◄ يَقَولُ الهُدْهُدُ لِسُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ:
“..أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِۦ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍۭ بِنَبَإٍۢ يَقِينٍ ﴿٢٢﴾ إِنِّى وَجَدتُّ ٱمْرَأَةًۭ تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَىْءٍۢ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌۭ ﴿٢٣﴾ وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ أَعْمَـٰلَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ﴿٢٤﴾ أَلَّا يَسْجُدُوا۟ لِلَّهِ ٱلَّذِى يُخْرِجُ ٱلْخَبْءَ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴿٢٥﴾ ٱللَّهُ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ ۩ ﴿٢٦﴾ ۞ قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ ﴿٢٧﴾” النَّمْل.
● إِنَّ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى بِحَشْرِ الوُحُوشِ، لَمْ يَأتِى عَبَثًا، وَكَذَلِكَ فَإِنَّ قِصَّةَ الهُدْهُدِ هُنَا لَمْ تُذْكَرُ عَلَى سَبِيِلِ التَّسْلِيَةِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ اللهُ سُبْحَانَهُ أنْ يَلْفِتَ انْتِبَاهَنَا إِلَى:
1 ـ أَنَّ الكَوْنَ كُلَّهُ بِمَخْلُوقَاتِهِ هُوَ كَوْنٌ يَلِيِقُ بِحَقِيِقَةِ أَنَّهُ خَلْقُ اللهِ القَائِلِ عَنْ نَفْسِهِ:
“ ٱلَّذِىٓ أَحْسَنَ كُلَّ شَىْءٍ خَلَقَهُۥ ۖ ..(7)” السَجْدَة.
“..صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِىٓ أَتْقَنَ كُلَّ شَىْءٍ ۚ..(88)” النَّمْل.
2 ـ أنَّ المَخْلُوقَاتِ عِنْدَمَا صُوِّرَت وَرُكِّبَت فِى هَذِهِ الدُّنْيَا لَمْ يَكُن هَذَا التَّصْويِرِ وَالتَّرْكِيِبِ هُوَ مَا كَانَت عَلَيْهِ فَى عَالَمِ الوُجُودِ، القَدِيِمِ، الأَوَّلِ، وَإِنَّمَا صُوِّرَت وَرُكِّبَت هَكَذَا عَلَى مَا هِىَ عَلَيْهِ لِتُكْمِلَ صُورَةِ مَا عَلَيْهِ الدُّنْيَا كَمَا نَعْرِفُهَا. وَهَذَا التَّصْوِيِرُ وَالتَّرْكِيِبُ يَجْمَعُ فِيِمَا يِجْمَعُ بَيْنَ جَانِبَيْنِ:
ـ أَحَدُهُمَا هُوَ جَانِبُ الحَقِيِقَةِ، وَالجَوْهَرِ. وَهُوَ الجَانِبُ المُدْرِكُ لِمِيِتَفِزْيَآءِ الوُجُودِ، الجَامِعُ لِلصِّفَاتِ الحَقِيِقِيَّةِ لِلمَخْلُوقِ، وَهُوَ جَانِبٌ لاَ يَتَدَخَّلُ فِى مُجْرَيَاتِ وَمُقْتَضَيَاتِ الجَانِبِ الأَخَرِ الطَّارِئِ. وَجَانِبُ الحَقِيِقَةِ هَذَا هُوَ الجَانِبُ الَّذِى عِنْدَمَا تَمَّ تَحْرِيِرَهُ لِلمَخْلُوقَاتِ فِى مُلْكِ سُلِيْمَانَ وَجَدْنَا بِهِ الهُدْهُدَ المُؤْمِنَ الفَيْلَسُوفَ، الحَكِيِمَ، الَّذِى رَاحَ يُقَيِّمُ تَصَرُّفَاتِ البَشَرِ، وَيَنْقُدُهَا، وَوَجَدْنَا ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَالأَرْضَ وَالجِبَالَ الَّذِيِنَ حَنِقُوا عَلَى البَشَرِ لِقَوْلِهِم بِاتِّخَاذِ الرَّحْمَانِ وَلَدًا، وَكَادَت السَّمَوَاتُ أنْ يَتَفَطَّرْنَ، وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ، وَتَخِرُّ الجِبَالُ هَدًّا،.. وَهَكَذَا.
ـ وَالأَخَرُ هُوَ جَانِبُ الخِلْقَةِ الطَارِىءِ، وَالمُؤَقَّتِ، فِى هَذَا الوُجُودِ المُؤَقَّتِ أيَضًا، الَّذِى تَتَصَوَّرُ بِهِ وَتَتَشَكَّلُ المَخْلُوقَاتِ. وَهُوَ الجَانِبُ الَّذِى يُبْقِى المَخْلُوقَاتِ عَلَى مَا هِىَ عَلَيْهِ مِنْ خِلْقَةٍ، بِمَا فِيِهَا مِنْ صُورَةٍ، وَطِبَاعٍ، وَغَرَائِزٍ، . . الخ!!
● لَقَدْ نَشَأنَا كُلُّنَا عَلَي أَنَّ الكَائِنَاتِ الَّتِي تَسْتَطِيعُ التَّفَكُّرَ وَالتَعَقُّلَ هِيَّ المَلاَئِكَةُ، وَالجِنُّ، وَالإِنْسُ، وَبِذَلِكَ خَرَجَ مِن مَسْأَلَةِ العَقْلِ وَالتَّفَكُّرِ وَالحَيَاةِ بَقِيَّةُ المَخْلُوقَاتِ، وَهَذَا خَطَأٌ جَسِيِمٌ، وَبِخِلاَفِ مَا أعْلَمَنَا اللهُ تَعَالَى بِهِ فِى كِتَابِهِ الكَريِمِ، كَمَا سَيَلِى.
وَلِلحَدِيِثِ بَقِيَّةٌ . . . .
أين بقية الحديث
مفيش