◄ قُلْنَا أَنَّ سَمِيِر هَادَ إِلَى سَلَفِهِ مِنَ اليَهُودِ، لِيَأخُذَ مِنْهُم بَعْضَ بِضَاعَتِهِم، الَّتِى سَتُسَاهِمُ فِى خِطَّتِهِ الشَّيْطَانِيَّةِ. فَأَخَذَ مِنْهُم مُسَمَّيَاتِ الحُرُوفِ لِيَسْتَعْمِلَهَا فِى كِتَابَاتِهِ، بِحَيْثُ يَلْوِى بِهَا لِسَانَهُ لِيُمَرِّرَ خَرْصَهُ، وَبِنَفْسِ الوَقْتِ سَيُضْفِى عَلَى هَذِهِ الحُرُوفِ حَرَكَاتٍ تَتَنَاسَبُ مَعَ رَغْبَتِهِ فِى الَّغْوِ، مُشْتَقَّةٌ مِنَ التَّسْمِيَةِ اليَهُودِيَّةِ، وَمِنْ هَذِهِ الحَرَكَاتِ المُضَافَةُ إِلَى التَسْمِيَاتِ العِبْرِيَّةِ يَتَبَدَّلُ المَعْنَى لِلكَلِمَةِ، فَالأَيَةِ، وَيَنْتُجُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ءَاخَرَ غَيْرَ الَّذِى قَالَهُ اللهُ تَعَالَى. كَأَنْ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى عَنْ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلاَم: “..فَطَفِقَ مَسْحًۢا بِٱلسُّوقِ وَٱلْأَعْنَاقِ“، فَيَقُولُ سَمِيِر، إِنَّ الفِعْلَ “طَفِقَ” يَعِنْى الانْطِلاَقُ لِلقِيَامِ بِأَعْمَالٍ مِنْ دُونِ دِرَايَةٍ وَخِبْرَةٍ فِيِهَا، وَلاَ فِيِمَا يَنْجُمُ عَنْهَا، وَهُوَ فِعْلُ كُلُّ طِفْلٍ غَرِيِرٍ يَفْعَلُ أَفْعَالَ ٱلسُّوٓءِ:
“فٱلفعل “طفق” يدل على ٱلانطلاق للقيام بأعمال من دون دراية وخبرة فيها ولا فيما ينجم عنها. وهو فعل كل طفل كان قد قام بفعل ثم توجّه ليزيل أثره بعد أن رأى قلبه فيه سوءة. فيقوم بأفعال يأتى بها نقص ٱلدراية وٱلخبرة فتزيد من سوءة فعله ٱلأول“.
.
● فَوَصَلَ بِتَحْرِيِفِهِ وَلَغْوِهِ إِلَى إِفْسَادِ مَعْنَى الفِعْلِ “طَفِقَ”، وَإِلَى شَنءِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلاَم بِمَا لَيْسَ فِيِهِ أَبَدًا مِنْ سَفَاهَةٍ تَلِيِقُ بِهِ هُوَ، كَمَا وَصَلَ مِنْ قَبْل بِسَفَاهَتِهِ إِلَى أَنَّ اللهَ شَرَعَ لِلمَرْأَةِ أَنْ تَجْلِسَ مَعَ المُؤْمِنِيِنَ عَارِيَةً بِلاَ أَى مَلْبَسٍ، وَلِلرَّجُلِ أَنْ يَجْلِسَ مَعَ المُؤْمِنَات عَارِيًا بِلاَ أَى مَلْبَسٍ، وَإِلَى أَنَّ ضَرْبَ المُؤْمِنَاتِ لِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ يَعْنِى أَنْ تَسْكُبَ المُؤْمِنَةُ بَعْضَ الخَمْرِ وَالنَّبِيِذِ عَلَى فَرْجِهَا، وَإِلَى أَنَّ اللهَ أَمِيِرٌ، وَحَاكِمٌ فِيِدْرَالِىٌّ، وَأَنَّنَا أَبْنَاءَهُ، وَهُوَ أَبَانَا، وَأَنَّ لَحْمَ الخِنْزِيِرِ حَلاَلٌ، إِلَى ءَاخِرِ كَذِبِهِ وَخَرْصِهِ وَلَغْوِهِ.
وَعِنْدَمَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى كِتَابَهُ لِلنَّاسِ لِيَكُونَ لَهُم مِنْهُ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا، لَمْ يَتْرُكَهُم بِلاَ هُدَىً فِى دِرَاسَتِهِ، وَإِنَّمَا أَنْزَلَ بِهِ طَرِيِقَةَ دِرَاسَةِ كِتَابِهِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيِهَا بِالطَّبْعِ أَىَّ شَيْءٍ مِنْ أَكَاذِيِبِ سَمِيِر أَوْ شَحْرُورِ أَوْ مَنْ شَابَهَهُم مِنْ نَابِتَةِ سُوءِ هَذَا العَصْرِ، وَإِنَّمَا قَالَ فِيِهِ:
“…وَرَتِّلِ ٱلْقُرْءَانَ تَرْتِيلًا ﴿٤﴾” المُزَّمِّل.
كَمَا حَذَّرَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ، وَالمُؤْمِنُونَ مِنْ بَعْدِهِ مِنَ الظَّنِّ، وَالظُّنُونِ، وَأَمَرَهُم بِالتِزَامِ كِتَابِهِ، فَقَال:
“وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى ٱلْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴿١١٦﴾” الأَنْعَام.