كَانَ مُشۡتُهُرِى يَأخُذُ بَيۡعَةً مِنۡ أَتۡبَاعِهِ، كَمَا يَفَعۡلُ شُيُوخُ ﭐلسَّلَفِيَّةِ مَعَ أَتۡبَاعِهِم.
وَبِالۡأَمۡسِ 11/6/2020 حَرَّرَ مَقَالًا عَنِ ﭐلۡبَيۡعَةِ، أَثۡبَتَ بِهِ أَنَّهُ لَا يَفۡقَهُ عَنِ ﭐلۡبَيۡعَةِ شَيۡئًا، شَأنَ كُلِّ مَا يَتَكَلَّمُ فِيهِ عَامَّةً:
فَبَدَأَهُ بِقَوۡلِهِ:
“البيعة: من الجذر [ب ي ع]، والمصدر [باع]، أشبه بالعقد الذي يكون بين البائع والمشتري، وما يتم بعده من مصافحة بالأيدي، وصار رمز البيعة المصافحة” اهـ!!!
وَأَنۡهَاهُ بِقَوۡلِهِ:
“وحسب التوجه نحو إسلام الرسول، فليس أمام الناس للدخول في دين الإسلام، وليس أمام المسلمين لإعادة الدخول في دين الإسلام، غير باب واحد فقط لا غير:باب الآية القرآنية العقلية العربية المعاصرة للناس جميعًا اليوم، والتي لا تطلب ممن دخل في دين الإسلام غير أن يبايع الله تعالى ويقول:أُبَايُع الله تعالي على: تفعيل آيات الذكر الحكيم وأحكامها، سلوكًا عمليًا في كل شأن من شؤون حياتي، والله على ما أقول شهيد”.واللافت للنظر والغريب حقًا، أنني ما طلبت من أحد أن يعقد البيعة مع الله تعالى، إلا وتردد وطلب إعطائه فرصة للتفكير، وكأن هذه البيعة سيعقدها مع محمد مشتهري!!والسبب: قد أعلمه، ولا يعلمه كثير من المسلمين!!والسؤال: لماذا لا يبايع المسلمون الله؟!” اهـ.
أَرَادَ مُشۡتُهُرِى أَنۡ يَتَمَلَّصَ مِنۡ أَخۡذِه لِلبَيۡعَةِ، فَقَالَ:
” أنني ما طلبت من أحد أن يعقد البيعة مع الله تعالى، إلا وتردد وطلب إعطائه فرصة للتفكير، وكأن هذه البيعة سيعقدها مع محمد مشتهري”.
وَكَأَنَّ ٱللَّهَ شَرَعَ لِأَحَادِ ﭐلنَّاسِ أَنۡ يَأَخُذَ بَيۡعَةً للَّهِ مِنَ ﭐلۡاَخَرِينَ؟!
ﭐنۡظُرُوا للزَّيغِ!!
وَلۡنَبۡدَأ فِى كَشۡفِ عَوۡرَةِ بَيۡعَتِهِ:
فَأّوَّلُ ﭐلۡجَهۡلِ هُوَ قَوۡلُهُ أَنَّ ﭐلۡبَيۡعَةَ أَشۡبَهُ بِالۡعَقۡدِ ﭐلَّذِى يَكُونُ بَيۡنَ ﭐلۡبَآىِٕعِ وَﭐلۡمُشۡتَرِى، فَلِمَاذَا؟!
ﭐلبَيۡعَةُ؛ كَلِمَةٌ جَآءَت فِى كِتَـٰبِ ﭐللهِ تِسۡعَ مَرَّاتٍ، بِخَمۡسَ سُوَرٍ، بِسِتِّ ءَايَـٰتٍ، كَالتَّـٰلِى:
● “يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ أَنفِقُوا۟ مِمَّا رَزَقْنَـٰكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌۭ لَّا بَيْعٌۭ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌۭ وَلَا شَفَـٰعَةٌۭ ۗ وَٱلْكَـٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ ﴿٢٥٤﴾“ ﭐلبَقَرَة.
● “۞ إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ ۚ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّۭا فِى ٱلتَّوْرَىٰةِ وَٱلْإِنجِيلِ وَٱلْقُرْءَانِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِ ۚ فَٱسْتَبْشِرُوا۟ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِى بَايَعْتُم بِهِۦ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ ﴿١١١﴾“ ﭐلتَّوۡبَة.
● ” قُل لِّعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ يُقِيمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُنفِقُوا۟ مِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ سِرًّۭا وَعَلَانِيَةًۭ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌۭ لَّا بَيْعٌۭ فِيهِ وَلَا خِلَـٰلٌ ﴿٣١﴾” ﭐبۡرَاهِيِم.
● “إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِۦ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَـٰهَدَ عَلَيْهُ ٱللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًۭا ﴿١٠﴾“ ﭐلفَتۡح.
● “۞ لَّقَدْ رَضِىَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِى قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَـٰبَهُمْ فَتْحًۭا قَرِيبًۭا ﴿١٨﴾ وَمَغَانِمَ كَثِيرَةًۭ يَأْخُذُونَهَا ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًۭا ﴿١٩﴾“ ﭐلفَتۡح.
● “يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰٓ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْـًۭٔا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَـٰدَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَـٰنٍۢ يَفْتَرِينَهُۥ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِى مَعْرُوفٍۢ ۙ فَبَايِعْهُنَّ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌۭ رَّحِيمٌۭ ﴿١٢﴾” ﭐلمُمۡتَحِنَة.
