مَنَازِلُ ﭐلۡمُؤۡمِنِينَ فِى كِتَــٰبِ رَبِّ ﭐلۡعَــٰلَمِينَ 2/1

ﭐلۡعِلۡمُ هُوَ نَقَيَضُ ﭐلجَهۡلِ، وَهُوَ ﭐلۡإِلۡمَامُ بِالشَّىءِ عَلَىٰ حَقِيِقَتِهِ بِصِفَةِ ﭐلثَّبَــٰتِ. وَكُلُّ مَنۡ لَيۡسَ لَدَيۡهِ عِلۡمٌ فِى مَسۡـــَٔـلَةٍ مَا؛ فَهُوَ جَاهِلٌ بِهَا، يَتَكَلَّمُ فِيِهَا بِالظَّنِّ. وَقَدۡ جَمَعَ ﭐللَّهُ تَعَــٰلَىٰ ﭐلنَّقِيِضَيۡنِ مَعًا فِى ءَايَةٍ وَاحِدَةٍ؛ فَقَالَ:

“..مَا لَهُم بِهِۦ مِنۡ عِلۡمٍ إِلَّا ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ.. “ ﭐلنِّسَآء

فَنَفَىٰ سُبۡحَانَهُ عَنِ ﭐلۡجَهَلَةِ ﭐلَّذِينَ ﭐخۡتَلَفُوا فِى عِيسَىٰ عَلَيۡهِ ﭐلسَّلَــٰمُ؛ ﭐلۡعِلۡمَ، وَاَثۡبَتَ لَهُم؛ ﭐلظَّنَّ، ﭐلۡمُؤَدِّىَ بِدَوۡرِهِ حَتۡمًا إِلَىٰ ﭐلۡجَهۡلِ.

ثُمَّ إِنَّ ﭐللهَ تَعَــٰلَىٰ قَدۡ بَيَّنَ فِى كِتَــٰبِهِ مَنۡزِلَةَ ﭐلظَّنِّ هَذَا، لِيَبۡتَعِدَ ﭐلۡمُؤۡمِنُونَ عَنۡهُ وَعَنۡ سُبُلِهِ كُلُّمَا أَمۡكَنَهُم؛ فَقَالَ مَثَلًا:

“وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى ٱلْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴿١١٦﴾ “ ﭐلۡأَنۡعَام.

ثُمَّ يَصِفُ سُبۡحَــٰنَهُ سُلُوكَ ﭐلَّذِينَ فَسَقُوا فَلَمۡ يُؤۡمِنُوا، بِأَنَّهُم ﭐتَّبَعُوا ﭐلظَّنَّ، وَأَنَّ ﭐلظَّنَّ لِا يُغۡنِى مِنَ ﭐلۡحَقِّ شَيۡــًٔـا:

“وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ۚ إِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغْنِى مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْـًٔا ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌۢ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴿٣٦﴾ “ يُونُس.

مُبَيِّنًا سُبۡحَانَهُ أَنَّ كُلَّ مَنۡ ﭐتَّخَذُوا مَعَ ﭐللهِ شُرَكَآءً مِنۡ دُونِهِ كَانَ دَيۡدَنَهُم ﭐلظَّنُّ:

“…وَمَا يَتَّبِعُ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُرَكَآءَ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴿٦٦﴾ “ يُونُس.

وَأَمِرًا ﭐلۡمُؤۡمِنِينَ بِأَنۡ يَقُولُوا لِمَنۡ جَآءَ بِالۡخَرۡصِ وَالۡكَذِبِ:

“قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍۢ فَتُخْرِجُوهُ لَنَآ ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴿١٤٨﴾” ﭐلۡأَنۡعَام.

وَلِذَا فَقَدۡ ظَهَرَتۡ مِنۡ ءَايَــٰتِ كِتَــٰبِ ﭐللهِ ﭐلۡقَــٰعِدَةُ ﭐلۡقَاضِيَةُ عَلَىٰ سَبِيلِ ﭐلۡمُجۡرِمِيِنَ ﭐلَّذِينَ ﭐتَّخَذُوا ﭐلۡخَرۡصَ دِينًا، وَهِىَ:

“وَمَا لَهُم بِهِۦ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ ۖ وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغْنِى مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْـًۭٔا ﴿٢٨﴾”.

