التَّرَفُ وَالمُتْرَفُون 2

 

قُلْنَا إِنَّ لَفْظَ التَّرَفِ جَآءَ بِكِتَابِ اللهِ بِمُشْتَقَّاتِهِ ثَمَانِيَةُ مَرَّاتٍ، كُلُّهَا تَتَحَدَّثُ عَنْ فِئَةٍ مِنَ النَّاسِ لَهَا صِفَاتٌ وَاحِدَةٌ، تَتَكَامَلُ لِتُنْتِجَ شَخْصَ المُتْرَفِ، وَهَذِهِ الصِّفَاتُ كَالتَّالِى:

1 ـ الكُفْرُ بِالرُسُلِ.

2 ـ الاغْتِرَارُ بِمَا أعْطَاهُ اللهُ لَهُم.

3 ـ اسْتِغْنَائُهُم عَنْ اللهِ.

4 ـ النُّكُوصُ عَنْ كِتَابِ اللهِ وَهَجْرِهِ.

5 ـ التَسَلُّفُ.

6 ـ كُرْهُ الحَقِّ.

7 ـ فَسَادُ المَنْطِقِ.

8 ـ الضَّلاَلُ.

9 ـ الطُّغْيَانُ.

10 ـ الاسْتِكْبَارُ.

وَلِلبَيَانِ:

.

1 ـ الكُفْرُ بِالرُسُلِ:

فَالكَافِرُ بِأىّ رَسُولٍ مِن رُسُلِ اللهِ مُتْرَفٌ، وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى:

وَمَآ أَرْسَلْنَا فِى قَرْيَةٍۢ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُم بِهِۦ كَـٰفِرُونَ﴿٣٤﴾سبأ (1).

وَمَا شَجَّعَهُم عَلَى هَذَا الكُفْرِ إلاَّ مَا خَوَّلَهُم اللهُ إيَّاهُم مِن رِزْقٍ وَنِعْمَةٍ، وَهُوَ مَا يَنْقِلُنَا إِلَى الصِفَةِ التَالِيَةِ:

.

2 ـ الاغْتِرَارُ بِمَا أعْطَاهُ اللهُ لَهُم:

المُغْتَرُّ بِمَا أعْطَاهُ اللهُ لَهُ مُتْرَفٌ، وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى (تَكْمِلَةً لِلأَيَةِ السَابِقَةِ):

وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَ‌ٰلًا وَأَوْلَـٰدًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴿٣٥﴾ قُلْ إِنَّ رَبِّى يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٣٦﴾ وَمَآ أَمْوَ‌ٰلُكُمْ وَلَآ أَوْلَـٰدُكُم بِٱلَّتِى تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰٓ إِلَّا مَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحًا فَأُولَـٰٓئِكَ لَهُمْ جَزَآءُ ٱلضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِى ٱلْغُرُفَـٰتِ ءَامِنُونَ ﴿٣٧﴾سبأ.

وَهَكَذَا هَلَكَ المُتْرَفُونَ بَعْدَ أنْ اغْتَرُّوا بِنِعَمِ اللهِ عَلَيْهِم، وَظَنُّوا أنّهُم لَمْ يَعُودُوا بِحَاجَةٍ إلَى رَبِّهِم، فَاسْتَغْنَوْا وَطَغُوا، وَهُوَ مَا يَنْقِلُنَا إِلَى الصِفَةِ التَالِيَةِ:

.

3 ـ اسْتِغْنَائُهُم عَنْ اللهِ:

وَهُوَ مَا ظَهَرَ مِنْ الأَيَاتِ السَّابِقَةِ، وَيَزِيِدُهُ ظُهُورًا قَوْلُهُ تَعَالَى فِيهِم:

كَلَّآ إِنَّ ٱلْإِنسَـٰنَ لَيَطْغَىٰٓ﴿٦﴾ أَن رَّءَاهُ ٱسْتَغْنَىٰٓ﴿٧﴾العلق.

وَبِالتَالِى فَإِنَّ مَنْ يَكْفُر بِالرُسُلِ، مُغْتَرًا بِمَا أعْطَاهُ اللهُ لَهُ، وَمُسْتَغْنٍى بِهِ عَمَّن أعْطَاهُ إيَّاهُ، وَمُنْكِرًا أَنْ يُعَذَّبَ، فَلاَ بُدّ وَأَنْ يَنْكُصُ عَنْ كِتَابِ اللهِ، وَهُوَ مَا يَنْقِلُنَا إِلَى الصِفَةِ التَالِيَةِ:

.

4 ـ النُّكُوصُ عَنْ كِتَابِ اللهِ وَهَجْرِهِ:

فَالهَاجِرُ لِكِتَابِ اللهِ مُتْرَفٌ، وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى:

حَتَّىٰٓ إِذَآ أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِٱلْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْـَٔرُونَ ﴿٦٤﴾ لَا تَجْـَٔرُوا ٱلْيَوْمَ ۖ إِنَّكُم مِّنَّا لَا تُنصَرُونَ ﴿٦٥﴾ قَدْ كَانَتْ ءَايَـٰتِى تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَىٰٓ أَعْقَـٰبِكُمْ تَنكِصُونَ﴿٦٦﴾مُسْتَكْبِرِينَ بِهِۦ سَـٰمِرًا تَهْجُرُونَ﴿٦٧﴾ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا ٱلْقَوْلَ أَمْ جَآءَهُم مَّا لَمْ يَأْتِ ءَابَآءَهُمُ ٱلْأَوَّلِينَ﴿٦٨﴾المؤمنون.

وَذَلِكَ بَعْدَ أنْ كَفَرَ المُتْرَفُونَ الأبَاءُ (الَّذِينَ يُشَكِّلُونَ الطَاغُوتَ) بِالرِسَالَةِ، وَوَضَعُوا البَدِيلَ الَّذِى ارتَضَاهُ الخَلَفُ كَبَدِيلٍ لِكِتَابِ اللهِ:

وَمَآ أَرْسَلْنَا فِى قَرْيَةٍۢ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُم بِهِۦكَـٰفِرُونَ﴿٣٤﴾سبأ.

يَتَبَع .

هَامِش:ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ سَبَقَ وَأَنْ بَيَّنْتَ أنَّ القَرْيَةَ فِي القُرْءَانِ هِيَ المَدِينَةُ الكُبِيْرَةُ، الَّتِي تُمَاثِلُ المَمْلَكَةَ، أَوْ الإِمْبِرَاطُورِيَةَ عِنْدَنَا، وَهِىَ الّتي يُرْسلُ فيها الرُسُلُ، ويطمعُ فِيهَا المُلوكُ.

.

تَحَرَّرَ فِى صَبَاحِ يَوْمِ الجُمُعَة 14/11/2014 سعة 3.02 ص

التَّعْلِيَقَاتُ مَفْتُوحَةٌ فِى المَقَالِ الأَخِيِر بَعْد اكْتِمَالِ المَوْضُوعِ

المَقَالُ السَّابِقُ

المَقَالُ التَّالِى