جَهلُ لِصِّ بَغدَادَ بِقَولِ ﭐللَّهِ: “فَٱلْتَقَطَهُۥٓ ءَالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّۭا وَحَزَنًا” 4/1
بِتَارِيخِ 2 يُونۡيُو 2020 سَوَّدَ مشتهري مَقَالًا إِنۡ دَلَّ عَلَىٰ شَىۡءٍ فَإِنَّمَّا يَدُلُّ عَلَىٰ ﭐلۡوَضۡعِ ﭐلَّذِى تَرَدَّىٰ إِلَيۡهِ، وَعَنۡوَنَهُ بِعُنۡوَانِ:
“فتنة الفيس بوك، والـ ٣٣ ألف متابع، والمعجبين منهم بمنشوراتها”
يَقُولُ فِيهَا (بَعۡدَ سَبِّهِ وَتَكۡفِيرِهِ):
” وقد شهدت دروس لغة القرآن العربية خلال شهر رمضان (ﭐلَّتِى سَرَقَهَا مِنۡ زِيَادِ ﭐلسُّلۡوَادِى، وَد. ﭐلۡعَرَبۡلِى، وَد. ﭐلۡهِبۡتَارِى، وَد. أَحۡمد عِيد عَبۡد ﭐلفَتَّح حَسَن، وَأُنۡطُوَان ﭐلدَّحۡدَاح) وما بعدها وإلى يومنا هذا أنهم (مَنۡ يَكۡتِفِى بِكَلَــٰمِ ﭐللَّهِ) كاذبون … يفترون على الله الكذب”!!!
ثُمَّ يَتَحَدَّىٰ أَنۡ يَكُونَ ﭐلۡقُرۡءَانَ وَحۡدَهُ هَادِيًا، وَمُبِينًا، وَمُبَيِّنًا، وَتِبۡيَانًا، وَتَفۡصِيلًا، فَلِمَاذَا؟!!!
لِأَنَّ ﭐللهَ قَالَ:
“فَٱلْتَقَطَهُۥٓ ءَالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّۭا وَحَزَنًا…” ﭐلۡقَصَص.
قَالَ ﭐلسَّاذِجُ:
“لا يعقل أن يلتقط آل فرعون موسى من اليم لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّۭا وَحَزَنًا، أى وهم يعلمون ذلك. فهذا استفتاء عام على مستوى الـ 33 ألف متابع للصفحة. بشرط أن تكون الإجابة اللغوية من داخل القرآن، استنادًا إلى قوله تعالى:
وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ تِبْيَـٰنًۭا لِّكُلِّ شَىْءٍۢ
وَكُلَّ شَىْءٍۢ فَصَّلْنَـٰهُ تَفْصِيلًۭا
فإذا قلت: لا خطأ فى الآية فهل دليلك على ذلك من داخل القرآن؟!” اهـ.
فَهَلۡ رَأَيۡتُمۡ خَيۡبَةً مِثۡلَ ﭐلۡيَوۡمِ؟!!!
يَقُولُ عَدُوُّ ﭐلۡقُرۡءَانِ:
1 – إِنَّ ﭐلۡاَيَةَ فِيهَا خَطَأٌ، لَوۡ نَظَرَتَ إِلَيۡهَا فِى كِتَــٰبِ ﭐللَّهِ فَقَطۡ،
2 – إِنَّكَ لِكَىّ تَصِلَ إِلَىٰ أَنَّ ﭐلۡأَيَةَ لَيۡسَ بِهَا خَطَأٌ، فَلَابُدَّ وَأَنۡ تَلۡجَأَ إِلَىٰ مَرَاجِعَ أَبِيِهِ، وَإِلَّا فَإِنَّكَ لَنۡ تَجِدَ فِى ﭐلۡقُرۡءَانِ مَا يَدۡفَعَ هَذَا ﭐلۡخَطَأَ
وَيَتَحَدَّىٰ أَمَامَ ﭐل، 33 ألف مُتَابِعًا ﭐلۡوَهۡمِيِّينَ ﭐلۡمَوۡجُودِينَ فِى خَيَالِهِ ﭐلۡمَرِيضِ فَقَطۡ .
هَذَا هُوَ ﭐلۡمَرِيضُ عَدُوُّ ﭐلۡقُرۡءَانِ مُشۡتُهُرِى.
طَيِّب: فِيۡن ﭐلۡوَلَد طَالِب ﭐلِاعۡدَادِى؟!
تَعَالَ يَا بُنَىَّ: ﭐلۡاَيَة دِى جَت فِين يَاد؟
فِى سُورَةِ ﭐلۡقَصَصِ يَا أُسۡتَاذ.
مِين ﭐللِى بيَقُصّ ﭐلقَصَص فى كِتَــٰبِ ﭐللَّهِ يَابۡنِى؟
رَبِّنَا يَا أُسۡتَاذ.
إِيه دَلِيلَك يَا وَلَه؟
رَبِّنَا قَال: “نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ هَـٰذَا ٱلْقُرْءَانَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِۦ لَمِنَ ٱلْغَـٰفِلِينَ”.
طَيِّب هِنَا مِين اللى بِيتَكَلِّم:
رَبِّنَا يَا أُسۡتَاذ.
دَلِيلَك:
لأَنَّ رَبَّنَا قَال قَبۡلَهَا: “نَتْلُوا۟ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِٱلْحَقِّ لِقَوْمٍۢ يُؤْمِنُونَ ﴿٣﴾”.
إِلَىٰ أَنۡ قَاَلَ:
“وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰٓ أُمِّ مُوسَىٰٓ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى ٱلْيَمِّ وَلَا تَخَافِى وَلَا تَحْزَنِىٓ ۖ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴿٧﴾ فَٱلْتَقَطَهُۥٓ ءَالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّۭا وَحَزَنًا”.
يَعۡنِى يَا أُسۡتَاذ اللى بِيقُول: “فَٱلْتَقَطَهُۥٓ ءَالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّۭا وَحَزَنًا”، هُوَ رَبُّ ﭐلۡعَــٰلَمِينَ، ﭐلَّذِى يَعۡلَمُ كُلَّ شَىۡءٍ كَيۡفَ سَيَكُونُ.
طب يَا بۡنِى قُول لِلأَهۡبَل ﭐللِى بِيشَكِكّ فِى ﭐلۡقُرۡءَان دَه، وَﭐبۡقَى ﭐقۡعُدۡ مَعَاه كُلُّ يَوۡمٍ شِويَّة، يِمۡكِن يِطۡلَع مِنك بِحَاجَة.
ﭐنۡتَهَىٰ دَوۡرُ طَالِبِ ﭐلۡإِعۡدِادِى، وَأَقُولُ:
إِنَّ هَذَا ﭐلۡمَرِيضَ ﭐلۡقَلۡبِ، لَا يَدۡرِى عَنِ ﭐللهِ وَلَا عَنۡ كِتَــٰبِهِ شَيۡئًا.
ﭐللَّهُ سُبۡحَــٰنَهُ يُبَيِّنُ فِى كِتَــٰبِهِ مَا يَغِيبُ عَنۡ هَذَا ﭐلسَّارِقِ ﭐلۡجَهُولِ.
وَلِذَٰلِكَ فَسَأَبۡدَأُ فِى ﭐلرَّدِّ عَلَىٰ هَذَا ﭐلۡجَهُولِ الَّذى صَارَ لَا هَمَّ لَهُ إِلَّا إِثۡبَاتَ غَيِّهِ ﭐلۡقَدِيمِ فِى عَدَمِ كِفَايَةِ ﭐلۡقُرۡءَانِ، وَاَنَّهُ بِدُونِ مَرَاجِعِ أَبِيِهِ فَهُوَ صِفۡرٌ عَلَىٰ الشِّمَالِ.
وَعِنۡدَمَا يَنۡظُرُ ﭐلۡمُؤۡمِنُ إِلَىٰ قَوۡلِ ﭐللَّهِ تَعَــٰلَىٰ:
“وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ أُمِّ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَرۡضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفۡتِ عَلَيۡهِ فَأَلۡقِيهِ فِى ٱلۡيَمِّ وَلَا تَخَافِى وَلَا تَحۡزَنِىٓ ۖ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيۡكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ ﴿٧﴾ فَٱلۡتَقَطَهُۥٓ ءَﭐلُ فِرۡعَوۡنَ لِيَكُونَ لَهُمۡ عَدُوًّۭا وَحَزَنًا”.
فَإِنَّ أَوَّلَ شَىۡءٍ سَيَنۡتَبِهُ إِلَيۡهِ ﭐلۡمُؤۡمِنُ هُوَ أَنَّ لُطۡفَ ﭐللَّهِ قَدۡ بَدَأَ، وَوَضَحَ فِى أَرۡبَعِ مَسَآىِٕلٍ:
1 – “فَإِذَا خِفۡتِ عَلَيۡهِ فَأَلۡقِيهِ فِى ٱلۡيَمِّ”.
2 – “إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيۡكِ”.
3 – “وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ”.
4 – “لِيَكُونَ لَهُمۡ عَدُوًّۭا وَحَزَنًا”.