ثُمَّ إِنَّ ﭐللهَ سُبۡحَــٰنَهُ قَدۡ جَعَلَ كِتَــٰبَهُ مُسۡتَوۡدَعًا لِلۡعِلۡمِ بِمَا أَنۡزَلَهُ، وَمَصۡدَرًا لَهُ؛ فَقَالَ لِنَبِيِّهِ:

“…وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ ۙ إِنَّكَ إِذًۭا لَّمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ ﴿١٤٥﴾” ﭐلۡبَقَرَة.

وَقَالَ سُبۡحَــٰنَهُ لِلۡنَّاسِ:

“هَـٰذَا بَلَـٰغٌۭ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا۟ بِهِۦ وَلِيَعۡلَمُوٓا۟ أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌۭ وَ‌ٰحِدٌۭ وَلِيَذَّكَّرَ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ ﴿٥٢﴾” إِبۡرَاهِيِم.

“…وَلِيَعۡلَمَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤۡمِنُوا۟ بِهِۦ فَتُخۡبِتَ لَهُۥ قُلُوبُهُمۡ “ ﭐلحَجّ.

فَكُلُّ مَسۡــَٔـلَةٍ بَيَّنَهَا كَلَــٰمُ ﭐللَّهِ، فَقَدَ جَآءَ ﭐلۡعِلۡمُ بِهَا فِيِهِ، كَأَنۡ يُبَيِّنَ ﭐللَّهُ سُبۡحَــٰنَهُ حَالَ عِيِسَىٰ ﭐبۡنِ مَرۡيَمَ، وَأَنَّهُ مَخۡلُوقٌ مِنۡ تُرَابٍ كَمَثَلِ ءَادَمَ، وَلَيۡسَ كَمَا زَعَمَ لَهُ ﭐلغُلَاةُ مِنۡ أُلُوهِيَّةٍ مَكۡذُوبَةٍ. ثُمَّ بَعۡدَ هَذَا ﭐلبَيَــٰنِ يَنُصُّ ﭐللَّهُ عَلَىٰ أَنَّ بَيَــٰنَهُ هَذَا هُوَ مِنَ ﭐلۡعِلۡمِ، وَأَنَّهُ هُوَ ﭐلقَوۡلُ ﭐلۡحَقُّ فِى عِيِسَىٰ؛ فَقَالَ فِى سُورَةِ ءَالِ عِمۡرَانَ:

“إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ ۖ خَلَقَهُۥ مِن تُرَابٍۢ ثُمَّ قَالَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ ﴿٥٩﴾ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ ﴿٦٠﴾ فَمَنۡ حَآجَّكَ فِيهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ فَقُلۡ تَعَالَوۡا۟ نَدۡعُ أَبۡنَآءَنَا وَأَبۡنَآءَكُمۡ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمۡ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمۡ ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَـٰذِبِينَ ﴿٦١﴾”.

فَأَمَرَ ﭐللَّهُ نَبِيَّهُ أَنۡ يَقُولَ لِمَنۡ يُحَاجَّهُ فِيِهِ مِنۡ بَعۡدِ مَا جَآءَهُ مِنَ ﭐلۡعِلۡمِ (بِكِتَــٰبِهِ سُبۡحَــٰنَهُ) أَنۡ يَدۡعُوَا نَفۡسَهُ، وَأَبۡنَآءَهُ، وَنِسَآءَهُ، عَلَىٰ أَنۡ يَدۡعُوَا ﭐلنَّبِىُّ نَفۡسَهُ، وَأَبۡنَآءَهُ، وَنِسَآءَهُ، هُوَ أَيۡضًا، ثُمَّ يَبۡتَهِلُوا فَيَجۡعَلُوا لَعۡنَتَ ﭐللَّهِ عَلَىٰ ﭐلۡكَـــٰذِبِيِنَ.

