَق هُوَ أنَّ الأستاذ شَحرور يَعتَبِر أنَّ قول اللهِ تعالي: “تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ”، هُوَ خِطاب لأبي لَهَب، وأيضًا هُناك خِطاب لأبي جَهل، وهُناكَ عَرَب كِتَابيين وَعَرَبٍ غَيْر كِتَابيين؟!

اللهُ المُسْتَعان عَلي ما يَقُولون.

إنَّ مُسْتَوى هَذِهِ الكِتابات أَقَلّ بكثيرٍ مِن المُنْتَظَر مِن الأستاذ شَحرور، أو أي مُشتَغل بِتَدَبّر كِتابِ الله، وَقَد يجوزُ مِثل هَذَا التَهَوّر في تناولِ كِتابِ اللهِ مِن مُبْتَديء لا يَعْلَم عاقِبة الأمُور، ولِذَا فَإنَّني أعْتَقِد أنّ الأستاذ سَيَقومُ بالتراجُع، حالَما وَصَلَتهُ هَذِهِ الأيات، وَهُوَ ما أنتظِرُهُ مِنهُ لِما سَمِعْتَهُ عَنهُ مِن شجاعةٍ أدبيّةٍ، وَحُسن خُلُق.

وَلِلْحَديثِ بَقِيِّة.

تحرر ونُشر فى 30 يوليو، 2014 الساعة 13:29

رابط المقال القديم – اضغط للانتقال

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x