بَيْعٌۭ/ بَيْعِكُمُ/ بَايَعْتُم/ يُبَايِعُونَكَ/ يُبَايِعُونَ/ يُبَايِعْنَكَ/ فَبَايِعْهُنَّ.
وَﭐلبَيۡعُ، وَﭐلتَّبَايُعُ، وَﭐلمُبَايَعَةُ، كُلُّهُم مِنَ ﭐلۡأَصۡلِ: “بَ يۡ ع”. فَمَا هُوَ ﭐلبَيۡعُ، وَهَل هُوَ ﭐلبَيۡعُ ﭐلمَشۡهُورُ فِى كَلَــٰمِ ﭐلنَّاسِ ﭐلۡأَعۡجَمِىِّ، كَطَرَفٍ مِنۡ ﭐلۡعَمَلِيَّةِ ﭐلۡتُّجَـٰرِيَّةِ، كَمَا قَالَ ﭐلۡأُسۡتَاذُ محمد مشتهرى: “البيعة من الجذر ب ي ع، والمصدر باع، أشبه بالعقد الذي يكون بين البائع والمشتري”.
وَمَا هِىَ ﭐلبَيۡعَةُ، وَمَا هُوَ ﭐلفَرۡقُ بَيۡنَهَا وَبَيۡنَ ﭐلبَيۡعِ؟!
وَﭐلۡحَقُّ أَنَّ ﭐلتِّجَـٰرَةَ مُخۡتَلِفَةٌ عَنِ ﭐلبَيۡعِ، وَقَدۡ ذَكَرۡهُمَا ﭐللهُ سُبۡحَـٰنَهُ فِى ءَايَةٍ وَاحِدَةٍ؛ فَقَالَ:
“رِجَالٌۭ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَـٰرَةٌۭ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًۭا تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلْأَبْصَـٰرُ ﴿٣٧﴾“ ﭐلنُّور.
فَالتِّجَـٰرَةُ مَعۡرُوفَةٌ؛ وَهِىَ تَبَادُلُ ﭐلسِّلَعِ وَﭐلبَضَآىِٕعِ بَيۡنَ ﭐلنَّاسِ، وَيَقُومُ عَلَى ﭐلتَّمَلُّكِ بِمُقَابِلٍ مَادِّىٍّ، سَوَآءٌ كَانَ ﭐلمُقَابِلُ نَقۡدًا، أَوۡ بَضَآىِٕعًا لِلمُقَـٰيَضَةِ، وَطَرَفَاهَا: “شَارٍ”، وَ: “مُشۡتَرٍ”، وَﭐلعَمَلِيَّةُ ﭐسۡمُهَا: “شِرَآءٌ”:
“وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍۭ بَخْسٍۢ دَرَٰهِمَ مَعْدُودَةٍۢ وَكَانُوا۟ فِيهِ مِنَ ٱلزَّٰهِدِينَ ﴿٢٠﴾“ يُوسُف.
“وَقَالَ ٱلَّذِى ٱشْتَرَىٰهُ مِن مِّصْرَ لِٱمْرَأَتِهِۦٓ أَكْرِمِى مَثْوَىٰهُ…﴿٢١﴾” يُوسُف.
أَمَّا ﭐلبَيۡعُ، وَﭐلتَّبَايُعُ، وَﭐلمُبَايَعَةُ، فَكُلُّهُم مِنَ ﭐلۡأَصۡلِ: “بَ يۡ ع”. وَﭐلبَيۡعُ هُوَ ﭐلشِّقُ ﭐلثَّانِى مِنَ ﭐلتَّبَـٰدُلِ بَيۡنَ ﭐلنَّاسِ، وَهُوَ خَدَمِىٌّ لَيۡسَ فِيِهِ تَمَلُّكٌ وَإِنۡ كَانَ فِيِهِ ﭐنۡتِفَاعٌ (بَيۡعٌ)، وَطَرَفَاهُ هُمَا بَآىِٕعٌ وَمُبۡتَاعٌ، عَلَىٰ غِرَارِ شَارٍ وَمُشۡتَرٍ فِى ﭐلتِّجَارَةِ.
وَيَتَنَاوَلُ ﭐلۡبَيۡعُ ﭐلإِيِجَـٰرَ، أَوۡ ﭐسۡتِئۡجَـٰرَ عَرَضٍ بِعِوَضٍ، أَوۡ ﭐسۡتِئجَـٰرَ مُعَيَّنٍ ذِى مِهۡنَةٍ، أَوۡ فَنٍّ، أَوۡ قُوَّةٍ ..الخ، ﭐسۡتِئۡجَـٰرًا مَوۡقُوتًا بِوَقۡتٍ، وَمُوَاصَفَاتٍ، وَيَدۡخُلُ فِيِهِ إِيِجَـٰرُ ﭐلأَعۡرَاضِ وﭐلمَنۡقُولاَتِ.
وَﭐلۡبَيۡعُ -كَمَا نَرَىٰ- مُخۡتَلِفٌ عَنِ ﭐلتِّجَـٰرَةِ فِى ﭐنۡتِفَآءِ ﭐلتَّمَلُّكِ وَفِى ﭐلتَّقَيُّدِ بِالوَقۡتِ. بِعَكۡسِ ﭐلتِّجَـٰرَةِ ﭐلَّتِى هِىَ ﭐنۡتِقَالُ مِلۡكِيَّةٍ بِثَمَنٍ، وَغَيۡرِ مَحۡدُودَةٍ بِوَقۡتٍ.