هَذِهِ هِىَ قُوَّةُ ﭐلۡعِلۡمِ، إِذۡ هُوَ فَرۡعٌ مِنَ ﭐلۡحَقِّ، وَنَزَلَ أَيۡضًا مِنَ ﭐلۡحَقِّ سُبۡحَــٰنَهُ وَتَعَــٰلَىٰ، وَلِذَا كَانَ ﭐلۡعِلۡمُ رَكِيِزَةً يَرۡتَكِزُ عَلَيۡهَا ﭐلنَّبِىُّ فِى دَعۡوَتِهِ لِمَنۡ حَاجَّهُ فِى عِيِسَىٰ أَنۡ يَدۡعُوَا ﭐلۡنَّبِىُّ أَبۡنَآءَهُ وَنِسَآءَهُ ثُمَّ يَبۡتَهِلۡ لِتُجۡعَلَ لَعۡنَةُ ﭐللَّهِ عَلَىٰ ﭐلۡكَـــٰذِبِيِنَ. فَهُوَ يَعۡلَمُ يَقِيِنًا، بِمَا جَآءَهُ مِنَ ﭐلۡعِلۡمِ أَنَّهُ عَلَىٰ ﭐلۡحَقِّ، وَاَنَّ مُخَالِفَهُ مِنَ ﭐلكَـــٰذِبِيِنَ، وَمِنَ ﭐلۡهَالِكِيِنَ؛ لَوۡ لَبَّى ﭐلدَّعۡوَةَ لِلمُبَاهَلَةِ، وَلَوَقَعَ فِى ﭐلۡمَحۡذُورِ.

وَهَكَذَا؛ فَإِنَّ كُلَّ مَا بَيَّنَهُ ﭐللَّهُ سُبۡحَــٰنَهُ فِى كِتَــٰبِهِ هُوَ مِنَ ﭐلۡعِلۡمِ، سَوَآءَ كَانَ غَيۡبًا أَوۡ حَاضِرًا، فَهُوَ سُبۡحَــٰنَهُ عَالِمُ ﭐلۡغَيۡبِ وَﭐلشَّهَــٰدَةِ.

هَذَا ﭐلۡعِلۡمُ ﭐلرَّبَّانِىُّ ﭐلَّذِى ﭐسۡتَوۡدَعَهُ ﭐللَّهُ سُبۡحَــٰنَهُ بِكِتَــٰبِهِ ﭐلۡقُرۡءَانِ، وَسَرَدَ فِيِهِ ﭐلۡحَقَّ فِيِمَا مَضَىٰ، وَفِيِمَا هُوَ ءَاتٍ، لَمۡ يَتَوَفَّرۡ إِلَّا لِلقُرۡءَانِ فَقَط:

1 ـ حَيۡثُ تَعَرَّضَتِ ﭐلتَّوۡرَاةُ لِلإِخۡفَآءِ، بِرَغۡمِ وُجُودِهَا، وَلَحِقَ بِهَا كِتَــٰبُ مُوسَىٰ.

فَأَمَّا وُجُودُ ﭐلتَّوۡرَاةِ فَهُوَ لِقَوۡلِ ﭐللَّهِ تَعَــٰلَىٰ:

“وَكَيۡفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ ٱلتَّوۡرَىٰةُ فِيهَا حُكۡمُ ٱللَّهِ…﴿٤٣﴾” ﭐلۡمَآىِٕدَة.

وَأَمَّا إِخۡفَآؤُهَا فَهُوَ لِقَوۡلِ ﭐللَّهِ سُبۡحَــٰنَهُ:

“قُلۡ فَأۡتُوا۟ بِٱلتَّوۡرَىٰةِ فَٱتۡلُوهَآ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِينَ ﴿٩٣﴾” ءَالِ عِمۡرَان.

وَأَمَّا إِخۡفَآءُ كِتَــٰبِ مُوسَىٰ فَهُوَ لِقَوۡلِ ﭐللَّهِ تَعَــٰلَىٰ:

“قُلۡ مَنۡ أَنزَلَ ٱلۡكِتَـٰبَ ٱلَّذِى جَآءَ بِهِۦ مُوسَىٰ نُورًۭا وَهُدًۭى لِّلنَّاسِ ۖ تَجۡعَلُونَهُۥ قَرَاطِيسَ تُبۡدُونَهَا وَتُخۡفُونَ كَثِيرًۭا ۖ…﴿٩١﴾” ﭐلۡأَنۡعَام.

2 ـ وَأَمَّا ﭐلۡإِنۡجِيِلَ؛ فَقَدۡ ﭐخۡتَفَىَ هُوَ أَيۡضًا، وَصَارَ أَنَاجِيِلًا لَيۡسَ لَهَا مِنَ ﭐلۡإِنۡجِيِلِ ﭐلۡحَقِّ إِلَّا بِدَايَةَ الۡاسۡمِ فَقَط، وَحَتَّىٰ ذَٰلِكَ لَمۡ يَسۡلَمۡ، إِذۡ صَارَ ﭐسۡمُ مُؤَلِّفَهُ عَلَمًا عَلَيۡهِ، وَحَتۡمًا أَنۡ يَلۡحَقَ ﭐسۡمُ مُؤَلِّفِهِ عَلَىٰ ﭐلۡإِنۡجِيلِ.

