◄ ثَانِيًا : جَهْلُ سَمِيِر بِمَعْنَى كَلِمَة: “خَمْر”:
لاَحَظْنَا فِيِمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ سَمِيِر أَنَّهُ اعْتَبَرَ أَنَّ كَلِمَةَ: “الخُمُر”، هِىَ جَمْعٌ لِلخَمْرِ. وَقَدْ تَنَاوَلْنَا كَلِمَةَ “الخُمُر” فِى المَقَالِ السَّابِقِ، وَفَنَّدْنَا لَهُ جَهْلَهُ فِيِهَا. وَنَحْنُ هُنَا مُسْتَمِرُّونَ فِى كَشْفِ جَهْلِهِ، وَلَكِنْ مِنْ خِلاِلِ تَنَاوُلِ كَلِمَةِ: “الخَمْرِ”، :
.
2/1/2 ـ فَالبَاحِثُ فِى القُرْءَانِ، يَعْلَمُ أَنَّ كَلِمَةَ “الخَمْرَ“ لاُ تُجْمَعُ فِى القُرْءَانِ أَبَدًا، وَهَذِهِ هِىَ كُلُّ مَوَارِدِ الخَمْرِ فِى القُرْءَانِ:
يَقولُ اللهُ سُبْحَانَهُ:
“۞ يَسْـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ ۖ..﴿٢١٩﴾” البَقَرَة.
“إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيْطَـٰنُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ ٱلْعَدَٰوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ فِى ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ..﴿٩١﴾” المَائِدَة.
“…قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّىٓ أَرَىٰنِىٓ أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ..﴿٣٦﴾” يُوسُف.
“يَـٰصَىٰحِبَىِ ٱلسِّجْنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسْقِى رَبَّهُۥ خَمْرًا ۖ…﴿٤١﴾” يُوسُف.
“…وَأَنْهَـٰرٌ مِّنْ خَمْرٍۢ لَّذَّةٍۢ لِّلشَّـٰرِبِينَ..﴿١٥﴾” مُحَمَّد.
● حَتَّى عِنْدَمَا أَتَى اللهُ بِالخَمْرِ مَعَ غَيْرِهَا الَّذِى جَآءَ بِصِيِغَةِ الجَمْعِ، ظَلَّت كَلِمَةُ الخَمْرِ عَلَى حَالِهَا مِنَ الإِفْرَادِ، شَأنُهَا شَأنَ المَيْسِرِ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ:
“يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ وَٱلْأَنصَابُ وَٱلْأَزْلَـٰمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَـٰنِ فَٱجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿٩٠﴾” المَائِدَة.
وَلَوْ كَانَ لَهَا أَنْ تُجْمَعَ، لَكَانَ هُنَا مَعَ الأَنْصَابِ، وَالأَزْلَامِ. وَلَقِيِلَ عَلَى مَذْهَبِ سَمِيِر فِى الخُمُرِ: إِنَّمَا الخُمُرُ، وَالأَنْصَابُ، وَالأَزْلاَمُ ..الخ.
وَلَكِنْ سَمِيِر مَشْغُولٌ فَقَطٌ، بِإِسْدَآءِ النُصْحِ، لِلنِّسَآءِ، لِيَضَعْنَ النَّبِيِذَ، وَالوِيِسْكِى، فِى فُرُوجِهِنَّ 😀 !!
● إِذًا؛ فَكَلِمَةُ: “خُمُر”، تَخْتَلِفُ بِنْيَةً عَنِ: “خَمْر”، وسَمِيِر الَّذِى صَدَّعَنَا بِأَنَّهُ يَرجِعُ لِلقُرْءَانِ، مُدَقِّقًا، وَمُتَجَاوِزًا لَغْوِ أَهْلِ الفُصْحَى، هُوَ هُنَا جَاهِلٌ بِهَذَا الفَرْقِ؛ وَلِذَا قَالَ مُتَعَاجِبًا بِجَهْلِهِ عَنْ الخُمُرِ:
“ٱلخُمُر جمع “خَمرٍ” من ٱلأصل “خَمَرَ” ٱلذى يدل على ٱلمخالطة فى سرٍّ وخفية“.