أَيۡضًا فَإِنَّ ﭐلبُيُوعَ تُكۡتَبُ كَعُقُودٍ، وَيُشۡهَدُ عَلَيۡهَا، كَمَا قَالَ ﭐللهُ تَعَـٰلَىٰ:
“…إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَـٰرَةً حَاضِرَةًۭ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا ۗ وَأَشْهِدُوٓا۟ إِذَا تَبَايَعْتُمْ ..”.
وَﭐلوَفَآءُ بِٱلۡعُقُودِ سِمَةٌ مِنۡ سِمَاتِ ﭐلمُؤۡمِنِيِنَ؛ لِأَمۡرِ ﭐللهِ لَهُم بِالوَفَآءِ بِالعُقُودِ:
“يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ أَوْفُوا۟ بِٱلْعُقُودِ”.
إِذًا؛ فَالبَيۡعُ فِى ﭐلدُّنۡيَا هُوَ بِخِلَافِ ﭐلتِّجَـٰرَةِ؛ حَيۡثُ لَا تَنۡتَقِلُ مِلۡكِيَّةٌ لِسِلۡعَةٍ مَا، وَإِنَّمَا ﭐنۡتِفَاعٌ بِعِوَضٍ مُتَّفَقٌ عَلَيۡهِ، وَيَشۡمَلُ عُقُودَ ﭐلۡإِيِجَـٰرِ، وَﭐلعَمَلِ، وَﭐلمُقَاوَلَاتِ ﭐلقَآىِٕمَةِ عَلَىٰ تَوۡظِيِفِ إِمۡكَانَاتِ ﭐلبَشَرِ، أَوۡ ﭐلۡحَيَواَنِ، أَوۡ ﭐلۡأَلَاتِ، وَتَسۡخِيِرِ قُدُرَاتِهِم . . الخ بِمُقَابِلٍ، وَيَكُونُ طَرَفَاهُ بَآىِٕعًا وَمُبۡتَاعًا، وَمُفۡرَدُهُ “بَيۡعَة”، وَأَصۡلُهُ “بَيۡعٌ”، وَنِطَاقُهُ هُوَ ﭐلۡإِيجَارُ، وَمُتَعَلَّقَهُ هُوَ ﭐلوَفَآءُ، وَكُلُّ طَرَفٍ مِنۡ أَطۡرَافِ ﭐلبَيۡعِ هُوَ مُبَايِعٌ لِلأَخَرِ؛ وَلِذَا فَالۡعَقۡدُ أَوۡلَىٰ بِهِ، وَيُشۡهَدُ عَلَيۡهِ.
وَيَأتِى ﭐلۡبَيۡعُ فِى كِتَــٰبِ ﭐللَّهِ فِى ﭐتِّجَاهٍ ءَاخَرٍ بِخِلَافِ ﭐلبَيۡعِ ﭐلدُّنۡيَوِىِّ، وَهُوَ ﭐلبَيۡعُ ﭐلۡأُخۡرَوِىُّ، وَطَرَفُهُ ﭐلثَّانِى هُوَ ﭐللهُ تَعَـٰلَىٰ، وَيَخۡتَلِطُ فِيِهِ ﭐلبَيۡعُ بِالتِّجَـٰرَةِ مِنۡ نَاحِيَةِ كُلِّ طَرَفٍ. وَبِرَغۡمِ أَنَّ ﭐلنَّاسَ لَا يَمۡلِكُونَ مِنۡ أَنۡفُسِهِم شَيۡئًا، إِذۡ ﭐللَّهُ هُوَ مَلِكُ ﭐلنَّاسِ وَمَالِكُهُم، إِلَّا أَنَّهُ قَدۡ تَفَضَّلَ عَلَيۡهِم، وَﭐعۡتَبَرَ بَيۡعَهُم تِجَارَةً مَعَهُ، وَكَأَنَّ كُلَّ مُؤۡمِنٍ هُوَ مَالِكٌ لِنَفۡسِهِ وَمَالِهِ؛ كَرَمًا وَعَطَآءً مِنۡهُ سُبۡحَـٰنَهُ، فَقَالَ:
“۞ إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ ۚ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّۭا فِى ٱلتَّوْرَىٰةِ وَٱلْإِنجِيلِ وَٱلْقُرْءَانِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِ ۚ فَٱسْتَبْشِرُوا۟ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِى بَايَعْتُم بِهِۦ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ ﴿١١١﴾“ ﭐلتَّوۡبَة.
فَكَأَنَّهُم يُشۡرُونَهُ تَعَـٰلَىٰ أَنۡفُسَهُم ﭐلَّتَى خَلَقَهَا لَهُم، وَأَنۡعَمَ عَلَيۡهِم بِهَا، لِيَشۡتَرِيِهَا مِنۡهُم (وَهُوَ ﭐلمَالِكُ لَهَا) مُقَابِلَ ﭐلجَنَّةَ:
“وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ…﴿٢٠٧﴾“ ﭐلبَقَرَة.
“فَلْيُقَـٰتِلْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشْرُونَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلْءَاخِرَةِ..﴿٧٤﴾“ ﭐلنِّسَآء.
وَﭐلبَيۡعَةُ مَعَ ﭐللهِ تَكُونُ دُونَ عَقۡدٍ؛ إِذۡ ﭐللهُ هُوَ ﭐلشَّاهِدُ عَلَيۡهَا سُبۡحَــٰنَهُ، وَهُوَ مَنۡ يُجَازِى عَلَىٰ ﭐلوَفَآءِ بِهَا.