فَقَوۡلُ ثَانِىَ عِطۡفِهِ: “فإذا قلت: لا خطأ فى الآية فهل دليلك على ذلك من داخل القرآن”، هُوَ كَقَوۡلِ فِرۡعَوۡنَ: “وَمَا رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِينَ”.
وَعَوۡدٌ عَلَىٰ بَدۡءٍ، فَسَيَسۡتِمِرُّ لُطۡفُ ﭐللَّهِ فِى مَا سَيَلِى مِنَ ﭐلۡأَحۡدَاثِ، وَلِأَنَّ ﭐلۡمُؤۡمِنَ عَرِفَ رَبَّهُ، وَعَلِمَ مِنۡ كِتَــٰبِهِ، كَيۡفَ أَنَّ لِلَّهِ سُنَنًا تَرۡتَبِطُ بِأَسۡمَــٰٓـىِٕهِ، وَﭐعۡتَادَ عَلَىٰ أَنَّ أَقۡدَارَ ﭐللَّهِ تَأتِى مُرۡتَبِطَةً بِهَذَا ﭐللُّطۡفِ؛ لِذَا فَهُوَ يَقۡرَأُ كِتَــٰبَ رَبِّهِ بِشَغَفٍ، وَيَتَعَلَّمُ مِنۡهُ كُلَّ يَوۡمٍ مَا هُوَ جَدِيدٌ.
وَﭐلۡمُؤۡمِنُ دَرَسَ ﭐسۡمَ ﭐللَّهِ “ﭐللَّطِيف” وَلِذَا فَهُوَ يَسۡتَحِيلُ أَنۡ يَنۡشَغِلَ بِمَوۡقِعِ حَرۡفِ ﭐلۡلَّامِ ﭐلَّذِى تَحَدَّىٰ بِهِ ﭐلۡجَهُولُ “لِصُّ بَغۡدَادِ”، فِى كَلِمَةِ: “لِيَكُونَ” فِى ﭐلۡاَيَةِ.
وَٱللَّطِيفُ مِنَ ﭐلأَصۡلِ: “لَ طۡ ف”. وَقۡدَ جَآءَ ﭐللُّطۡفُ بِمُشۡتَقَّاتِهِ بِكِتَــٰبِ ﭐللَّهِ ثَمَانِ مَرَّاتٍ، عَلَىٰ ثَلاَثِ مُشۡتَقَّاتٍ، كَالتَّـــٰلِى: لَطِيفٌۭ/ ٱللَّطِيفُ/ يَتَلَطَّفۡ.
وَقَدۡ وَرَدَت هَذِهِ ﭐلمُشۡتَقَّاتُ بِالسُّوَرِ كَالتَّـــٰلِى:
ﭐللَّطِيفُ: مَرَّتَان: 103 ﭐلۡاَنۡعَام، 14 ﭐلمُــلـۡك
لَطِيفٌ: خَمۡسَ مَرَّاتٍ: يُوسُف 100، ﭐلحَـــــجّ 63، لُقۡمَـان 16، ﭐلأَحۡزَاب 34، ﭐلشُّورَى 19.
يَتَلَطَّفُ: مَرَّةً فِى ﭐلۡكَهۡفِ 19
وَلَطُفَ أَىۡ: دَقَّ إِلَىٰ مَا يَقۡرُبُ مِنَ ﭐلخَفَآءِ، وَكُلُّ مُتَنَاهِى ﭐلصِغَرِ فَهُوَ لَطِيِفٌ، وَيَتَلَطَّفُ أَىۡ يَفۡعَلُ مَا يَجۡعَلُهُ غَيۡرُ مُلاَحَظٍ، وَكَأنَّهُ خَرَجَ مِنۡ ﭐنۡتِبَاهِ ﭐلأَخَرِيِنَ؛ فَيُخفِى هَويَّتَهُ أَوۡ وَقۡعَ أَقۡدَامِهِ، أَوۡ يَتَجَنَّبُ ﭐلاحۡتِكَاكَ بِأَحَدٍ، فَلاَ يُشۡعَرُ بِهِ، وَلِذَا قَالَ تَعَــٰلَىٰ عَنۡ أَصۡحَــٰبِ ﭐلكَهۡفِ:
“وَكَذَٰلِكَ بَعَثۡنَـٰهُمۡ لِيَتَسَآءَلُوا۟ بَيۡنَهُمۡ ۚ قَالَ قَآئِلٌۭ مِّنۡهُمۡ كَمۡ لَبِثۡتُمۡ ۖ قَالُوا۟ لَبِثۡنَا يَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ يَوۡمٍۢ ۚ قَالُوا۟ رَبُّكُمۡ أَعۡلَمُ بِمَا لَبِثۡتُمۡ فَٱبۡعَثُوٓا۟ أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمۡ هَـٰذِهِۦٓ إِلَىٰ ٱلۡمَدِينَةِ فَلۡيَنظُرۡ أَيُّهَآ أَزۡكَىٰ طَعَامًۭا فَلۡيَأۡتِكُم بِرِزۡقٍۢ مِّنۡهُ وَلۡيَتَلَطَّفۡ وَلَا يُشۡعِرَنَّ بِكُمۡ أَحَدًا ﴿١٩﴾ إِنَّهُمۡ إِن يَظۡهَرُوا۟ عَلَيۡكُمۡ يَرۡجُمُوكُمۡ أَوۡ يُعِيدُوكُمۡ فِى مِلَّتِهِمۡ وَلَن تُفۡلِحُوٓا۟ إِذًا أَبَدًۭا ﴿٢٠﴾”.
فَتَلَطُّفِ ﭐلَّذِى سَيَذۡهَبُ لِجَلۡبِ ﭐلطَّعَامِ يَكُونُ بِإِخۡفَآءِهِ هَوۡيَّتِهِ، وَعَدَمِ ﭐلاحۡتِكَاكِ بِأَحَدٍ، وَإِذَا رَأَىَ مَنۡ يَعۡرِفُهُ؛ ﭐتَّخَذَ سَبِيِلاً يُبۡعِدُهُ عَنۡهُ، وَمَا شَابَهَ ذَٰلِكَ مِنۡ أَسَالِيِبِ ﭐلتَّوۡرِيَةِ وَﭐلتَّخَفِّى، لِئَلاَّ يُتَعَرَّفُ عَلَيۡهِ.
وَﭐللُّطۡفُ مِنَ ﭐللهِ تَعَــٰلَىٰ يَأتِى عَلَى ضَرۡبَيۡنِ؛ إِمَّا أَنۡ يَأتِىَ فِى ﭐلخَلۡقِ، أَوۡ أَنۡ يَأتِىَ فِى ﭐلأَمۡرِ:
فَاللُّطۡفُ فِى ﭐلخَلۡقِ مَعۡنًى هُوَ ﭐلتَّنَاهِى فِى ﭐلصِغَرِ فِى ﭐلخَلۡقِ حَتَّى يُوشِكُ عَلَى ﭐلاخۡتِفَآءِ. وَقَدۡ عَرِفۡنَا بَعۡضًا عَنۡهُ، عِنۡدَمَا نَظَرۡنَا فِى أَصۡغَرِ مُكَوِّنٍ لِلمَخۡلُوقِ، وَهِىَ ﭐلخَلِيَّةُ. فَكَانَ مِنۡ ذَٰلِكَ أَنَّ ﭐلخَلِيَّةَ مَنۡ دِقَّتِهَا، وَلُطۡفِهَا، لَا تُرَى بِالعَيۡنِ ﭐلمُجَرَّدَةِ، وَإِنَّمَا تَظۡهَرُ تَحۡتَ مَيِكۡرُوسۡكُوبٍ، وَإِذَا بِهَا تَنۡقَسِمُ إِلَىٰ نَوَاةٍ، وَمُحِيِطٍ مِنَ ﭐلسِيِتُوبلَازم، إِلَّا أَنَّهُ بَعۡدَ عَشَرَاتِ ﭐلسِّنِيِنَ، تَمَّ اخۡترَاعَ ﭐلمَيِكۡرُوسۡكُوبٍ ﭐلإِلكۡتُرُونِىٍّ، ﭐلَّذِى قَامَ بِتَكۡبِيِرِ خَلِيَّةِ ﭐلإِنۡسَانِ، إِلَىٰ مَا يَقۡرُبُ مِنۡ خَمۡسِيِنَ أَلفَ ضِعۡفٍ، فَإِذَا بِتَفَاصِيلٍ أَلۡطَفِ دَاخِلَ نَوَاةِ ﭐلخَلِيَّةِ؛ وَإِذَا بِهَذِهِ ﭐلنَّوَاةِ تَحۡمِلُ دَاخِلُهَا ثَلاَثَةَ ءَالآفِ مِليُونَ زَوۡجٍ مِنَ ﭐلعَنَاصِرِ ﭐللَّطِيِفَةِ؛ تَمَّ صَفُّهَا فِى شَرِيِطٍ مُزۡدَوَجٍ، مُكَوَّرٍ، يُحَدِّدُ مَنۡ سَيُخۡلَقُ وَصِفَاتُهُ، وَكُلُّ شَيۡءٍ عَنۡ خَلۡقِهِ وَخِلۡقَتِهِ، وَمِنۡ مَجۡمُوعِهَا يَتَكَوَّنُ ﭐلجِيِنُوم.