ثُمَّ حَلَّت مَحَلّ ﭐلتَّوۡرَاةِ، وَكِتَــٰبِ مُوسَىٰ، وَﭐلۡإِنۡجِيِلِ، كُتُبٌ كَتَبَهَا ﭐلۡبَشَرُ بِأَيۡدِيِهِم، وَكَذَبُوا بِأَنَّهَا مِنۡ عِنۡدِ ﭐللَّهِ:

“فَوَيۡلٌۭ لِّلَّذِينَ يَكۡتُبُونَ ٱلۡكِتَـٰبَ بِأَيۡدِيهِمۡ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـٰذَا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ لِيَشۡتَرُوا۟ بِهِۦ ثَمَنًۭا قَلِيلًۭا ۖ فَوَيۡلٌۭ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتۡ أَيۡدِيهِمۡ وَوَيۡلٌۭ لَّهُم مِّمَّا يَكۡسِبُونَ ﴿٧٩﴾” ﭐلۡبَقَرَة.

وَفِى هَذِهِ ﭐلۡكُتُبِ ﭐلۡمُمۡتَلِئَةِ كَذِبًا وَﭐفۡتِرَآءً، وَجَهۡلًا وَﭐنۡتِقَآءً، حَفِظَ ﭐللَّهُ وَحۡىَ ﭐلشَّيۡطَــٰنِ لِأَوۡلِيَآىِٕهِ؛ فَنَسَخَهُ (حَفِظَهُ) لِيَجِدَهُ ﭐلنَّاسُ عَلَىٰ مَرِّ ﭐلزَّمَــٰنِ، وَيَجِدُوا ﭐلۡحّقَ مِنۡ رَبِّهِم فِى كِتَــٰبِهِ، فَتَكۡتَمِلُ عَنَاصِرُ ﭐلۡفِتۡنَةِ، فَيَتَلَقَّىٰ مَنۡ فِى قَلۡبِهِ مَرَضٌ، وَﭐلۡقَاسِيَةُ قُلُوبُهُم مَا أَوۡحَاهُ ﭐلشَّيۡطَــٰنُ لِأبَآءِهِم (مِنَ ﭐلتُّرَاثِ)، وَيَنۡصَرِفُوا عَنۡ كَلَــٰمِ ﭐللَّهِ (كِتَــٰبِهِ)، وَهُمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّهُم يُحۡسِنُونَ صُنۡعًا، بَيۡنَمَا يَتَلَقَّىٰٓ ﭐلۡمُؤۡمِنُونَ كَلَــٰمَ رَبِّهِم بِإِيِمَــٰنٍ، وَعِلۡمٍ، فَتَخۡبِتُ لَهُ قُلُوبُهُم:

“وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍۢ وَلَا نَبِىٍّ إِلَّآ إِذَا تَمَنَّىٰٓ أَلۡقَى ٱلشَّيۡطَـٰنُ فِىٓ أُمۡنِيَّتِهِۦ فَيَنسَخُ ٱللَّهُ مَا يُلۡقِى ٱلشَّيۡطَـٰنُ ثُمَّ يُحۡكِمُ ٱللَّهُ ءَايَـٰتِهِۦ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌۭ ﴿٥٢﴾ لِّيَجۡعَلَ مَا يُلۡقِى ٱلشَّيۡطَـٰنُ فِتۡنَةًۭ لِّلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌۭ وَٱلۡقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمۡ ۗ وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ لَفِى شِقَاقٍۭ بَعِيدٍۢ ﴿٥٣﴾ وَلِيَعۡلَمَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤۡمِنُوا۟ بِهِۦ فَتُخۡبِتَ لَهُۥ قُلُوبُهُمۡ ۗ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِلَىٰ صِرَ‌ٰطٍۢ مُّسۡتَقِيمٍۢ ﴿٥٤﴾ وَلَا يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ فِى مِرۡيَةٍۢ مِّنۡهُ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةً أَوۡ يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابُ يَوۡمٍ عَقِيمٍ ﴿٥٥﴾” ﭐلۡحَجّ.