وَقَدۡ جَآءَ ذِكۡرُ ﭐلبَيۡعِ مَعَ ﭐللَّهِ فِى ءَايَاتٍ عِدَّةٍ بِكِتَـٰبِ ﭐللهِ، لِيُشَكِّلَ مَجۡمُوعُهَا مَفۡهُومًا قَوِيًّا وَمُحَدَّدًا لِلبَيۡعِ مِنَ ﭐلمُؤۡمِنِيِنَ لِرَبِّهِم.
فَالبَيۡعُ لِلَّهِ، هُوَ بَيۡعٌ مِنۡ طَرَفٍ وَاحِدٍ، اُبۡرِمَ فِى ﭐلدُّنۡيَا بَيۡنَ ﭐلمُؤۡمِنِيِنَ، وَبَيۡنَ رَبِّهِم سُبۡحَـٰنَهُ، وَهُوَ بَيۡعٌ تَمَّ عَلَىٰ مَا جَآءَ بِكِتَـٰبِ ﭐللهِ مِنۡ أَعۡمَالٍ مُحَدَّدَةٍ بِدِقَّةٍ، كَأَنۡ يَقُولَ ﭐللهُ مَثَلًا:
“۞ إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ ۚ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّۭا فِى ٱلتَّوْرَىٰةِ وَٱلْإِنجِيلِ وَٱلْقُرْءَانِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِ ۚ فَٱسْتَبْشِرُوا۟ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِى بَايَعْتُم بِهِۦ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ ﴿١١١﴾“ ﭐلتَّوۡبَة.
فَالۡقِتَاَلُ فِى سَبِيِلِ ﭐللهِ وَبَذۡلِ ﭐلنَّفۡسِ، وَﭐلمَالِ، هُوَ بَيۡعٌ مِنَ ﭐلمُؤۡمِنِيِنَ، قُتِلُوا أَوۡ لَمۡ يُقۡتَلُوا، فَقَدۡ بَايَعَ ﭐلمُؤۡمِنُونَ رَبَّهُم، وَسَارُوا عَلَىٰ هَدۡىِ مَا جَآءَهُم مِنۡهُ سُبۡحَـٰنَهُ بِكِتَـٰبِهِ؛ فَنَصَرَهُمُ ﭐللهُ كَمَا وَعَدَهُم، وَأَعۡطَاهُم مَغَانِمَ كَثِيِرَةً فِى ﭐلدُّنۡيَا، وَوَعَدَهُمُ ﭐلجَنَّةَ فِى ﭐلۡأَخِرَةِ:
“۞ لَّقَدْ رَضِىَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِى قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَـٰبَهُمْ فَتْحًۭا قَرِيبًۭا ﴿١٨﴾ وَمَغَانِمَ كَثِيرَةًۭ يَأْخُذُونَهَا ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًۭا ﴿١٩﴾ وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةًۭ تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِۦ وَكَفَّ أَيْدِىَ ٱلنَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ ءَايَةًۭ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَٰطًۭا مُّسْتَقِيمًۭا ﴿٢٠﴾ وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُوا۟ عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَا ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ قَدِيرًۭا ﴿٢١﴾ وَلَوْ قَـٰتَلَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ لَوَلَّوُا۟ ٱلْأَدْبَـٰرَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّۭا وَلَا نَصِيرًۭا ﴿٢٢﴾“ ﭐلفَتۡح.
وَبِالتَّـٰلِى؛ فَعِنۡدَمَا يَقُولُ ﭐللهُ تَعَـٰلَىٰ:
“يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ أَنفِقُوا۟ مِمَّا رَزَقْنَـٰكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌۭ لَّا بَيْعٌۭ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌۭ وَلَا شَفَـٰعَةٌۭ ۗ وَٱلْكَـٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ”.
” قُل لِّعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ يُقِيمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُنفِقُوا۟ مِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ سِرًّۭا وَعَلَانِيَةًۭ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌۭ لَّا بَيْعٌۭ فِيهِ وَلَا خِلَـٰلٌ ﴿٣١﴾” ﭐبۡرَاهِيِم.
فَنَجِدُ:
أ ـ أَنَّ ﭐلمُقَـٰبَلَةَ فِى ﭐلأَيَةِ ﭐلۡأُولَىٰ جَآءَت بَيۡنَ ﭐلإِنۡفَاقِ مِمَّا رَزَقَ ﭐللهُ، وَبَيۡنَ كُلٍّ مِنۡ ﭐلبَيۡعِ، وﭐلخُلَّةِ، وَﭐلشَّفَـٰعَةِ.
أَمَّا فِى ﭐلۡأَيَةِ ﭐلثَّانِيَةِ فَنَجِدُ أَنَّ ﭐلمُقَـٰبَلَةَ جَآءَت بَيۡنَ إِقَامَةِ ﭐلصَّلَوَٰةِ (بِمَعۡنَىٰ ﭐلصَلَوٰةِ ﭐلوَاسِعِ، لَا ﭐلضَّيِّقِ ﭐلمَقۡصُودُ بِهِ ﭐلصَّلَوَٰةُ ﭐلمَوۡقُوتَةُ)، وَﭐلۡإِنۡفَاقِ مِمَّا رَزَقَ ﭐللهُ، وَبَيۡنَ كُلٍّ مِنۡ ﭐلبَيۡعِ، وﭐلخُلَّةِ.