وَهَذَا ﭐلجِيِنُوم يَتَكَوَّنُ مِنۡ حَاصِلِ ضَرۡبِ ﭐلمَائَةِ تِرِيِليُون خَلِيَّةٍ ﭐلمُكَوِّنَةِ لِجِسۡمِ ﭐلإِنۡسَانِ، مَضۡرُوبًا فِى ثَلَاثَةِ مِلۡيَارِ زَوۡجٍ مِنَ ﭐلقَوَاعِدِ ﭐلنَيِتۡرُوجِيِنِيَّةِ، بِكُلِّ خَلِيَّةٍ (300،000،000،000،000،000،000،000،000،000)، فَإِذَا مَا بَعُدۡنَا عَنۡ جِسۡمِ ﭐلإِنۡسَانِ، فَسَنَجِدُ أَنَّ لِكُلِّ مَخۡلُوقٍ مَصۡفُوفَتَهُ، ﭐلمَصۡفُوفَةُ بِتَكۡوِيِدٍ خَاصٍّ بِهِا، وَﭐلمَحۡكُومَةُ بِسُنَّةٍ، لِيَنۡشَأَ عِلَى مَا هُوَ عَلَيۡهِ، مُتَمَيِّزًا عَنۡ غَيۡرِهِ مِنَ ﭐلمَخۡلُوقَاتِ.
فَهۡلَ كَانَ يَتَخَيَّلَ أَحَدٌ -قَدِيِمًا- مِثۡلَ هَذَا ﭐللُّطۡفِ فِى ﭐلخَلۡقِ؟!!
فَإِذَا مَا أَضَفۡنَا إِلَىٰ ذَٰلِكَ أَنَّ أَصۡغَرَ مُكَوِّنٍ فِى ﭐلكَائِنِ ﭐلۡحَىِّ وَهِىَ ﭐلخَلِيَّةُ، تَقُومُ عَلَى ﭐلۡفَلۡقِ، نَبَاتِيَّةٌ كَانَت أَوۡ حَيَوَانِيَّةٌ، إِذۡ تَنۡفَلِقُ ﭐلۡخَلِيَّةُ إِلَىٰ نَوَاةٍ وَمُحِيِطٍ. وَتَنۡفَلِقُ ﭐلنَّوَاةُ إِلَىٰ مَجۡمُوعَةٍ مِنَ ﭐلعَنَاصِرِ كَالأُكسِجِين، وَﭐلكَرۡبُون، وَﭐلأَيدُرُوجِين، وَﭐلنِّترُوجِين، وَﭐلفُسۡفُور، وَﭐلبُوتَاسيُوم، وَﭐلصُّودۡيُوم، وَﭐلكَبۡرِيِت، وَﭐلكُلُور، وَﭐلمَغۡنِسيُوم، وَﭐلكُوبَالت، وَﭐليُود وَغَيۡرُ ذَلِكَ مِنۡ عَنَاصِرٍ، يَتَكَوَّنُ ﭐلجِيِنُوم مِنۡ بَعۡضِهَا. فَإِذَا مَا أَضَفۡنَا إِلَىٰ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ عُنۡصُرٍ مِنۡ عَنَاصِرِ ﭐلخَلِيَّةِ يَنۡفَلِقُ بِدَوۡرِهِ إِلَىٰ ذَرَّاتٍ تَجۡتَمِعُ دَاخِلَ ﭐلخَلِيَّةِ، وَهِىَ -بِدَوۡرِهَا- مَفۡلُوقَةٌ إِلَىٰ نَوَاةٍ وَإِلِكۡتِرُونٍ: ﭐلنَّوَاةُ مُوجَبَةٌ، وَﭐلإِلكۡتِرُونُ سَالِبٌ، وَيَظَلُّ هَذَا ﭐلانۡقِسَامُ يَنۡتَقِلُ إِلَىٰ مَا هُوَ أَصۡغَر، مِنۡ مُكَوِّنَاتِ ﭐلذَّرَّةِ، وَيَظَلُّ ﭐلفَلۡقُ مُمۡتَدٌّ لِلألۡطَفِ، ﭐنۡتِهَآءً بالكوَاركَات (حَسَب مَعۡرِفَتِى إلى ﭐلأَن).
إِذًا فَخَلۡقُ ﭐللهِ لَطُفَ، وَلاَ يَخۡلُقُهُ إِلاَّ لَطِيِفٌ خَبِيِرٌ، وَبِنَفۡسِ ﭐللُّطۡفِ يَأَتِى أَمۡرُ ﭐللهِ، بِمَا فِى ذَٰلِكَ مَاَحَدَثَ فِيمَا قَصَّهُ ﭐللَّهُ عَلَيۡنَا: “فَٱلْتَقَطَهُۥٓ ءَالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّۭا وَحَزَنًا”.
فَإِذَا مَا جَآءَ ﭐللُّطۡفُ فِى ﭐلأَمۡرِ، عَنِىَ ﭐللُّطۡفُ: خَفَآءَ ﭐلتَّقۡدِيِرِ، وَخَفَآءَ جُزۡئِيَّاتِهِ، حَتَى يَنۡتَهِى إِلَىٰ مَا قُدِّرَ عَلَىٰ ﭐلتَّمَامِ دُونَ أَنۡ تَدُلَ أَىُّ جُزۡئِيَّةٍ مِنۡ جُزۡئِيَّاتِهِ عَلَيۡهِ. وَهُوَ كَمَا جَآءَ بِقَوۡلِهِ تَعَــٰلَىٰ:
“وَرَفَعَ أَبَوَيۡهِ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ وَخَرُّوا۟ لَهُۥ سُجَّدًۭا ۖ وَقَالَ يَـٰٓأَبَتِ هَـٰذَا تَأۡوِيلُ رُءۡيَـٰىَ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَعَلَهَا رَبِّى حَقًّۭا ۖ وَقَدۡ أَحۡسَنَ بِىٓ إِذۡ أَخۡرَجَنِى مِنَ ٱلسِّجۡنِ وَجَآءَ بِكُم مِّنَ ٱلۡبَدۡوِ مِنۢ بَعۡدِ أَن نَّزَغَ ٱلشَّيۡطَـٰنُ بَيۡنِى وَبَيۡنَ إِخۡوَتِىٓ ۚ إِنَّ رَبِّى لَطِيفٌۭ لِّمَا يَشَآءُ ۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ ﴿١٠٠﴾”.
نُلاَحِظُ هُنَا أَنَّ ﭐللَّهَ تَعَــٰلَىٰ قَدۡ بَيَّنَ مَعۡنَى أَنَّهُ لَطِيِفٌ لِمَا يَشَآءُ، وَهُوَ مَا بَيَّنَتۡهُ ﭐلسُّورَةُ فِى مُجۡمَلِهَا:
فَاللهُ تَعَــٰلَىٰ أَرَادَ أَنۡ يَكُونَ يُوسُفَ -عَلَيۡهِ ﭐلسَّلــٰمُ- نَبِيًّا وَرَسُولًا.
وَأَنۡ يَجۡلِسَ عَلَى عَرۡشِ مِصۡرَ.
وَاَنۡ يَسۡجُدَ لَهُ أَبَوَاهُ وَإِخۡوَتُهُ ﭐلۡأَحَدَ عَشَرَ.
فَكَيۡفَ كَانَ ذَلِكَ؟!
– ألقَاهُ أُخۡوَتُهُ فِى ﭐلجُبِّ، فَانۡفَصَلَ عِنۡ أَهۡلِهِ. وَهُوَ حَدَثٌ لَا يُوحِىَ أَبَدًا بِمَا سَيَكُونُ مُسۡتَقۡبَلًا.
– ثُمَّ أَرۡسَلَ ﭐللهُ لَهُ سَّيَّارَةً لِيُرۡسِلُوا وَارِدَهُم وَيَدۡلُوَا بِدَلۡوِهِ لِيَجِدَ يُوسُفَ (لُطۡف).
– ثُمَّ يُزَهِّدُهُمُ ﭐللهُ فِيِهِ لِيَشۡرَوهُ، فَيُعۡثِرُهُمُ ﭐللهُ فِى عَزِيِزِ مِصۡرَ لِيَشۡتَرِيِهِ (لُطۡف).
– ثُمَّ يَنۡشَأُ فِى بَيۡتِ ﭐلمُلۡكِ وَﭐلمَالِ، لِيَجِدَ ﭐلوَقۡتَ ﭐلَّذِى يَعۡبُدُ ﭐللهَ فِيِهِ، وَيَكُونُ عَلَى صِلَةٍ دَآئِمَةٍ (لُطۡف).
– ثُمَّ يُنَجِّيِهُ ﭐللهُ مِنۡ مَكِيِدَةِ ﭐمۡرَأَةِ ﭐلعَزِيِزِ بِالشُّهُودِ وَمِنۡ أَهۡلِهَا (لُطۡف).
– ثُمَّ يُرۡسِلُ ﭐللهُ إِلَيۡهِ فِى ﭐلسِّجۡنِ سَاقِىَ ﭐلمَلۡكِ ﭐلَّذِى سَيَنۡجُو (لُطۡف).