وَهُوَ مَأخُوذٌ مِنْ عِنْدِ أَهْلِ الفُصْحَى الَّذِيِنَ يَلْغُونَ (عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ) كَمَا سَنَعْرِفُ الأَنَ.
.
3/2/2 ـ كَذَلِكَ فَإِنَّ اسْمَ “الخَمْرِ” فِى القُرْءَانِ هُوَ اسْمُ جِنْسٍ إِفْرَادِىٌّ، كَالمَآءِ، لاً يُجْمَعَا، وَقَدْ جَآءَ فِى القُرْءَانِ بِالتَّكْثِيِرِ، كَالمَآءِ المُنْهَمِرِ، وَبِالتَّقْلِيِلِ كَالمَآءِ المَهِيِنِ، وَهُوَ هُوَ المَآءُ.
نَفْسُ الشَيْءِ نَجِدُهُ فِى مَوَارِدِ “الخَمْرِ” فِى القُرْءَانِ، فَنَجِدُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَدَدٌ، وَلاَ جَمْعٌ لِتَوَحُّدِ جِنْسِهِ. وَجَآءَ بِالقُرْءَانِ ذِكْرهُ بِالتَكْثِيِرِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
“أَنْهَـٰرٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍۢ وَأَنْهَـٰرٌ مِّن لَّبَنٍۢ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُۥ وَأَنْهَـٰرٌ مِّنْ خَمْرٍۢ لَّذَّةٍۢ لِّلشَّـٰرِبِينَ وَأَنْهَـٰرٌ مِّنْ عَسَلٍۢ مُّصَفًّى﴿١٥﴾” مُحَمَّد.
وَلَمْ يُجْمَعُ أَيًّا مِنْهُم (1).
وَلَكِن يَبْدُو أَنَّ سَمِيِرَ سَيَجْمَعُهُم بِجَهْلِهِ، وَهُوَ أَمْرٌ هَيِّنٌ عَلَيْهِ، وَسَيَجْعَلُهُم:
مِيَاهٌ، وَأَلْبَانٌ، وَخُمُرٌ، وَعَسَاسِيِلٌ، أَوْ أَعْسِلَة 😀
● وَلَوْ بَحَثَ هَذَا الجَاهِلُ لَعَلِمَ أَنَّ اسْمَ الجِنْسِ الإِفْرَادِيِّ هُوَ مَا دَلَّ عَلَى الجِنْسِ صَالِحًا لِلدَّلَالَةِ عَلَى القَلِيلِ وَالكَثِيِرِ مِنْهُ. نَحْوَ : لَبَنٍ ، وَسَمْنٍ، وَمَآءٍ ، وَعَسَلٍ ، وَمَلْحٍ. وَالمَصْدَرُ لاَ يُجْمَعُ مَا بَقِيَ عَلَى دَلَالَتِهِ مِنْ حَيث حَدَثِهِ وَجِنْسِهِ، فإذا مَا انْفَكَّ عَنْهَا سَقَطَ عَنْهُ مُقْتَضَاهَا، وَهُوَ عَدَمُ الجَمْعِ.
.
4/3/2 ـ أَيْضًا فَلَوْ كَانَ هُنَاكَ جَمْعٌ لِلخَمْرِ (كَمَا فِى اسْتِخْدَامَاتِ النَّاسِ لِلكَلِمَةِ، وَبَعِيِدًا عَنِ القُرْءَانِ) لَكَانَ: “خُمُورٍ”، وَلَيْسَ “خُمُر”، وَلَوْ رَاجَعَ هَذَا الجَاهِلُ أَىَّ مَرْجِعٍ مِن مَرَاجِعِ الُّغَةِ الَّتِى يَنُدِّدُ بِهَا وَيَسُبَّهَا عَلَنًا، ثُمَّ يَسْرِقُ مِنْهَا سِرًّا، دُونَ إِعْلاَنٍ، أَوْ حَتَّى مَوْقِعٍ كَمَوْقِعِ: “ويكاموس Wiktionary“، لَوَجَدَ فِيِهِ: “الخَمْر اِسم جِنس إِفرَادِيّ مذكر لا يؤنث ويجمع جمع تكسير على خُمُوْر وأَخْمِرَة“.