ب ـ أَنَّ ﭐلأَيَتَيۡنِ تُبَيِّنَانِ أَنَّ يَوۡمَ ﭐلقِيَـٰمَةِ لاَ يَنۡفَعُ فِيِهِ إِلاَّ عَمَلُ ﭐلشَّخۡصِ نَفۡسِهِ، إِذۡ ظَنَّ ﭐلبَعۡضُ أَنَّهُ فِى حَالِ تَقۡصِيِرِهِم فِى جَنۡبِ ﭐللهِ تَعَـٰلَىٰ فَسَيَنۡفَعُهُم يَوۡمَ ﭐلقِيَـٰمَةِ فِعۡلُ بَشَرٍ مِثۡلِهِم، وَلاَ يَخۡرُجُ هَذَا ﭐلفِعۡلُ ﭐلفَرۡدِىُّ ﭐلمُتَوَقَّعُ (تَوَهُّمًا) مِنَ أَشۡخَاصٍ بِعَيۡنِهِم، فِى ﭐلۡأَخِرَةِ، عَنۡ ثَلاَثَةِ أَوۡجُهٍ حَصَرَهُمُ ﭐللهُ تَعَـٰلَىٰ فِى ﭐلأَيَةِ، ثُمَّ نَفَاهُم، وَهُمۡ: ﭐلبَيۡعُ، أَوۡ ﭐلخُلَّةُ، أَوۡ ﭐلشَفَـٰعَةُ، وَكُلُّهَا تَعُودُ لِلدُّنۡيَا، وَمَا كَانَ فِيِهَا مِنۡ عِلَاقَاتٍ بَيۡنَ ﭐلنَّاسِ، وَهُوَ مُتَصَوَّرٌ، وَمَعۡقُولٌ جِدًا.
1 – أَمَّا ﭐلبَيۡعُ ﭐلمُنۡتَفِى يَوۡمَ ﭐلقِيَـٰمَةِ فَهُوَ بَيۡعٌ عُقِدَ فِى ﭐلدُّنۡيَا، وَأُبۡرِمَ فِيِهِ ﭐتِّفَـٰقٌ غَيۡرُ مَكۡتُوبٍ، بَيۡنَ طَرَفَيۡنِ:
أَحَدُهُمَا هُوَ طَرَفٌ دَجَّالٌ كَذَّابٌ مِثۡلَ محمد مشتهرى، أَوۡ أَىُّ بَشَرٍ نَصَّبُوا أَنۡفُسَهُم أَرۡبَابًا مِنۡ دُونِ ﭐللهِ؛ وَزَعَمُوا أَنَّ مَا يُسَوِّقُونَهُ وَيُرَوِّجُونَ لَهُ مِنۡ مَذۡهَبِهِم، هُوَ ﭐلحَقُّ، وَأَنَّهُم سَيَحۡمِلُونَ (بِمَا جَآءَ بِمَذۡهَبِهِم) عَنِ أَتۡبَاعِهِم أَوۡزَارَهُم وَخَطَايَاهُم، مُقَابِلَ طَاعَتِهِم، وَﭐسۡتِىٕمَانِهِم عَلَىٰ دِينِهِمۡ، وَدَعۡمِ مَشَارِيعِهِم ﭐلۡفِكۡرِيَّةِ، الخ.
وَﭐلطَّرَفُ ﭐلثَّانِى هُمۡ أَتۡبَاعٌ بَايَعُوا ﭐلطَّرَفَ ﭐلۡأَوَّلَ عَلَىٰ ﭐلسَّمۡعِ وَﭐلطَّاعَةِ، بِاعۡتِبَارِ أَنَّهَا طَاعَةٌ للَّهِ؛ فَخَلَقَ ﭐلدَّجَّالُونَ لَهُم إِفۡكًا، وَأَمَرُوهُم بِأَعۡمَالٍ تَسِيرُ عَلَىٰ مَنۡهَجِهِم ﭐلۡفِكۡرِىِّ بَعِيدًا عَنۡ تَرۡتِيلِ ﭐلۡكِتَــٰبِ وَتَدَبُّرِهِ.
وَيَظُنُّ ﭐلۡمُغَرَّرُ بِهِمۡ أَنَّ ﭐلۡدَّجَّالِيِنَ ﭐلۡكَذَّابِيِنَ ﭐلَّذِيِنَ بَايَعُوهُم سَوۡفَ يُوفُونَ بِالبَيۡعَةِ يَوۡمَ ﭐلقِيِـٰمَةِ عِنۡدَ ﭐللَّهِ، فَقَالَ ﭐللَّهُ تَعَــٰلَىٰ لَهُمۡ:
“يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ أَنفِقُوا۟ مِمَّا رَزَقْنَـٰكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌۭ لَّا بَيْعٌۭ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌۭ وَلَا شَفَـٰعَةٌۭ ۗ وَٱلْكَـٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ”.
هَذَا ﭐلبَيۡعُ مَوۡجُودٌ عِنۡدَ جِمِيِعِ ﭐلۡأَدۡيَانِ وَﭐلمَذَاهِبِ، فِى جَمِيِعِ أَنۡحَآءِ ﭐلدُّنۡيَا، عَلَىٰ مُخۡتَلِفِ مَشَارِبِ ﭐلنَّاسِ، عَلَىٰ قَاعِدَةِ ﭐلۡمَشَايِخِ: “أَنَا أَعۡلَمُ مِنۡكُم، وَأَعۡرَفُ بِاللَّهِ، وَلَوۡ ثَمَّةَ خَطَأٍ فَهُمۡ مَنۡ سَيَتَحَمَّلُونَهُ:
“وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّبِعُوا۟ سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَـٰيَـٰكُمْ وَمَا هُم بِحَـٰمِلِينَ مِنْ خَطَـٰيَـٰهُم مِّن شَىْءٍ ۖ إِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ ﴿١٢﴾ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًۭا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ۖ وَلَيُسْـَٔلُنَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عَمَّا كَانُوا۟ يَفْتَرُونَ ﴿١٣﴾“. ﭐلعَنْكَبُوت.