– ثُمَّ يَشَآءُ ﭐللهُ أَنۡ يَرَى ﭐلسَّاقِى فِى ﭐلمَنَامِ أَنَّهُ يَعۡصِرُ خَمۡرًا، لِيُؤَوِّلَهَا لَهُ يُوسُفُ -عَلَيۡهِ ﭐلسَّلــٰم- بِأَنَّهُ سَيُسۡقِى ﭐلمَلِكَ خَمۡرًا، فَيَعۡلَمُ ﭐلسَّاقِى بَعۡدَ نَجَاتِهِ أَنَّ يُوسُفَ عَلَى عِلۡمٍ حَقٍّ فِى تَأوِيِلِ ﭐلأَحَادِيِثِ (لُطۡف).
– ثُمَّ يَشَآءُ ﭐللهُ أَنۡ يَرَى ﭐلمَلِكُ فِى ﭐلمَنَامِ ﭐلسَّبۡعَ بَقَرَاتٍ ﭐلسِّمَانِ، وﭐلسَّبۡعَ ﭐلۡعِجَافِ الَّذِيِنَ يَأكُلُونَهُنَّ، فَيَطۡلُبُ مَنۡ يُؤَوُلُ لَهُ رُؤۡيَاهُ؛ فَيَعۡجَزُونَ (لُطۡف).
– ثُمَّ يَتَذَكَّرُ ﭐلسَّاقِى يُوسُفَ وَعِلۡمَهُ بِتَأوِيِلِ ﭐلأَحَادِيِثِ فَيَنۡطَلِقُ بَعۡدَ ﭐسۡتِئذَانِ ﭐلۡمَلِكِ لِسُؤَالِهِ (لُطۡف)، فَيُجِيبُهُ يُوسُفَ عَلَيۡهِ ﭐلسَّلــٰم.
– ثُمَّ يُرِيِدُ ﭐلۡمَلِكُ أَنۡ يَلۡقَى يُوسُفَ (لُطۡف)؛ فَيۡرۡفُضُ يُوسُفُ قَبۡلَ أَنۡ يُعَادَ ﭐلتَّحۡقِيِقُ فِى ﭐتِّهَامِ ﭐمۡرَأَةِ الۡعَزِيِزِ لَهُ، وَسُؤَالِ ﭐلنُّسۡوَةِ.
– فَيُعِيِدُ ﭐلۡمَلِكُ ﭐلتَّحۡقِيِقَ فَتَعۡتَرِفُ ﭐمۡرَأةُ ﭐلعَزِيِزِ بِأَنَّهَا هِى ﭐلَّتِى رَاوَدَت يُوسُفَ عَنۡ نَفۡسِهِ، وَتَشۡهَدُ ﭐلنُّسۡوَةُ بِأَنَّهُنَّ لَمۡ يَعۡلَمۡنَ عَنۡهُ سُوءًا، فَتُبَرَّأُ سَاحَةُ يُوسُفَ (لُطۡف).
– وَهُنَا يُرۡسِلُ ﭐلۡمَلِكُ فِى طَلَبِهِ لاِسۡتِخۡلاَصِهِ لِنَفۡسِهِ، وَجَعَلَهُ لَدَيۡهِ مَكِيِنًا أَمِيِنًا (لُطۡف).
– ثُمَّ يَطۡلُبُ يُوسُفُ أَنۡ يَكُونَ عِلَى خَزَآئِنِ ﭐلأَرۡضِ، لِيَكُونَ لَهُ ذَلِكَ (لُطۡف).
ثُمَّ يَقُولُ ﭐللهُ تَعَــٰلَىٰ:
“وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى ٱلۡأَرۡضِ يَتَبَوَّأُ مِنۡهَا حَيۡثُ يَشَآءُ ۚ نُصِيبُ بِرَحۡمَتِنَا مَن نَّشَآءُ ۖ وَلَا نُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ﴿٥٦﴾”.
وَلَقَدۡ رَأَيۡنَا كَيۡفَ مَكَّنَ ﭐللهُ سُبۡحَــٰنَهُ وَتَعَــٰلَىٰ لِيُوسُفَ فِى ﭐلأَرۡضِ بِلُطۡفِهِ، وَفَهِمۡنَا مَعۡنَى قَوۡلِهِ تَعَــٰلَىٰ:
“إِنَّ رَبِّى لَطِيفٌۭ لِّمَا يَشَآءُ ۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ “.
فَهُوَ تَعَــٰلَىٰ لَطِيِفٌ لِمَا يَشَآءُ، فَرَتَّبَ ﭐلأَحۡدَاثَ بِلُطۡفٍ بِحَيۡثُ لاَ يُمۡكِنُ أَنۡ يَنۡتَبِهَ أَحَدٌ إِلَىٰ مَا وَرَآئِهَا، وَمَا تَحۡمِلُهُ فِى طَيَّاتِهَا، لِتَصِلَ إِلَىٰ مَا أَرَادَهُ ﭐللهُ سُبۡحَــٰنَهُ لَهَا. وَهَذَا مُطۡرَدٌ فِى كُلِّ مَا يَشَآءُهُ ﭐللهُ تَعَــٰلَىٰ.
يَقُولُ تَعَــٰلَىٰ فِى سُورَةِ لُقۡمَان:
“يَـٰبُنَىَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةٍۢ مِّنۡ خَرۡدَلٍۢ فَتَكُن فِى صَخۡرَةٍ أَوۡ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ أَوۡ فِى ٱلۡأَرۡضِ يَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌۭ ﴿١٦﴾”.
فَالَّذِى يَأۡتِى بِمِثۡقَالِ حَبَّةٍ مِنۡ خَرۡدَلٍ فِى صَخۡرَةٍ، أَوۡ فِى ﭐلسَّمَــٰوَٰتِ أَوۡ فِى ﭐلأَرۡضِ لاَبُدَّ وَأَنۡ يَكُونَ لَطِيِفًا سُبۡحَــٰنَهُ.
نَتَكَلَّمُ عَنۡ ﭐلۡقَدَرِ، وَعَنۡ سُنَّةِ ﭐلۡإِحَــٰطَةِ، لِنَرۡبِطَ فِى ﭐلنِّهَايَةِ بَيۡنَ ذَٰلِكَ وَبَيۡنَ قَوۡلِ ﭐللهِ:
“فَٱلْتَقَطَهُۥٓ ءَالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّۭا وَحَزَنًا”.
وَنَعۡرِفُ ﭐلۡفَرۡقَ بَيۡنَ عِلَاقَةِ ﭐلۡمُؤۡمِنِ مَعَ كَلَــٰمِ رَبِّهِ، وَبَيۡنَ عِلَاقَةِ مَرۡضَىٰ ﭐلۡقُلُوبِ، ﭐلۡجَهُولِينَ أَمۡثالِ لِصِّ بَغۡدَادَ مَعَ كَلَــٰمِ ﭐللهِ.
- فَالۡقَدَرُ مِنۡ ﭐلۡاَصۡلِ: “قَ دۡ ر”، وَقَدۡ جَآءَ بِكِتَــٰبِ ﭐللهِ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ هُوَ ﭐلتَّخۡطِيطُ ﭐلعَامُّ، وَﭐلشِّقُّ ﭐلۡحِسَابيُّ ﭐلرِّيَاضِيُّ فِي ﭐلخَلۡقِ وَﭐلأَمۡرِ.
أَوۡ ﭐلۡبِرۡنَامِجُ ﭐلۡعَامُّ ﭐلۡمُتَكَامِلُ ﭐلَّذِي وَضَعَهُ ﭐللَّهُ تَعَــٰلَيٰ لِكُلِّ ﭐلۡأَشۡيَآءِ مُجۡتَمِعَةً.
فَالۡأَمۡرُ يَبۡدَأُ بِالۡإِرَادَةِ، وَيَتَحَوَّلُ إلَي وَاقِعٍ بقَضَآءٍ، وَلَا يَكُونُ ذَٰلِكَ إلاَ بقَدَر.
فَإِذَا مَا أضَفۡنَا أنَّ ﭐللهَ تَعَــٰلَىٰ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٍ قَدِيرٍ؛ “فَيَكُونُ ﭐلقَدَرُ حَاكِمًا عَلَيٰ كُلِّ شَيۡءٍ”، وَإعۡلَانًا وَإعۡلَامًا بالصَّۣيۡطَرةِ، وَﭐلۡقُوَّةِ، وَﭐلۡقُدۡرَةِ، وﭐلتَّحَكُّمِ، وَمِنۡ ثَمَّ فَإنَّه لَا شَيۡءَ -مَهۡمَا دَقَّ أَوۡ صَغُرَ- هُوَ خَارج ﭐلۡحِسَابَاتِ وَﭐلصَّۣيۡطَرَةِ. وَفِي ذَٰلِكَ يَقُوُلُ تَعَــٰلَيٰ:
“إِنَّا كُلَّ شَىۡءٍ خَلَقۡنَـٰهُ بِقَدَرٍۢ ﴿٤٩﴾” القَمَر.
“..وَكَانَ أَمۡرُ ٱللَّهِ قَدَرًا مَّقۡدُورًا ﴿٣٨﴾” ﭐلأحزاب.