http://ar.wiktionary.org/wiki/%D8%AE%D9%8E%D9%85%D9%92%D8%B1
وَمَا يُقَالُ عَنْ “أَصْنَافِ الخُمُورِ” (فِى الدُّنْيَا)، هُوَ جَهْلٌ، مَشَى وَرَاجَ، وَكَانَ المُفْتَرَضُ هُوَ أَنْ يُقَالَ: أَصْنَافُ الخَمْرِ، فَالأَصْنَافُ هِىَ الجَمْعُ، وَالخَمْرُ جِنْسٌ، وَمَصْدَرٌ، وَالأَجْنَاسُ لاَ تُجْمَعُ، إِلاَّ عِنْدَ تَنَوُّعِهَا، وَلَكِنْ مَشَى الاسْتِخْدَامُ هَكَذَا.
.
5/4/2 ـ وَالعَجِيِبُ أَنَّنِى وَجَدْتُ سَمِيِر كَثِيِرًا مَا يَذْهَبُ يَتَلَصَّصُ وَيَأخُذُ مِنَ النَّحَوِيِّيِنَ، وَالُّغَوِيِّيِنَ، ثُمَّ يَكِيِلُ لَهُم أَنْوَاعًا مِنَ السِّبَابِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَهُنَا فَهُوَ تَبَعٌ لَهُم (slave)، فَيَقُولُ سَمِير بِمَا انْتَزَعَهُ مِمَّنْ يُسَمِّيِهِم: أَهْلِ الَّغْوِ وَالتَّحْرِيِفِ عِنْدَهُ:
“ٱلخُمُر جمع “خَمرٍ” من ٱلأصل “خَمَرَ” ٱلذى يدل على ٱلمخالطة فى سرٍّ وخفية“.
فَإِذَا مَا تَتَبَّعْنَا قَوْلَهُ هَذَا سَنَجِدَهُ هُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ فَارِسٍ فِى مُعْجَمِ مَقَايِيس اللُغَةِ لَهُ (2/ 215):
“الخاء والميم والراء أصل واحد يدل على التغطية والمخالطة في ستر“.
http://www.khutabaa.com/index.cfm?method=home.kndetails&knid=3084
.
● كُلَّ مَا فَعَلَهُ سَمِيِر هُنَا بِخِلاَفِ سَرِقَةِ مَنْ يُوَاظِبُ عَلَى سَبِّهِم هُوَ أَنَّهُ نَزَعَ مِنْ كَلاَمِهِم كَلِمَةً وَاحِدَةً فَقَط، وَهِى: “التَغْطِيِة”، وَذَلِكَ لأَنَّهَا تُقَوِّى اتِّجَاهَ أَنَّ الخُمُرَ هِى الأَغْطِيَةُ، وَهُوَ مَا لاَيُرِيِدُ سَمِيِرَ لَهُ أَنْ يَظْهَرَ؛ فَانْظُرُوا أَمَامَ مَنْ نَحْنُ؟!
سَارِقٌ، وَكَذَّابٌ، وَصَاِحِبُ هَوَىً. وَلَوْ كَانَ يَبْحَثُ عَنِ الحَقِّ هُنَا لَمَا حَكَّمَ كَلاَمَ أَحَدٍ، وَلَمَا سَرَقَ مِنْهُم دُونَ إِحَالَةٍ، وَلَكَانَ نَقَلَ بِأَمَانَةٍ (بِفَرْضِ صِحَّةِ عَمَلِيَّةِ النَّقْلِ) دُونَ إِخْفَآءٍ بِهَوىً، وَلَحَكَّمَ قَلْبَهُ بِتَدَبُّرٍ فِى الأَيَةِ. وَلَكِن: هَذَا هُوَ سَمِيِر، كَما اكْتَشَفْتُهُ مُؤَخَّرًا.
.
حَتَّى عِنْدَمَا أَضَافَ الرَّائِحَةَ الطَّيِّبَةَ إِلَى الخَمْرِ، فَقَدْ كَانَ خَاضِعًا لأَسْيَادِهِ، الَّذِيِنَ يَسْرِقُ مِنْهُم، أَيْضًا دُونَ عَزْوٍ لِلمَصْدَرِ، فَقَالَ “الشَّاطِرُ” سَمِيِر:
“وٱسم “ٱلخُمُر” جمع “خَمرٍ” من ٱلأصل “خَمَرَ” ٱلذى يدل على ٱلمخالطة فى سرٍّ وخفية وغلق ونشر رآئحة طيبة“.