فَبَلَّغَ ﭐللَّهُ عِبَادَهُ فِى كِتَـٰبِهِ بِفَسَادِ هَذَا ﭐلبَيۡعِ، وَبِرَغۡمِ ذَٰلِكَ فَلَا يَكُفُّ ﭐلنَّاسُ عَنۡ مُبَايَعَةِ ﭐلبَشَرِ مِنۡ أَرۡبَابِ ﭐلمَذَاهِبِ عَلَىٰ طَاعَةِ ﭐللَّهِ مِنۡ خِلَالِ مَذۡهَبِهِم، وَمِنۡ خِلَالِ رُؤۡيَتِهِم، وَمِنۡ خِلَالِ ﭐتِّبَاعِهِم.
2 ـ وَﭐلخُلَّةُ هِىَ أَنۡ يَتَدَخَّلَ ﭐلشَخۡصُ مُتَوَسِّطًا بِدَافِعٍ مِنۡ صِدۡقِ وَدِفۡءِ ﭐلمَشَـٰعِرِ؛ لِوُجُودِ عِلاَقَةٍ حَمِيِمِيَّةٍ تَرۡبُطُهُ بِمَنۡ يَتَدَخَّلُ مِنۡ أَجۡلِهِ!
3 ـ وَﭐلشَّفَـٰعَةُ هِىَ أَنۡ يَتَدَخَّلَ ﭐلشَخۡصُ مُتَوَسِّطًا بِدَافِعِ ﭐلرِّئَاسَةِ وَﭐلقِيَادَةِ، لِأَنَّهُ الأَحَقُّ بِالتَّدَخُّلِ لِوَجَاهَةٍ لَهُ عِنۡدَ مَنۡ يَتَدَخَّلُ عِنۡدَهُ!!
فَقَالَ ﭐللَّهُ لِعِبَـٰدِهِ فِى ﭐلدُّنۡيَا مُحَذِّرًا إِيَّاهُم أَنَّهُ لاَ بَيۡعٌ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَـٰعَةٌ فِى ﭐلأَخِرَةِ، فَأَنۡفِقُوا مِمَّا رَزَقۡنَـٰكُم مِنۡ قَبۡلِ أَنۡ يَأَتِىَ هَذَا ﭐليَوۡمُ.
أَىۡ أَنَّ مَا بَايَعَ ﭐلنَّاسُ عَلَيۡهِ، وَبَايَعَهُم عَلَيۡهِ ﭐلمُزَيَّفُونَ، مِنۡ بَيۡعَاتٍ، لَنۡ يَكُونَ مِنۡهَا شَيۡءٌ، وَلَنۡ يُمَرِّرَ ﭐللَّهُ أَيًّا مِنۡهَا يَوۡمَ ﭐلقِيَـٰمَةِ، فَالۡأَوۡلَىٰ هُوَ ﭐلۡإِنۡفَاقُ فِى سَبِيِلِ ﭐللَّهِ مِمَّا رَزَقَهُمُ ﭐللَّهُ، وَكَمَا أَمَرَهُم ﭐللَّهُ فِى كِتَـٰبِهِ.
وَبَعۡدَ أَنۡ عَلِمۡنَا أَنَّ ﭐللَّهَ لَا يُبَايِعُ أَحَدًا، وَإِنَّمَا يَشۡتَرِى مِنۡهُ؛ رَحۡمَةً، وَكَرَمًا وَعَطَآءً، وَإِنَّمَا يُبَايِعَهُ ﭐلنَّاسُ، نَأتِىَ ﭐلۡأَنَ إِلَىٰ بَيۡعَةِ ﭐلبَشَرِ لِلبَشَرِ:
جَآءَت بَيۡعَةُ ﭐلبَشَرِ لِلبَشَرِ بِكِتَــٰبِ ﭐللَّهِ كَمَا فِى قَوۡلِهِ ﭐللَّهِ تَعَــٰلَىٰ:
“إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِۦ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَـٰهَدَ عَلَيْهُ ٱللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًۭا ﴿١٠﴾“ ﭐلفَتۡح.
فَنَصَّ ﭐللَّهُ عَلَىٰ بَيۡعَةٍ مِنَ ﭐلمُؤۡمِنِيِنَ لِلنَّبِىِّ ظَاهِرًا، وَهِىَ بَيۡعَةٌ مِنَ ﭐلمُؤۡمِنِيِنَ لِرَبِّ ﭐلعَالَمِيِنَ حَقِيِقَةً. فَعَلَامَ كَانَت ﭐلبَيۡعَةُ؟!
وَﭐلحَقُّ أَنَّ ﭐللَّهَ بَيَّنَ تَفَاصِيِلَ ﭐلبَيۡعَةِ فِى قَوۡلِهِ تَعَـٰلَىٰ:
“يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَـٰرَةٍۢ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍۢ ﴿١٠﴾ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌۭ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿١١﴾ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّـٰتٍۢ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَـٰرُ وَمَسَـٰكِنَ طَيِّبَةًۭ فِى جَنَّـٰتِ عَدْنٍۢ ۚ ذَٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ ﴿١٢﴾ وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌۭ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتْحٌۭ قَرِيبٌۭ ۗ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴿١٣﴾“.
فَالَّذِيِنَ بَايَعُوا شَخۡصَ ﭐلنَّبِىِّ إِنَّمَا بَايَعُوا ﭐللَّهَ، فِى شَخۡصِ نَبِيِّهِ؛ إِذۡ ﭐللَّهُ هُوَ مَنۡ يَقۡدِرُ عَلَىٰ ﭐلعَطَآءِ، وَعَلَىٰ ﭐلوَفَآءِ:
“وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِ”.
