النِّسَآء 3 . ◄ عَرِفْنَا فِى المَقَالِ السَّابِقِ، أنَّهُ عِنْدَمَا تَحِيضُ اليَتِيمَةُ، فَتَكُونُ بِذَلِكَ قَدْ بَلَغَتَ النِّكَاحَ، وَأصْبَحَت مِنَ النِّسَآءِ، وَإنْ لَمْ تُغَادِرَ اليُتْمِ؛ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: “..وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِى ٱلْكِتَـٰبِ فِى يَتَـٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّـٰتِى لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ…﴿١٢٧﴾“النِّسَآء. “وَٱبْتَلُوا ٱلْيَتَـٰمَىٰ حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغُوا ٱلنِّكَاحَ فَإِنْ ءَانَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَٱدْفَعُوٓا إِلَيْهِمْ أَمْوَٰلَهُمْ ۖ…﴿٦﴾“النِّسَآء. ● وَهِىَ هُنَا ـ طِبْقًا لِنَصِّ الأَيَةِ ـ بَيْنَ وَاحِدَةٍ مِنَ اثْنَتَيْنِ؛ إمَّا أنْ يُؤْنَسُ مِنْهَا رُشْدٌ، وَإمَّا أنْ لاَ يُؤْنَسُ مِنْهَا. فَإنْ أُنِسَ مِنْهَا رُشْدٌ، فَقَدْ غَادَرَت اليُتْمِ، وَلاَبُدَّ مِن إتْيَانِهَا مَا كَتَبَ اللهُ لَهَا مِن أمْوَالِهَا المَحْفُوظَةِ بِاسْمِهَا، وَإنْ لَمْ يُؤْنَسُ مِنْهَا رُشْدٌ فَلَنْ تُؤْتَ مَا كَتَبَ اللهُ لَهَا مِن أمْوَالِهَا إلَى أنْ يُؤْنَسَ مِنْهَا ذَلِكَ، وَسَتَظَلُّ مَعْدُودَةً فِى اليَتَامِى، وَإنْ صَارَت مِنَ النِّسَآءِ. وَهُنَا فَهِىَ أيْضًا بَيْنَ وَاحِدَةٍ مِنَ اثْنَتَيْنِ؛ فَإمَّا أنْ يُرْغَبَ فِى نِكَاحِهَا، أوْ لاَ يُرْغَبُ، فَإنْ لَمْ يُرْغَبُ فَلاَ إشْكَالَ، وَإنْ رُغِبَ فِى نِكَاحِهَا؛ فَهِىَ بَيْنَ وَاحِدَةٍ مِنَ اثْنَتَيْنِ؛ فَإمَّا أنْ يَرْغَبَ ذَلِكَ مَنْ هُوَ مُؤْتَمَنٌ عَلَى أمْوَالِهَا، أوْ يَكُونَ غَيْرُهُ، فَإنْ كَانَ غَيْرُهُ فَلاَ إشْكَالَ، وَإنْ كَانَ هُوَ المُؤْتَمَنُ؛ فَهُوَ بَيْنَ وَاحِدَةٍ مِنَ اثْنَتَيْنِ؛ فَإمَّا أنْ يَخَافَ إنْ هُوَ نَكَحَهَا أنْ لاَ يُقْسِطَ فِى حَقِّ هَذِهِ اليَتِيمَةِ مِنَ النِّسَآءِ، وَإمَّا أنْ لاَ يَخَافَ. فَإنْ كَانَ مِنْ مَنْ لاَ يَخَافُونَ ذَلِكَ؛ فَلاَ إشْكَالَ، وَإنْ كَانَ مِنْ مَنْ يَخَافُونَ ألاَّ يُقْسِطُوا؛ فَقَدْ نَصَحَهُ اللهُ تَعَالَى بَأنْ يَنْكِحَ غَيْرَهَا لاَ سِيَّمَا أنَّ فِى الأَمْرِ مُتَّسَعٌ لأَن يَنْكِحَ مَثْنَى، وَثُلاَثَ، وَرُبَاعَ، فَقَالَ مَنْ لَهُ وَحْدَهُ أسْجُدُ: “وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ فَٱنكِحُوامَا طَابَ لَكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَـٰعَ ۖ…﴿٣﴾“النِّسَآء. ● فَقَوْلُهُ تَعَالَى هُنَا: “وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ“، يُقْصَدُ فِيِهِ بِاليَتَامَى؛ يَتَامَى النِّسَآءِ، الَّوَاتِى بَلَغْنَ النِّكَاحَ، وَلَمْ يُؤْنَسُ مِنْهُنَّ رُشْدٌ بَعْدُ، وَيَرْغَبُ مَنْ يَحْفَظُ مَالَ إحْدَاهُنَّ أنْ يِنْكِحَهَا. فَإنْ خَافَ ألاَّ يُقْسِطُ فِيِهَا لاِخْتِلاَطِ الحَالِ بَيْنَ أنْ تَصِيِرَ زَوْجَهُ، وَهُوَ القَيِّمُ عَلَى أمْوَالِهَا، فَلَهُ مُتَّسَعٌ فِى الأُخْرَيَاتِ، مَثْنَى، وَثُلاَثَ، وَرُبَاع .
” وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ” 186 البقرة
” لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ” 256 البقرة
” سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ ” 146 الأعراف
” قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ” 66 الكهف
” وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ ” 51 الأنبياء
” قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا 1 يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ” 2 الجن
فما هو الرُشد وكيف يؤنس رشد اليتيمة ومن الذى يحدد هذا؟
الرُّشْدُ بُلُوغُ العَقْلِ مَبْلَغ الكَمَالِ، وَيُعْرَفُ مِنْ سُلُوكِ الفَرْدِ. فَعِنْدَمَا يَزِنُ الأُمُورَ وَزْنًا جَيِّدًا وَيَحْكُمُ حُكْمًا صَوَابًا فَهُوَ رَاشِدٌ.