.
.
مَعْنَى ءَايَة 50/ 51 مِنَ سُورَةِ الأَنْفَالِ
“وَلَوْ تَرَىٰٓ إِذْ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُوا ۙ ٱلْمَلَـٰٓئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَـٰرَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ ﴿٥٠﴾ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّـٰمٍۢ لِّلْعَبِيدِ ﴿٥١﴾“.
.
وَلَوْ تَرَىٰٓ:
“وَلَوْ تَرَىٰٓ” هِىَ عِبَارَةٌ تَكَرَّرَت بِالكِتَابِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، كُلُّهَاعَنْ مَوَاقِفٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ مَوَاقِفِ يَوْم القِيَامَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ:
1 ـ “وَلَوْ تَرَىٰٓ إِذْ وُقِفُوا عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُوا يَـٰلَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِـَٔايَـٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴿٢٧﴾” الأَنْعَام.
2 ـ “وَلَوْ تَرَىٰٓ إِذْ وُقِفُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ ۚ قَالَ أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقِّ ۚ قَالُوا بَلَىٰ وَرَبِّنَا ۚ قَالَ فَذُوقُوا ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ﴿٣٠﴾” الأَنْعَام.
3 ـ “وَلَوْ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِى غَمَرَٰتِ ٱلْمَوْتِ وَٱلْمَلَـٰٓئِكَةُ بَاسِطُوٓا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوٓا أَنفُسَكُمُ ۖ ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ ءَايَـٰتِهِۦ تَسْتَكْبِرُونَ ﴿٩٣﴾” الأَنْعَام.
4 ـ “وَلَوْ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَـٰلِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ﴿١٢﴾” السَّجْدَة.
5 ـ “وَلَوْ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلظَّـٰلِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ ٱلْقَوْلَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوا لَوْلَآ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ﴿٣١﴾” سَبَأ.
6 ـ “وَلَوْ تَرَىٰٓ إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍۢ قَرِيبٍۢ ﴿٥١﴾” سَبَأ.
والسَّابِعَةُ هِىَ مَحَلُّ الدِّرَاسَةِ.
.
⛔ يَتَوَفَّى: التَّوَفِى مِنَ الوَفْىِّ، وَهُوَ التَّمَامُ، وَالوَفَآءُ، وَالاسْتِيِفَآءُ، وَهُوَ الاسْتِكْمَالُ.
أَوْفُوا/ أُوفِ/ أُوفِى/ أَوْفَىٰ/ نُوَفِّ/ المُوفُون/ تَتَوَفَّىٰهُمُ/ تَوَفَّتْهُ/ تَوَفَّتْهُمُ/ تَوَفَّيْتَنِى/ تَوَفَّىٰهُمُ/ تُوَفَّىٰ/ تَوَفَّنِى/ تَوَفَّنَا/ تُوَفَّوْنَ/ يَتَوَفَّى/ يُتَوَفَّىٰ/ لَيُوَفِّيَنَّهُمْ/ لَمُوَفُّوهُمْ/ لْيُوفُوا/ لِيُوَفِّيَهُمْ/ مُتَوَفِّيِكَ/ نَتَوَفَّيَنَّكَ/ وَفَّىٰٓ/ وُفِّيَت/ وَفَّىٰهُ/ يُتَوَفَّوْنَ/ يَتَوَفَّى/ يُتَوَفَّى/ يَسْتَوْفُونَ/ يُوَفَّ/ يُوَفَّى/ يُوَفِّيِهِم/ يَتَوَفَّىٰهُنَّ/ يَتَوَفَّىٰكُم/ يَتَوَفَّوْنَهُم/ يُوفُونَ/
⛔ وَيُقَالُ: وَفَّى بِعَهْدِى إِذَا أَتَّمَّ مَا عَاهَدَنِى عَلَيْهِ: “وَأَوْفُوا بِعَهْدِىٓ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ “. والوَفَآءُ بِالكَيْلِ تَمَامُهُ، وَهَكَذَا.
فَالتَّمَامُ وَفَآءٌ. وَالتَّوَفِّى فِى الدُّنْيَا أَىْ: اسْتِكْمَالُ عُمْرٍ، وَاسْتِحْقَاقُ مَوْتٍ. وَتُوفِىَّ المَيِّتُ أَىْ: اسْتَوْفَى مُدَّتَهُ الَّتِى وُفِّيَت لَهُ، بِاليَوْمِ وَالسَّاعَةِ. وَاللهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا أَىْ: يَسْتَوْفِى الأَنْفُسَ بَعْدَ أَنْ اسْتَوْفَت عُمْرَهَا أَوْ أَجَلَهَا فِى الدُّنْيَا.
وَتَأَتِى الوّفَاةُ فِى القُرْءَانِ بِهَذَا المَعْنَى “الاسْتِيِفَآءِ”، وَمِنْ ذَلِكَ:
1 ـ التَّوَفِى بِمَعْنَى اسْتِيفَآءِ الأَنْفُسِ عِنْدَ المَوْتِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
“ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا. .﴿٤٢﴾“الزمر.