وَﭐلَّذِيِنَ بَايَعُوا شَخۡصَ ﭐلنَّبِىِّ إِنَّمَا بَايَعُوا ﭐللَّهَ، وَلِذَا قَالَ: ” يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ”، وَلَمۡ يَقُلۡ: “يَد ﭐلنَّبِىِّ فَوقَ أَيدِيهِم”.
أَيۡضًا فَقَدۡ قَالَ ﭐللَّهُ تَعَـٰلَىٰ:
“۞ لَّقَدْ رَضِىَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِى قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَـٰبَهُمْ فَتْحًۭا قَرِيبًۭا ﴿١٨﴾ وَمَغَانِمَ كَثِيرَةًۭ يَأْخُذُونَهَا ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًۭا ﴿١٩﴾“ ﭐلفَتۡح.
فَجَآءَ ﭐلرِّضَىَ مُقۡتَرِنًا بِالعِلۡمِ: “فَعَلِمَ مَا فِى قُلُوبِهِمْ”، وَلَا يَسۡتَطِيِعُ ذَٰلِكَ إِلَّا ﭐللَّهُ سُبۡحَـٰنَهُ وَتَعَـٰلَىٰ.
أَيۡضًا فَقَدۡ جَآءَت ﭐلبَيۡعَةُ مِنَ ﭐلبَشَرِ لِلِبَشَرِ فِى قَوۡلِهِ تَعَـٰلَىٰ:
“يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰٓ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْـًۭٔا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَـٰدَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَـٰنٍۢ يَفْتَرِينَهُۥ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِى مَعْرُوفٍۢ ۙ فَبَايِعْهُنَّ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌۭ رَّحِيمٌۭ ﴿١٢﴾“ ﭐلمُمۡتَحِنَة.
نَسۡتَطِيعُ ﭐلۡــَٔـــٰنَ أَنۡ نَقُولَ إِنَّ ﭐلۡبَيۡعَةَ:
1 – كَانَت (ﭐلۡبَيۡعَةُ) جُزۡءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنۡ مَلَامِحِ بِدَايَةِ ﭐلدَّعۡوَةِ للَّهِ.
2 – وَجَآءَت (ﭐلۡبَيۡعَةُ) فِى ظُرُوفٍ ﭐسۡتِثۡنَآىِٕيَّةٍ، ﭐسۡتَدۡعَت ﭐلۡقِتَالَ فِى سَبِيلِ ﭐللَّهِ، لِتَكَالُبِ ﭐلۡكُفَّارِ عَلَىٰ ﭐلدَّعۡوَةِ لِوَأدِهَا فِى مَهۡدِهَا.
3 – أَنَّ طَرَفَ ﭐلۡبَيۡعَةِ ﭐلثَّانِى كَانَ هُوَ ﭐلنَّبِىِّ، وَبِتَشۡرِيِعٍ مِنَ ﭐللَّهِ لَهُ هُوَ بِشَخۡصِهِ (يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتُ يُبَايِعْنَكَ)، وَلَمۡ تُشۡرَعۡ لِأَحَدٍ مِنۡ بَعۡدِهِ (فَبَايِعْهُنَّ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ).
4 – لَمۡ يَأتِ نَصُّ وَاحِدٌ يَنُصُّ عَلَىٰ إِعۡطَآءِ بَيۡعَةٍ لِأَحَدٍ بَعۡدَ ﭐلنَّبِىِّ -عَلَيۡهِ ﭐلسَّلَــٰمِ- أَبَدًا.
إِذًا فَقَدۡ كَانَ مَوۡضُوعُ ﭐلبَيۡعَةِ مُحَدَّدًا، كَمَا قَالَ تَعَـٰلَىٰ:
“۞ إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ ۚ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّۭا فِى ٱلتَّوْرَىٰةِ وَٱلْإِنجِيلِ وَٱلْقُرْءَانِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِ ۚ فَٱسْتَبْشِرُوا۟ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِى بَايَعْتُم بِهِۦ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ ﴿١١١﴾“ ﭐلتَّوۡبَة.
وَمَنۡ زَادَ عَلَىٰ ذَٰلِكَ بِلَا نَصٍّ مِنۡ كِتَـٰبِ اللَّهِ فَهُوَ مُفۡتَىِٕتٌ، خَرَّاصٌ، شَاقَقَ ﭐلرَّسُولَ مِنۡ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ﭐلهُدَىٰ.
وَﭐللَّهُ لَمۡ يَطۡلُبۡ بَيۡعَةً مِنَ ﭐلۡمُؤۡمِنِينَ عَنۡ طَرِيقِ أَحَدٍ، كَمَا يَفۡعَلُ هَذَا ﭐلۡجَهُولُ، وَكَمَا يَفۡعَلُ ﭐلجَهُولُونَ مِنۡ أَرۡبَابِ ﭐلمَذَاهِبِ وَﭐلجَمَاَعَاتِ.
وَنَظَرًا لِأَنَّ مَقَالَهُ يَعُجُّ بِالۡأَخۡطَآءِ، فَسَأُرَكِّزُ عَلَىٰ بَعۡضِ مَا فِيهِ:
1- أَنَّهُ يَجۡهَلُ مَعۡنَىٰ ﭐلۡبَيۡعَةِ، بِرَغۡمِ كَثۡرَةِ ثَرۡثَرَتِهِ عَنۡهَا.