فَإِذَا مَا تَتَبَّعْنَا قَوْلَهُ هَذَا سَنَجِدَهُ قَدْ نَقَلَهُ مِنْ عِنْدِ ابِن مَنْظُورٍ فِى الِّسَانِ، وَابْن سَيده فِى المُعْظَم، وَفِيِهِمَا – كَمَا فِى لسَانِ العَرَبِ (4/ 254) -:
“وقيل الخُمْرَةُ والخَمَرَةُ الرائحة الطيبة“.
.
وَالعَجِيِبُ أَيْضًا؛ أَنَّنا نَعْلَمُ بِأَنَّ رَائِحَةَ النَّبِيِذِ، لَيْسَت بِالرَّائِحَةِ الطَّيِّبَةِ، وَلا رَائِحَةِ الخَمْرِ، الكُحُولِّىِّ، عَامَّةً، بَلْ عَلَى العَكْسِ، وَلَكِنَّ سَمِيِر (كَمَا أَسْلَفْتُ) هُوَ “slave” لِمَنْ سْرَقَ مِنْهُم دُونَ إِعْلاَنٍ، وَلِذَا فَهُوَ لاَ يَسْتَطِيِعُ إِلاَّ أَنْ يَحْطِبَ بِلَيْلٍ وَيَأتِى بِشَيْءٍ مِثْلَ ذَلِكَ، وَاضِحُ الفَسَادِ، وَلاَ مُبَرِّرَ لَهُ إِلاَّ أَنَّهُ فِعْلاً يَرَى فِى الخَمْرِ رَائِحَةً طَيِّبَةً 😀 .
.
6/4/2 ـ أَيْضًا فَإِنَّ سَمِيِرَ بِجَهْلِهِ يَقُولُ بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى – وَحَاشَاهُ – يُكَلِّفُ المُؤْمِنَاتِ بِأَنْ يَحْتَفِظْنَ فِى بُيُوتِهِنَّ بِزُجَاجَاتٍ مِنَ الوِيِسْكِى وَالنَّبِيِذِ 😀 ، بِحَسَبِ تَعْرِيِفِهِ لَهُ، كَمَا خَرَصَ وَقَالَ مُعَرِّفًا إِيَّاهُ:
“..وهو ٱلذى يعرف فى ٱللغة ٱلفصحى بٱسم ٱلنبيذ أو ٱلكحول“.
فَرُبَّمَا أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِى بَيْتِهِ، وَلَكِنْ عِنْدَ المُؤْمِنِيِنَ فَإِنَّ الأَمْرَ مُخْتَلِفٌ، وَالخَمْرُ الَّتِى يُمْكِنُ أَنْ تَتَوَاجَدَ عِنْدَهُم لاَ عِلاَقَةَ لَهَا بِمَا يَخْرُصُ بِهِ سَمِيِر، فَخَمْرُ المُؤْمِنِيِنَ هُوَ مَا نُسَمِّهِ نَحْنُ بِالعَصَائِرِ، وَلاَ فِعْل اخْتِمَارٍ بِهَا بِحَيْثُ تَصِيِرُ كُحُولاً، أَوْ وَيِسْكِى أَوْ نَبَيِذًا، كَمَا خَرَصَ وَقَالَ.
وَلِلحَدِيِثِ بَقِيَّةٌ .
هَامِش:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ فِى القَامُوسِ المُضِحِكِ الَّذِى يَنْقُلُ مِنْهُ حَاطِبُ الَّيْلِ: “ماء: الجمع: أَمْواه ومياه، مثنى ماءانوما وانومايا”!!!
.
تَحَرَّرَ فِى صَبَاحِ يَوْمِ الخَمِيِس 4 دِيِسَمبر 2014 سعة 7.43 ص
التَّعْلِيَقَاتُ مَفْتُوحَةٌ فِى المَقَالِ الأَخِيِر بَعْد اكْتِمَالِ المَوْضُوعِ
المَقَالُ التَّالِى: تَحْتُ الإِنْشَآء