وَبِالتَــٰلِي فَإنَّ كُلَّ شَيۡءٍ سَيَكُونُ فِي حُكۡمِ ﭐلمَعۡلُومِ، مِنۡ قَبۡلِ أَنۡ يَأتِي حِينُهُ، وَلاَ مُفَاجَئَاتٍ فِي كَوۡنِ ﭐللهِ تَعَــٰلَيٰ، وَإنَّمَا هُوَ ﭐلتَنَاسُقُ، وَﭐلانۡسِجَامُ ﭐلتَّامُّ. وَهُوَ لاَىِٕقٌ بالأَسۡمَآءِ ﭐلۡحُسۡنَيٰ ﭐلَّتِي عَرَّفَنَا ﭐللهُ تَعَــٰلَيٰ بهَا بنَفۡسِهِ، وَمُتَنَاسِبٌ مَعَ مَا نَرَاهُ فِيمَا حَوۡلَنا مِنَ ﭐلۡخَلۡقِ وَﭐلمُلۡكِ؛ فَسُبۡحَــٰنَ مَن خَلَقَ كُلَّ شَيۡءٍ بقَدَرٍ، وَجَعَلَ لَهُ قَدۡرًا.
- وداخلُ ﭐلۡقَدَرِ يَتَمَوۡقَعُ ﭐلۡقَدۡرُ، فَالۡقَدۡرُ (إذًا) هُوَ مَصۡفُوفَةٌ (كَمِّيِّةٌ) صُغۡرَىٰ خَاصَّةٌ بتَفَاصِيلِ ﭐلۡمَخۡلُوقِ، مُهِمَّتُهَا هِىَ ﭐلتَّخۡصِيصُ، وَتَقَعُ ضِمۡنَ ﭐلۡقَدَر، كَمَصۡفُوفَةٍ أكۡبَر خَاصَّةٍ بالۡخَلۡقِ وَﭐلأَمۡرِ، فَتَأتِى ﭐلۡأَقۡدَارُ (كَمِّيَّةً، وَمُحَدَّدَةً زَمَانًا، وَمَكَانًا، وَمُوَاصَفَاتًا) بالمَقَادِير ﭐلَّتِى قُدِّرَت بالتَّمَام وﭐلۡكَمَال.
وَبِالتَــٰلِى فَإِنَّ ﭐلقَدۡرَ هُوَ بَرۡمَجَةٌ فَرۡعِيَّةٌ كَمِّيَةٌ، تَدۡخُلُ ضِمۡنَ ﭐلقَدَر كَبَرۡمَجَةٍ أوۡسَع، خَاصَّةٍ بِخَلۡقِ، وتَسۡيير كُلِّ ﭐلۡمَخۡلُوقَاتِ، وَﭐلۡقَدَرُ تَخۡطِيطٌ، وﭐلۡقَدۡرُ تَحۡدِيدٌ:
“..قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَىۡءٍۢ قَدۡرًا ﴿٣﴾” البَقَرَة.
“وَكُلُّ شَىۡءٍ عِندَهُۥ بِمِقۡدَارٍ ﴿٨﴾” الرعد.
- ﭐلرِزۡقُ بِقَدَر، وَﭐلحَيَاةُ بِقَدَر، وﭐلمَوۡتُ بِقَدَر، وَﭐلنَصرُ بِقَدَر، حَتَّى ﭐلزَوَاجُ بِقَدَر، وﭐلحَملُ بِقَدَر، وَجِنسِ ﭐلمَوۡلُوُدِ بِقَدَر، وَﭐلعُقۡمُ بِقَدَر، ﭐنۡظُر:
“لِّلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ۚ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ ۚ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَـٰثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ ﴿٤٩﴾ أَوۡ يُزَوِّجُهُمۡ ذُكۡرَانًا وَإِنَـٰثًا ۖ وَيَجۡعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيمًا ۚ إِنَّهُۥ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴿٥٠﴾” ﭐلشُّورَى.
وَكُلّ مَا سَبَق يَنۡتَظِمُهُ عَلَىٰ ﭐلمُسۡتَوَى ﭐلشَخۡصِىّ قَدۡرٌ دَاخِل ﭐلقَدَر.
- كِتَــٰبَةُ ﭐلۡقَدَر:
- وَبَعۡدَ أنۡ قَدَّرَ ﭐللَّهُ تَعَــٰلَىٰ ﭐلۡأَقۡدَارَ، ﭐسۡتَودَعَهَا كِتَــٰبا حَصَرَ فِيهِ كُلِّ شَيءٍ فِى مُلۡكِهِ سُبۡحَــٰنَهُ، أخۡضَرهُ وَيَابِسَهُ، وَبِالذَرَّةِ، وَبِأَصۡغَرِ مِن ذَٰلِكَ وَأَكۡبَر:
“۞ وَعِندَهُۥ مَفَاتِحُ ٱلۡغَيۡبِ لَا يَعۡلَمُهَآ إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعۡلَمُ مَا فِى ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ ۚ وَمَا تَسۡقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعۡلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍۢ فِى ظُلُمَـٰتِ ٱلۡأَرۡضِ وَلَا رَطۡبٍۢ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِى كِتَـٰبٍۢ مُّبِينٍۢ ﴿٥٩﴾” الأَنۡعَام.
“وَمَا تَكُونُ فِى شَأۡنٍۢ وَمَا تَتۡلُوا مِنۡهُ مِن قُرۡءَانٍۢ وَلَا تَعۡمَلُونَ مِنۡ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيۡكُمۡ شُهُودًا إِذۡ تُفِيضُونَ فِيهِ ۚ وَمَا يَعۡزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثۡقَالِ ذَرَّةٍۢ فِى ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِى ٱلسَّمَآءِ وَلَآ أَصۡغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكۡبَرَ إِلَّا فِى كِتَـٰبٍۢ مُّبِينٍ ﴿٦١﴾” يونس.
- حَتَّىَ أرۡزَاقِ ﭐلخَلاَئِقِ وَتَكَاثُرِهَا كَتَبَهُ ﭐللهُ تَعَــٰلَىٰ فِى كِتَــٰبِهِ:
“۞ وَمَا مِن دَآبَّةٍۢ فِى ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِ رِزۡقُهَا وَيَعۡلَمُ مُسۡتَقَرَّهَا وَمُسۡتَوۡدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِى كِتَـٰبٍۢ مُّبِينٍۢ ﴿٦﴾” هود.
- نَسۡتَطِيعُ أنۡ نَقُولَ إنَّ ﭐلقَدَرَ هُوَ أحَدُ أوۡجُهِ عِلۡمِ ﭐللَّهِ تَعَــٰلَيٰ. وَﭐلمُقَدِّرُ سُبۡحَــٰنهُ عَلَيٰ عِلۡمٍ سَابِقٍ بِكُلِّ مَا سَيَكُونُ، بِمَا فِي ذَٰلِكَ أفۡعَالُ ﭐلعِبَادِ، وَلَكِنَّهُ لاَ يَكۡتُبُهَا عَلَيۡهِم إلاَّ عِنۡدَ حُدُوثِهَا وَاقِعًا.
- وَنَسۡتَطِيعُ أَيۡضًا أنۡ نَقُولَ إِنَّ مَشِيئَةَ ﭐلله تَعَــٰلَيٰ تَنۡتَظِمُ ﭐلقَدَرَ.
وكُلُّ مَا يَشَاءَهُ ﭐللهُ تَعَــٰلَيٰ فَلَهُ قَدَرٌ، وَكُلُّ مَا يُقَدِّرَهُ ﭐللهُ تَعَــٰلَيٰ فَهُوَ خَارجُ تَحَكُّمِ ﭐلإِنۡسَــٰنِ، وَمِنۡ ذَٰلِكَ: كُلُّ مَا يَخۡتَصُّ بِالۡإِنۡسَــٰنِ مِنۡ أَحۡوَالٍ لَا شَأنَ لَهُ بِهَا، كَمُدَّةِ مُكۡثِهِ فِي ﭐلرَّحۡمِ، وَزَمَن خُرُوجِهِ لِلدُّنۡيَا، وَمَكَانِ خُرُوجِهِ، وَشَكۡلِهِ، وَلَوۡنِهِ، وَمَرَضِهِ، وَصِحَّتِهِ، وَخُصُوبَتِهِ، وَعُقۡمِهِ، وَأُسۡرَتِهِ، وَجِيرَانِهِ، وَنَوۡمِهِ، وَكُلِّ مَا يَتَعَلّقُ بِوَظَائِفِ أَعۡضَائِهِ، وَرِزۡقِهِ، . . ﭐلخ، انۡتِهَاءً بِمَوۡعِدِ، وَمَكَانِ، وَكَيۡفِيَةِ مَوۡتِهِ.
أَشۡيَاءٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا تِلۡكَ هِيَ ﭐلَّتِي لاَ يَخۡتَارُهَا ﭐلإِنۡسَــٰنُ، حَتَّى ﭐلكَثِيرُ مِنَ ﭐلأَشۡيَاءِ ﭐلَّتِي يَظُنُّ أنَّهَا مِنَ ﭐخۡتِيَارِهِ لَيۡسَتۡ كَمَا يَظُنُّ، كَمَا سَيَأتِى فِى شَرۡحِ قِصَّةِ مُوسَىٰ.