وَلِذَا فَقَدۡ جَآءَ كِتَــٰبُ ﭐللَّهِ “ﭐلۡقُرۡءَانُ” لِيُبَيِّنَ كَثِيِرًا مِمَّا أَخۡفَاهُ ﭐلنَّاسُ مِنۡ كِتَــٰبِ رَبِّهِم لَهُم:

“يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ قَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمۡ كَثِيرًۭا مِّمَّا كُنتُمۡ تُخۡفُونَ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَيَعۡفُوا۟ عَن كَثِيرٍۢ ۚ قَدۡ جَآءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٌۭ وَكِتَـٰبٌۭ مُّبِينٌۭ ﴿١٥﴾ يَهۡدِى بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَ‌ٰنَهُۥ سُبُلَ ٱلسَّلَـٰمِ وَيُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِهِۦ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَىٰ صِرَ‌ٰطٍۢ مُّسۡتَقِيمٍۢ ﴿١٦﴾” ﭐلۡمَآىِٕدَة.

ثُمَّ إِنَّ مَرَاجِعَ ﭐلشَّيۡطَــٰنِ هَذِهِ، سَوَآءٌ مَا تَقَدَّمَ مِنۡهَا، وَسَبَقَ ﭐلۡقُرۡءَانَ، أَوۡ مَا تَأَخَّرَ (ﭐسۡتَجَدَّ) بَعۡدَهُ مِنۡ كُتُبِ ﭐلۡمَذَاهِبِ، فَقَدۡ جَآءَت فِيِهَا وَمِنۡهَا كُلُّ صُنُوفِ ﭐلۡبَغۡىِ، وَﭐلۡإِجۡرَامِ، وَﭐلظُّلۡمِ، وَﭐلۡعُدۡوَانِ، بِمَا فِى ذَٰلِكَ مَا يَحۡدُثُ عَلَىٰ مُسۡتَوَىٰ ﭐلۡأَفۡرَادِ، أَوۡ عَلَىٰ مُسۡتَوَىٰ ﭐلدُّوَلِ وَﭐلشُّعُوبِ، وَسَفۡكِ ﭐلدِّمَآءِ بِالۡجُمۡلَةِ، فِى سَبِيِلِ تَنۡفِيِذِ مَا جَآءَ فِيِهَا، كَمَا سَنَرَىٰ هُنَا فِى ﭐلسُّطُورِ ﭐلۡقَلِيِلَةِ ﭐلۡقَــٰدِمَةِ.

وَلَعَلَّ حِفۡظَ ﭐلۡقُرۡءَانِ عَلَىٰ مَاهُوَ عَلَيۡهِ بَيۡنَ أَيۡدِيِنَا، وَفِى كُلِّ وَقۡتٍ كَمَا أُنۡزِلَ، يُعۡطِىَ فِكۡرَةً رَآىِٕعَةً لِمَا تَكُونُ عَلَيۡهِ كُتُبُ ﭐللَّهِ مِنۡ إِحۡكَـــٰمٍ؛ فَلَاَ يَقَعُ فِيِهَا تَنَاقُضٌ. وَمَا تَكُونُ عَلَيۡهِ مِنۡ عُلُوٍّ فَلَا يَقَعُ فِيِهَا دُنُوٌّ. وَيُبَيِّنُ مَا كَانَت ﭐلتَّوۡرَاةُ وَﭐلۡإِنۡجِيِلُ (ﭐلۡحَقُّ) عَلَيۡهِ مِنۡ إِحۡكَامٍ، وَسُمُوٍّ، وَرَحۡمَةٍ، وَقِسۡطٍ، بِعَكۡسِ رَكَاكَةِ بَقِيَّةِ ﭐلۡكُتُبِ ﭐلۡبَشَرِيَّةِ، وَدَمَوِيَّتِهَا، وَتَنَاقُضَاتِهَا.

إِذًا؛ فَمَنۡ أَرَادَ طَلَبَ ﭐلۡعِلۡمِ، وَﭐلصِّدۡقِ، وَﭐلۡحَقِّ؛ فَعَلَيۡهِ بِكِتَــٰبِ ﭐللَّهِ ﭐلۡقُرۡءَانِ، وَلَكِنَّهُ لَنۡ يَسۡتَفِيِدَ مِنۡهُ أَوۡ يَنۡتَفِعَ، حَتَّىٰ يَتَدَرَّجَ فِى سِتَّةِ مَنَازِلٍ، كُلُّ وَاحِدَةٍ تُفۡضِى لِمَنۡ بَعۡدَهَا؛ كَالتَّــٰلِى:

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x