2 – وَلَا يَدۡرِى بِالۡفَرۡقِ بَيۡنَ ﭐلتِّجَارَةِ وَبَيۡنَ ﭐلۡبَيۡعِ، فَقَالَ عَنِ ﭐلۡبَيۡعَةِ:
“أشبه بالعقد الذي يكون بين البائع والمشتري”.
فَشَابَهَ ﭐلۡعَوَامَّ وَقَالَ بِعُقُودٍ بَيۡنَ بَآىِٕعِ وَمُشۡترٍ، بَدَلًا مِنۡ بَآىِٕعٍ وَمُبۡتَاعٍ، وَشَارٍ وَمُشۡتَرٍ.
3 – أَنَّهُ دَعَا ﭐلنَّاسَ لِلبَيۡعَةِ حَسَبَ رُؤۡيَتِهِ هُوَ لِلإِسۡلَامِ، وَهُوَ مَا سَمَّاهُ بِـ: “التوجه نحو إسلام الرسول“، وَقَالَ عَنۡهُ نَصًّا:
“وحسب التوجه «نحو إسلام الرسول»، فليس أمام الناس للدخول في «دين الإسلام»، وليس أمام المسلمين لإعادة الدخول في «دين الإسلام»، غير باب واحد فقط لا غير: باب «الآية القرآنية العقلية العربية» المعاصرة للناس جميعًا اليوم”.
4 – وَﭐلۡاَخۡطَرُ فِيمَا قَالَهُ هُوَ: أَنَّ ﭐلۡمُسۡلِمِينَ لَابُدَّ لَهُمۡ مِنۡ هَذِهِ ﭐلۡبَيۡعَةِ لِلدُّخُولِ فِى دِينِ ﭐلۡإِسۡلَــٰمِ، كَمَا قَالَ:
“وليس أمام المسلمين لإعادة الدخول في دين الإسلام، غير باب واحد فقط لا غير: باب الآية القرآنية العقلية العربية المعاصرة للناس جميعًا اليوم، والتي لا تطلب ممن دخل في دين الإسلام غير أن يبايع الله تعالى”.
ﭐنۡظُرُوا جَيِّدًا لِقَوۡلِهِ: “وليس أمام المسلمين لإعادة الدخول في دين الإسلام“.
تَعۡلَمُونَ أَنَّهُ يَرَىٰ ﭐلنَّاسَ كُلَّهُم غَيۡرَ مُسۡلِمِينَ، مَهۡمَا كَانَ تَوَجُّهَهُم، إِلَّا أَنۡ يَكُونُوا مِثۡلَهُ، وَيَسِيرُونَ عَلَىٰ خُطَاهِ، وَيُعۡطُونَهُ بَيۡعَةً؛ وَلِذَا فَإِنَّهُ مِنَ ﭐلۡاَنۡسَبِ أَنۡ نَسۡتَكۡمِلَ كَلَــٰمَهُ، إِذۡ يَقُولُ:
“وحسب التوجه «نحو إسلام الرسول»، فليس أمام الناس للدخول في «دين الإسلام»، وليس أمام المسلمين لإعادة الدخول في «دين الإسلام»، غير باب واحد فقط لا غير: باب الآية القرآنية العقلية العربية المعاصرة للناس جميعًا اليوم، والتي لا تطلب ممن دخل في دين الإسلام غير أن يبايع الله تعالى ويقول: [أُبَايُع الله تعالي على تفعيل آيات الذكر الحكيم وأحكامها سلوكًا عمليًا في كل شأن من شؤون حياتي والله على ما أقول شهيد]”!!!
فِمۡنۡ أَيۡنَ جَآءَ محمد مشتهرى بِهَذَا ﭐلۡافۡتِرَآءِ؟!
أَلَيۡسَ هَذَا ﭐلرَّجُلُ سَلَفِيًّا، وَخَرَّاصًا، بِامۡتِيَازٍ؟!
وَنَظَرًا لِأَنَّهُ لَا يَرَىٰ إِلَّا نَفۡسَهُ فَنَجِدَهُ مُتَعَجِّبًا مِمَّنۡ تَرَدَّدُوا فِى مُوَافَقَتِهِ، وَيَقُولُ:
“واللافت للنظر والغريب حقًا، أنني ما طلبت من أحد أن يعقد «البيعة» مع الله تعالى، إلا وتردد وطلب إعطائه فرصة للتفكير، وكأن هذه البيعة سيعقدها مع محمد مشتهري“!! اهـ.
وَأَخِيرًا، وَلَيۡسَ بِأَخِرٍ، فَقَدۡ وَجَدۡتُهُ مَرَّةً أُخۡرَىٰ يُسَمِّى ﭐلۡجِسۡمَ بِالۡجَسَدِ، فَقَالَ:
“. . ولتعلموا أن الزواج في دين الإسلام ليس ارتباط جسدين، وإنما ارتباط قلبين أخلصا دينهما لله تعالى”.
بِرَغۡمِ أَنَّنِى صَوَّبۡتُ لَهُ ذَٰلِكَ سَابِقًا وَﭐعۡتَذَرَ، وَصَوَّبَ خَطَأَهُ حِينَهَا، وَلَكِنَّ ﭐلۡجَهۡلَ يَفۡرِضُ نَفۡسَهُ.
وَهَكَذَا نَرَىٰ سُلُوكَ ﭐلۡجُهَّالِ وَهُمۡ يَدۡعُونَ ﭐلنَّاسَ لِبَيۡعَتِهِم بَدَلًا مِنۡ أَنۡ يَنۡشَغِلُوا بِخَيۡبَتِهِم، وَتَخۡفِيفِ جَهۡلِهِم.