وَتَرَكَ ﭐللهُ تَعَــٰلى لِتَفَاعلِ ﭐلعِبَادِ مَعَهُ أن يَمۡحُوا مَا يَشَاءُ وَيُثۡبِتُ غَيرَهُ إذَا مَا أجَابَهُم سُبۡحَــٰنَهُ لِمَوَاقِفِهِم، أوۡ ﭐسۡتَجَابَ لِدُعَاىِٕهِم.
وَأنۡتَ قَدۡ صِرۡتَ ﭐلأَنَ (نَوۡعًا مَا) خَبِيرًا بِقَدَرِهِ تَعَــٰلَيٰ، وَأَقۡدَرَ عَلَيٰ فَهۡمِ سُنَّةِ ﭐلۡإِحَاطَةِ ﭐلَّتِي ذَكَرَهَا سُبۡحَــٰنَهُ، لِيُسَاعِدَ ﭐلنَّاسَ عَلَي أَنۡ يَتَّقُوهُ، بَعۡدَ أَنۡ نَبَّهَهُم إِلَي أَنَّ قَدَرَهُ سَابِقٌ بِعِلۡمٍ. وَلۡنَتَوَسَّعَ قَلِيلاً فِى سُنَّةِ ﭐلإِحَاطَةِ، كَاَلِيَّةٍ مِنۡ ءَالِيَّاتِ قَدَرِ ﭐللَّهِ.
- ﭐلقَدَرُ وﭐلإحاطةُ:
أَحَاطَ/ أحَاطَت/ أحَطۡنَا/ يُحِيطُ/ يُحِيطُونَ/ تُحِيطُوا/ تُحِط/ أُحِيطَ/ أُحِطۡتُ/ يُحَاطُ/ مُحِيطٌ/ مُحِيطَةٌ.
قُلۡنَا إنَّ إرَادَةَ ﭐللهِ تَعَــٰلَيٰ قَدۡ تَتَنَاوَلُ حَدثًا، فَإذَا كَانَ ذَلِكَ تَهَيَأتُ ﭐلۡأَحۡوَالُ بِحَيثُ يَحۡدُثُ هَذَا ﭐلحَدَثُ كَمَا أَرَادَهُ ﭐللهُ تَعَــٰلَيٰ، وَهُنَا يَأتِي دَوۡرُ سُنَّةِ ﭐلإِحَاطَةِ، حَيۡثُ تَعۡمَلُ عَلَي إِنۡفَاذِ إِرَادَةِ ﭐللهِ بالطَرِيقَةِ الَّتِي يُريدُهَا سُبۡحَــٰنَهُ، حَيۡثُ يَتِمُّ ﭐلتَحَكُّمُ فِي إِرَادَةِ ﭐلمُخَيَّر، لِيَفۡعَلَ ﭐلمَطۡلُوبَ فِعۡلَهُ وَإِنۡ كَانَ فِيهِ تَدۡمِيرَهُ.
مَا يُهِمُّنَا هُنَا هُوَ أنۡ نَعۡرِفُ أنَّ ﭐلۡإحَاطَةَ هِيَ ﭐلۡكَيۡفِيَّةُ ﭐلۡبَعِيدَةُ ﭐلتَّصَوّر لتَنۡفِيذِ أمۡرِ ﭐللَّهِ تَعَــٰلَيٰ، وَﭐلَّتِي يُجَسِّدُهَا قَولُهُ سُبۡحَــٰنَهُ:
“هُوَ ٱلَّذِىٓ أَخۡرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ مِن دِيَـٰرِهِمۡ لِأَوَّلِ ٱلۡحَشۡرِ ۚ مَا ظَنَنتُمۡ أَن يَخۡرُجُوا ۖ وَظَنُّوٓا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمۡ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِنۡ حَيۡثُ لَمۡ يَحۡتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَ ۚ يُخۡرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيۡدِيهِمۡ وَأَيۡدِى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فَٱعۡتَبِرُوا يَـٰٓأُولِى ٱلۡأَبۡصَـٰرِ ﴿٢﴾” ﭐلۡحَشۡر.
فَنَجِدُ هُنَا أنَّ ﭐللهَ تَعَــٰلَيٰ لَمۡ يُخَرِّب بُيُوتَ ﭐلَّذِينَ كَفَرُوا بأيۡدِي ﭐلمُؤۡمِنِين فَقَط، وَإنَّمَا قَذَفَ ﭐلرُّعۡبَ فِي قُلُوبِهِم فَخَرَّبُوا بُيُوتَهُم بأيۡدِيهم، وَلِذَا طَلَبَ ﭐللهُ تَعَــٰلَيٰ مِن أُولِي ﭐلأَبۡصَارِ أَنۡ يَعۡتَبِروا، وَيَعۡلَمُوا أنَّ ﭐللهَ تَعَــٰلَيٰ مُحِيطٌ بالكَافِرين، حَتَّى أنَّهُ تَعَــٰلَيٰ جَعَلَهُم ﭐلمَفۡعُولُ بهِ وَﭐلفَاعِلُ بنَفۡسِ ﭐلوَقۡتِ:
“.. وَٱللَّهُ مُحِيطٌۢ بِٱلۡكَـٰفِرِينَ ﴿١٩﴾” البَقَرَة.
وَﭐلۡــَٔــــٰنَ نَجۡمَعُ بَيۡنَ كُلِّ مَا قَدَّمۡنَا بِهِ، وَهُوَ مَا سَيَأتِى فِى ﭐلۡجُزۡءِ ﭐلۡقَادِمِ.
نَفۡهَمُ مَمَّا سَبَقَ عَرۡضُهُ، وَيَعۡلَمُهُ ﭐلۡمُؤۡمِنُ بِكِتَــٰبِ رَبِّهِ، أَنَّ ﭐللَّهَ ﭐللَّطِيفَ، يُجۡرِى أَقۡدَارَهُ بِلُطۡفٍ لِمَا يَشَآءُ، وَأَنَّهُ مُحِيطٌ بِالۡكَافِرِينَ، فَلَمَّا أَرَادَ سُبۡحَــٰنَهُ أَنۡ يُنَجِّى مُوسَىٰ مِنۡ فِرۡعَوۡنَ ﭐلَّذِى كَانَ يَقۡتُلُ ذُكُورَ ﭐلۡمَوَالِيدِ ذَبۡحًا، فَقَدۡ نَجَّاهُ بِلُطۡفِهِ وَأَحَاطَ بِفِرۡعَوۡنَ فِى ءَانٍ وَاحِدٍ، وَحَدَثَ ﭐلۡأَتِى:
1 – أَوۡحَىٰ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنۡ تُرۡضِعَهُ:
“وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰٓ أُمِّ مُوسَىٰٓ أَنْ أَرْضِعِيهِ”.
2- فَإِذَا خَافَتۡ عَلَيۡهِ أَنۡ يُدۡرِكَهُ رِجَالُ فِرۡعَوۡنَ، فَلۡتُلۡقِهِ فِى ﭐلۡيَمِّ (لُطۡفٌ):
“فَإِذَا خِفۡتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى ٱلْيَمِّ وَلَا تَخَافِى وَلَا تَحْزَنِىٓ”.
“أَنِ ٱقْذِفِيهِ فِى ٱلتَّابُوتِ فَٱقْذِفِيهِ فِى ٱلْيَمِّ”.
3 – فَيُلۡقِهِ ﭐلۡيَمُّ بِالسَّاحِلِ نَاحِيَةِ فِرۡعَوۡنَ (لُطۡفٌ):
“فَلْيُلْقِهِ ٱلْيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ”.
4 – فَيَلۡتَقِطُهُ وَيَأخُذُهُ فِرۡعَوۡنَ؛ عَدُوُّ مُوسَىٰ (لُطۡفٌ وَإِحَاطَةٌ)
“يَأْخُذْهُ عَدُوٌّۭ لِّى وَعَدُوٌّۭ لَّهُۥ”.
“فَٱلْتَقَطَهُۥٓ ءَالُ فِرْعَوْنَ”.
5 – وَأَلۡقَىٰ ﭐللَّهُ مَحَبَّةً عَلَىٰ مُوسَىٰ، فَيُحِبُّهُ كُلُّ مَنۡ يَرَاهُ (لُطۡفُ وَإِحَاطَةٌ):
” …وَأَلۡقَيۡتُ عَلَيۡكَ مَحَبَّةً مِّنِّى …﴿٣٩﴾” طه.
وَهُنَا يَظۡهَرُ عُمۡقُ سُنَّةِ ﭐلۡإِحَاطَةِ، فَقَدۡ أَحَبَّت ﭐمۡرَأَةُ فِرۡعَوۡنَ هِيَ وَفِرۡعَوۡنُ مُوسَىٰ مَا أَنۡ وَقَعَت أَعۡيُنَهُم عَلَيۡهِ:
“وَقَالَتِ ٱمۡرَأَتُ فِرۡعَوۡنَ قُرَّتُ عَيۡنٍۢ لِّى وَلَكَ ۖ لَا تَقۡتُلُوهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوۡ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدًا .. ﴿٩﴾” ﭐلقَصَص.
وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيۡضًا فِي خَطِّ لَفۡظِ: “قُرَّتُ”، ﭐلَّذِي يُبَيِّنُ أنَّ ﭐلۡقُرَّةَ قَدۡ ظَهَرَت وَبَانَت بمُجَرَّدِ مُطَالَعِةِ مُوسَىٰ؛ فَفُتِحَت تَآئُهَا، بعَكۡسِ خَطِّ ﭐلۡكَلِمَةِ إذَا مَا تَحَدَّثَت عَنۡ قُرَّةٍ مُنۡتَظَرةٍ لَمۡ تَأتِ بَعۡد؛ فَتَأتِي تَآئُهَا مَرۡبُوطَةً مُغۡلَقَةً كَالصُّرَّةِ لِعَدَم ﭐلۡعِلۡمِ بمَا فِيهَا، ﭐنۡظُر:
“وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبۡ لَنَا مِنۡ أَزۡوَٰجِنَا وَذُرِّيَّـٰتِنَا قُرَّةَ أَعۡيُنٍۢ..﴿٧٤﴾” ﭐلفرقان.
“فَلَا تَعۡلَمُ نَفۡسٌ مَّآ أُخۡفِىَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعۡيُنٍۢ جَزَآءًۢ بِمَا كَانُوا يَعۡمَلُونَ ﴿١٧﴾” ﭐلسجدة.
إذًا فَقَدۡ أوۡقَعَ ﭐللَّهُ فِرۡعَونَ وَﭐمۡرَأتَهُ فِي حُبِّ ﭐلۡوَلِيدِ مُوسَىٰ، وَأَظۡهَرَ لَهُمَا مِنۡهُ قُرَّتَ عَيۡنٍ بمَا ألۡقَاهُ عَلَيۡهِ مِن مَحَبَّةٍ.
فسُبۡحــٰن مَن إذَا أرَادَ شَيئًا وَظَّفَ كُلَّ شَيۡءٍ لِتَحۡقِيقِ إرَادَتِهِ، وَلَوۡ كَانَت مَشَاعِرَ وَأحَاسِيسَ ﭐلمَخۡلُوقِ.
لَيۡسَ هَذَا فَقَطۡ مَا كَانَ مِنۡ لُطۡفٍ وَإِحَاطَةٍ، وَلۡنُتَابِعَ:
6 – ثُمَّ رَدَّهُ ﭐللَّهُ إِلَىٰ أُمِّهِ، كَمَا قَالَ: “إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ” (لُطۡفٌ):
فَكَيۡفَ رَدَّهُ ﭐللهُ إِلَيٰ أُمِّهِ؟! . . ﭐنۡظُرُوا:
“وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ”.
لَقَدۡ رَدَّ ﭐللَّهُ مُوسَىٰ ﭐلرَّضِيعَ إِلَىٰ أُمِّهِ بِلُطۡفٍ عَجِيبٍ، وَذَٰلِكَ بِاَنۡ جَعَلَ مُوسَىٰ يَرۡفُضُ ﭐلۡمَرَاضِعَ، حَتَّىٰ قَالَتۡ أُخۡتُهُ ﭐلَّتِى كَانَت تُرَاقِبَهُ مِنۡ بُعۡدٍ:
“…هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُۥ ۖ فَرَجَعْنَـٰكَ إِلَىٰٓ أُمِّكَ كَىْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ” طَه.
“فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰٓ أَهْلِ بَيْتٍۢ يَكْفُلُونَهُۥ لَكُمْ وَهُمْ لَهُۥ نَـٰصِحُونَ ﴿١٢﴾ فَرَدَدْنَـٰهُ إِلَىٰٓ أُمِّهِۦ كَىْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّۭ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿١٣﴾” ﭐلۡقَصَص.
7 – ثُمَّ أَتَاهُ ﭐللَّهُ حُكۡمًا وَعِلۡمًا (لُطۡفٌ):
“وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَٱسْتَوَىٰٓ ءَاتَيْنَـٰهُ حُكْمًۭا وَعِلْمًۭا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ ﴿١٤﴾” ﭐلۡقَصَص.
8 – ثُمَّ كَلَّمَ ﭐللَّهُ مُوسَىٰ تَكۡلِيمًا، وَلِكَىۡ يَحۡدُثَ ذَٰلِكَ فَقَدۡ خَرَجَ مُوسَىٰ مَعَ زَوۡجِهِ بَعۡدَ أَنۡ قَضَىٰ ﭐلأَجَلَ ﭐلمُتَّفَقَ عَلَيۡهِ مَعَ صِهۡرِهِ:
” فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلۡأَجَلَ وَسَارَ بِأَهۡلِهِۦٓ ءَانَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوٓا إِنِّىٓ ءَانَسۡتُ نَارًا لَّعَلِّىٓ ءَاتِيكُم مِّنۡهَا بِخَبَرٍ أَوۡ جَذۡوَةٍۢ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمۡ تَصۡطَلُونَ ﴿٢٩﴾ فَلَمَّآ أَتَىٰهَا نُودِىَ مِن شَـٰطِئِ ٱلۡوَادِ ٱلۡأَيۡمَنِ فِى ٱلۡبُقۡعَةِ ٱلۡمُبَـٰرَكَةِ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ أَن يَـٰمُوسَىٰٓ إِنِّىٓ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِينَ ﴿٣٠﴾” ﭐلقَصَص.
فَخُرُوجُ مُوسَىٰ فِي هَذَا ﭐلتَّوۡقِيتِ، وَفِي ذَاكَ ﭐلاِتِّجَاهِ، وَسُلُوكُهُ لِهَذَا ﭐلطَّريقِ، وَإينَاسُهُ لِلنَّارِ، يَبۡدُو كَمَا لَوۡ كَانَ كُلُّهُ حَدَثَ بِاخۡتِيَارِ مُوسَىٰ، وَلَكِنَّ ﭐلۡحَقِيقَةَ أنَّ كُلَّ هَذَا كَانَ مُبَرۡمَجًا سَلَفًا، وَيُوَضِّحُهُ قَوۡلُ ﭐللهِ تَعَــٰلَىٰ:
“.. فَلَبِثۡتَ سِنِينَ فِىٓ أَهۡلِ مَدۡيَنَ ثُمَّ جِئۡتَ عَلَىٰ قَدَرٍۢ يَـٰمُوسَىٰ ﴿٤٠﴾” طه.
- إذًا فَمَا ﭐعۡتَبَرَهُ مُوسَىٰ ﭐخۡتِيَارًا كَانَ سَيَحۡدُثَ لُزُومًا، وَذَاكَ بَعۡدَ أَنۡ تَبَيَّنَ أنَّ ﭐلأَمۡرَ مُعَدٌّ سَلَفًا، وَكَانَت خُطُوَاتُ مُوسَىٰ تَسِيرُ بِهِ إلَيٰ حَيۡثُ أَرَادَ اللهُ ﭐلعَلِيُّ سُبۡحَــٰنَهُ، وَهَذَا مَا يُسَمَّيٰ بِاللُّطۡفِ:
“وَهَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ ﴿٩﴾ إِذۡ رَءَا نَارًا فَقَالَ لِأَهۡلِهِ ٱمۡكُثُوٓا إِنِّىٓ ءَانَسۡتُ نَارًا لَّعَلِّىٓ ءَاتِيكُم مِّنۡهَا بِقَبَسٍ أَوۡ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدًى ﴿١٠﴾ فَلَمَّآ أَتَىٰهَا نُودِىَ يَـٰمُوسَىٰٓ ﴿١١﴾ إِنِّىٓ أَنَا۠ رَبُّكَ فَٱخۡلَعۡ نَعۡلَيۡكَ ۖ إِنَّكَ بِٱلۡوَادِ ٱلۡمُقَدَّسِ طُوًى ﴿١٢﴾” طه.
مُوسَىٰ لَمۡ يَكُنۡ يَعۡلَم أَنَّ كُلَّ شَىۡءٍ مُخَطَّطُ لَهُ، وَمُقَدَّرٌ:
“.. ثُمَّ جِئۡتَ عَلَىٰ قَدَرٍۢ يَـٰمُوسَىٰ ﴿٤٠﴾” طه.
بَل إنَّ كُلَّ حَيَوَٰةِ مُوسَىٰ كَانَ مُخَطَّطٌ لَهَا، حَتَّىٰ صَارَ رَسُولًا:
“فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى ٱلْيَمِّ وَلَا تَخَافِى وَلَا تَحْزَنِىٓ ۖ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ”.
- فَالۡمُؤۡمِنُ عِنۡدَمَا يَتۡلُوا كِتَــٰبَ رَبِّهِ، لَا يَقُولُ أَبَدًا (كَمَا قَالَ لِصُّ بَغۡدَادَ):
“كَيۡفَ يَقُولُ ﭐللَّهُ: فَٱلْتَقَطَهُۥٓ ءَالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّۭا وَحَزَنًا؟!” اهـ.
“لا يعقل أن يلتقط آل فرعون موسى من اليم لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّۭا وَحَزَنًا، أى وهم يعلمون ذلك” اهـ.
- إِنَّ ﭐلۡمُؤۡمِنَ يَعۡلَمُ أَنَّ هَذَا هُوَ كَلَــٰمُ رَبِّ ﭐلۡعَــٰلَمِينَ فِى كِتَــٰبِهِ، فَهُوَ إِخۡبَارٌ مِنۡهُ سُبۡحَــٰنَهُ بِمَا سَتَؤُولُ إِلَيۡهِ ﭐلۡأُمُورُ.