2 ـ التَّوَفِى بِمَعْنَى اسْتِيفَآءِ الأَنْفُسِ عِنْدَ النَّوْمِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
“ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَٱلَّتِى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِهَا ۖ..﴿٤٢﴾” الزمر.
3 ـ التَّوَفِى بِمَعْنَى اسْتِيفَآءِ النَّفْسِ مَعَ أَنْفُسٍ أُخْرَى (عَالِيَةُ المَنْزِلَةِ)، لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَهُوَ يَنْقُلُ قَوْلَ أُولِى الأَلْبَابِ:
“رَّبَّنَآ إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِى لِلْإِيمَـٰنِ أَنْ ءَ امِنُوا بِرَبِّكُمْ فَـَٔامَنَّا ۚ رَبَّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّـَٔاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلْأَبْرَارِ ﴿١٩٣﴾” ءَالَ عِمْرَان.
وَهُوَ بِمَعْنَى اللَّهُمَّ اسْتَوْفِنَا مَعَ الأَبْرَارِ بِغُفْرَانِكَ لَنَا، وَبِرَحْمَتِكَ إِيَّانَا.
4 ـ التَّوَفِى بِمَعْنَى اسْتِيفَآءِ الجَزَاءِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى بِسُورَةِ النَّحْلِ:
“۞ يَوْمَ تَأْتِى كُلُّ نَفْسٍۢ تُجَـٰدِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍۢ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴿١١١﴾“.
5 ـ التَّوَفِى بِمَعْنَى اسْتِيفَآءِ أَهْلِ النَّارِ لِلنَّارِ وَأَهْلِ الجَنَّةِ لِلجَنَّةِ، كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ فِى الأَيَةِ مَحَلّ الدِّرَاسَةِ:
“وَلَوْ تَرَىٰٓ إِذْ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُوا ۙ ٱلْمَلَـٰٓئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَـٰرَهُمْ …” الأَنْفَالِ.
.
يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَـٰرَهُمْ: وَهُوَ ضَرْبٌ عَلَى الحَقِيقَةِ. وَوَرَدَ فِى القُرْءَان بِمَوْضِعَيْنِ خَاصَّيْنِ بِيَوْمِ القِيَامَةِ عِنْدَ تَوَفِّى الكُفْاَرِ لِلنَّارِ:
هَذِهِ الأَيَةُ إِحْدَاهُمَا، وَالثَّانِى بِسُورَةِ مُحَمَّد؛ “فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ ٱلْمَلَـٰٓئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَـٰرَهُمْ ﴿٢٧﴾“. وَسَتَأتِى مَشْرُوحَةً.
.
عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ: وَعَذَابُ الحَرِيِقِ هُوَ عَذَابٌ خَاصٌّ بِالعَبِيِدِ، وَيَكُونُ يَوْمَ القِيَامَةِ.
وَالعَبِيِدُ هِىَ كَلِمَةٌ جَآءَت خَمْس مَرَّاتٍ بِكِتَابِ اللهِ لِتَتَنَاوَلَ المُجْرِمِيِنَ وَالأَثِمِيِنَ مِنْ رُؤُوسِ الكُفْرِ، وَدُعَاةِ التَّبْدِيِلِ، وَمُضِلِّى النَّاسِ، وَلِذَا؛ فَهُم أَصْحَابُ الدَركِ الأَسْفَلِ مِنْ جَهَنَّمَ وَالعِيَاذُ بِاللهِ، واخْتُصُّوا بِعَذَابٍ مُخْتَلِفٍ عَنْ غَيْرِهِم، وَهُوَ عَذَابُ الحَرِيِقِ.
وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
“لَهُۥ فِى ٱلدُّنْيَا خِزْىٌۭ ۖ وَنُذِيقُهُۥ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ ﴿٩﴾“الحَجّ.
“كُلَّمَآ أَرَادُوٓا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ ﴿٢٢﴾” الحَجّ.
.
ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ:
فَهُوَ جَزَآءٌ لَهُم عَلَى مَا قَدَّمُوهُ لأَنْفُسِهِم مِنْ سُوءٍ.
فَيَكُونُ المَعْنَى الكَامِلَ لِلأَيَةِ هُوَ:
وَلَوْ تَرَى يَا مُحَمَّد (أَنْتَ وَالمُؤْمِنُونَ) هَذَا المَشْهَدَ مِنْ مَشَاهِدِ الأَخِرَةِ وَالمَلَائِكَةُ تَتَوَفَّى الكُفَّارَ إِلَى جَهَنَّمَ، تَضْرِبُ وُجُوهَهُم وَأَدْبَارَهُم ـ وَالعِيَاذُ بِاللَّهِ ـ وَيَقُولُونَ لَهُم: ذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيقِ بِمَا ظَلَمْتُم أَنْفُسَكُم، وَقَدَّمْتُم لَهَا.
وَلِلحَدِيِثِ بَقِيَّةٌ .
.
لم تذكر : هذا الحريق فى القبر أم عند قيام الســــــاعة ؟
ابحث بنفسك