- ثُمَّ إِنَّ ﭐلۡمُؤۡمِنَ يَعۡلَمُ أَنَّ ﭐللَّهَ قَدۡ قَالَ فِى نَفۡسِ ﭐلسُّورَةِ، وَفِى غَيۡرِهَا، أَنَّ مُوسَىٰ كَانَ عَدُوًّا وَحَزَنًا لِأَلِ فِرۡعَوۡنَ:
“وَلَقَدْ أَخَذْنَآ ءَالَ فِرْعَوْنَ بِٱلسِّنِينَ وَنَقْصٍۢ مِّنَ ٱلثَّمَرَٰتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴿١٣٠﴾” ﭐلۡأَعۡرَاف.
“فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ ءَايَـٰتٍۢ مُّفَصَّلَـٰتٍۢ فَٱسْتَكْبَرُوا۟ وَكَانُوا۟ قَوْمًۭا مُّجْرِمِينَ ﴿١٣٣﴾” ﭐلۡأَعۡرَاف.
“وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ ءَايَـٰتٍۭ بَيِّنَـٰتٍۢ ۖ فَسْـَٔلْ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ إِذْ جَآءَهُمْ فَقَالَ لَهُۥ فِرْعَوْنُ إِنِّى لَأَظُنُّكَ يَـٰمُوسَىٰ مَسْحُورًۭا ﴿١٠١﴾”.
وَأَخِيرًا؛ فَالۡمُؤۡمِنُ يَبۡكِى وَهُوَ يَقۡرَأُ كَيۡفَ كَانَ لُطۡفُ رَبِّهِ بِمُوسَىٰ وَلِيدًا، وَيَتَعَجَّبُ مِنۡ قُدۡرَةِ ﭐللَّهِ، كَيۡفَ جَعَلَ ﭐلۡيَمَّ يُلۡقِى بِمُوسَىٰ إِلَىٰ ﭐلسَّاحِلِ، وَكَيۡفَ جَعَلَ فِرۡعَوۡنَ يَلۡتَقِط مُوسَىٰ وَهُوَ عَدُوُّهُ، وَكَيۡفَ أَلۡقَىٰ عَلَىٰ مُوسَىٰ مَحَبَّةً مِنۡهُ، فَاَحَبَّهُ فِرۡعَوۡنَ وَﭐسۡتَبۡقَاهُ، وَكَيۡفَ حَرَّمَ ﭐلۡمَرَاضِعَ عَلَىٰ مُوسَىٰ لِيَرُدَّهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَمَا وَعَدَهَا بِذَٰلِكَ، وَكَيۡفَ كَلَّمَ ﭐللَّهُ مُوسَىٰ وَأَرۡسَلَهُ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ، وَشَدَّ عَضُدَهُ بِأَخِيهِ هَــٰرُونَ، وَكَانَ سُبۡحَــٰنَهُ مَعَهُمَا يَسۡمَعُ وَيَرَىٰ، وَكَيۡفَ كَانَت إِحَاطَةُ ﭐللَّهِ بِفِرۡعَوۡنَ، حِينَ أَخَذَهُ ﭐللَّهُ هُوَ وَءَالِهِ بِالسِّنِينَ، وَنَقۡصٍ مِنَ ﭐلثَّمَرَاتِ، وَأَرۡسَلَ عَلَيۡهِم ﭐلۡأَيَــٰتِ، وَعَذَّبَهُم بِالرِّجۡزِ، إِلَىٰ أَنۡ أَهۡلَكَهُم، وَقَطَعَ دَابِرَهُم، وَأَوۡرَثَ مَشَارِقَ ﭐلۡاَرۡضِ وَمَغَارِبَهَا لِلقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَانُوا۟ يُسۡتَضۡعَفُونَ.
هَذَا مَا يَشۡغَلُ ﭐلۡمُؤۡمِنُ، وَيَشُدُّ ﭐنۡتِبَاهَهُ، وَيُقَوِّى إِيمَــٰنَهُ، وَيُرَقِّقُ قَلۡبَهُ، وَيَشۡحَذُ هِمَّتَهُ، وَلَيۡسَ كَمَا يَقُولُ ثَانِىَ عِطۡفِهِ:
“فإذا قلت: لا خطأ فى الآية فهل دليلك على ذلك من داخل القرآن” اهـ.
هَذَا رَجُلٌ مُجۡرِمٌ، ءَابَآىِٕىٌّ، يُعَاجِزُ فِى ءَايَــٰتِ ﭐللَّهِ، وَبِضَاعَتُهُ هِىَ ﭐلۡحَرۡبُ عَلَىٰ كَمَالِ وَكِفَايَةِ كِتَــٰبِ ﭐللَّهِ، وَإِظۡهَارِ كَلَــٰمِ ﭐللَّهِ بِأَنَّهُ لَا يُمۡكِنُ أَنۡ يُفۡهَمَ إِلَّا مِنۡ خِلَالِ مَنۡظُومَةِ أَبِيِهِ ﭐللُّغَوِيَّةِ، وَهُوَ -كَمَا رَأَيۡنَاهُ- يَسۡرَقُ مَا يَكۡتُبَهُ عَلَىٰ صَفۡحَتِهِ مِنۡ كُتُبِ ﭐلنَّاسِ مُشۡرِقًا وَمُغۡرِبًا، وَهُوَ جَهُولٌ أَيۡنَمَا وَلَّىٰ وَجۡهَهُ، وَعَالَةٌ عَلَىٰ أَفۡكَارِ ﭐلنَّاسِ، وَلَا يَسۡتَطِيعُ أَنۡ يُدۡرِكَ إِدۡرَاكَ طَالِبِ ﭐلۡمَرۡحَلَةِ ﭐلۡإِعۡدَادِيَّةِ، وَيُرِيدُ أَنۡ يَكُونَ ﭐلنَّاسُ كُلُّهُم مِثۡلَهُ، وَبِنَفۡسِ مُسۡتَوىٰ جَهۡلِهِ.
لَقَدۡ فَقَدَ “لِصُّ بَغۡدَاد” ﭐتِّزَانَهُ، فَهُوَ لَمۡ يَتَعَرَّضۡ أَبَدًا طُوَالَ حَيَاتِهِ (وَلَيۡسَ حَيَوَٰتِهِ) لِلفَضۡحِ كَمَا حَدَثَ مَعَهُ خِلَالَ ﭐلشَّهۡرِ ﭐلۡمُنۡصَرِمِ، وَلِذَا فَهُوَ يَهۡذِى، وَصَارَ مَخۡبُولًا، مُضۡطَّرِبًا، نَكِدًا، يَثُورُ عَلَىٰ مَنۡ يُعَلِّق عِنۡدَهُ دُونَمَا سَبَبٍ ظًــٰهِرٍ، حَتّىٰ أَنَّهُ مِنۡ هَذَيَانِهِ يَقُولُ إِنَّ عَدَدَ مُتَابِعِيهِ هُوَ 33000 مُتَابِعًا، وَمِنۡ هَذَيَانِهِ سَوَّدَ مَقَالًا بِالۡأَمۡسِ، قَالَ فِيهِ:
“كيف تؤمنون بإله يقول في كتابه ويعترف أنه قام بتفعيل أسمائه الحسنى في زمن مضى وتولى، يوم خلق السماوات والأرض، *ثم نام واستراح* ، ولم تعد له علاقة بها” اهـ.
تَحۡتَ أَىِّ مُسَمًّى يُمۡكِنُ لِبَشَرٍ يَخۡشَىٰ ﭐللَّهَ وَلَوۡ بِمِثۡقَالِ ذَرَّةٍ أَنۡ يَلۡفَظَ مِثۡلَ هَذَا ﭐلۡكُفۡرِ.
ثُمَّ يُبَرِّرُ هَذَا ﭐلتَّطَاولَ عَلَىٰ رَبِّ ﭐلۡعَــٰلَمِينَ بِقَوۡلِهِ:
“وبرهان ذلك اعتراف إلهكم في القرآن بذلك على النحو التالي:
فعالية اسم «العليم» انتهى زمانها: {وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًۭا}.
وفعالية اسم «الغفور» انتهى زمانها: {وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورًۭا رَّحِيمًا} . . . الخ” اهـ.
أَنَا مُتَأَكِّدٌ مِنۡ أَنَّهُ سَيَظَلُّ يَهۡذِى هَكَذَا إِلَىٰ أَنۡ يَهۡلَكَ، بَعۡدَ أَنِ ﭐفۡتَضَحَ أَمۡرُهُ، وَأَسۡأَلُ ﭐللَّهَ أَنۡ أَكُونَ عَلَيۡهِ مِنَ ﭐلشَّــٰهِدِينَ.
وَاَخِيرًا؛ فَاَقُولُ مَا قَالَهُ ﭐللَّهُ سُبۡحَــٰنَهُ:
“وَٱلَّذِينَ سَعَوۡ فِىٓ ءَايَـٰتِنَا مُعَـٰجِزِينَ أُو۟لَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌۭ مِّن رِّجۡزٍ أَلِيمٌۭ ﴿٥﴾ وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلۡحَقَّ وَيَهۡدِىٓ إِلَىٰٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ ﴿٦﴾”.