اضغط للانتقال: لَا يَفۡتَأُ ﭐلۡإِنۡسَــٰنُ يَبۡحَثُ عَنِ ﭐلۡأَمۡنِ وَﭐلطَّمَأنِيِنَةِ مُنۡذُ أَنۡ يَعِىَ إِلَىٰ أَنۡ يُغَادِرَ هَذِهِ ﭐلدُّنۡيَا. لَاسِيَّمَا أَنَّها تَعُجُّ بِالشُّرُورِ، وَﭐلتَّوَتُّرِ، وَﭐلۡمَخَاوِفِ، وَﭐلۡقَلَقِ، وَﭐلظُّلۡمِ، وَﭐلۡعُدۡوَانِ؛ ﭐلَّذِيِنَ لَا يَنۡقَطِعُونَ أَبَدًا عَنِ ﭐلدُّنۡيَا، حَتَّىٰ صَارَ بِسَبَبِهِم ﭐسۡمُهَا هُوَ: “ﭐلدُّنۡيَا”، مِنَ ﭐلتَّدَنِّى. وَهِىَ ﭐلۡمَكَانُ ﭐلۡوَحِيِدُ فِى هَذَا ﭐلۡكَوۡنِ ﭐلۡمَسۡمُوحِ بِهِ بِمِثۡلِ هَذَا.
وَلِكَوۡنِ مَا بَعۡدَ ﭐلدُّنۡيَا هُوَ غَيۡبٌ، وَمُخِيِفٌ، وَلِكَونِ جُلِّ ﭐلنَّاسِ يَجۡهَلُونَ مَا أَنۡزَلَهُ ﭐللَّهُ إِلَيۡهِم بِكِتَــٰبِهِ؛ فَقَدۡ ﭐنۡبَثَقَت فِكۡرَةُ “ﭐلۡمُخَلِّص” ﭐلدُّنۡيَوِىِّ، “وَﭐلۡمُخَلِّص” ﭐلۡإُخۡرَوِىِّ، وَهُمَا فَرۡعٌ مِنَ ﭐلۡأَمَلِ فِى ﭐلۡخَلَاصِ مِنۡ شُرُورِ ﭐلدُّنۡيَا، وَﭐلۡاطۡمِئۡنَانِ إِزَآءَ ﭐلمَجۡهُولِ ﭐلۡقَادِمِ فِى ﭐلۡأَخِرَةِ.
إِنَّهُ ﭐلۡمُخَلِّصُ ﭐلَّذِى سَيَأتِىَ بِالۡخَلَاصِ، وَﭐلسَّعَــٰدَةِ، وَﭐلۡأَمۡنِ وَﭐلۡاَمَانَ ([1]).
إِنَّهُ أَحَدُ وَسَاوِسِ ﭐلشَّيۡطَــٰنِ ﭐلَّتِى دُفِنَتۡ بِذۡرَتُهَا فِى نُبُوءَةِ إِشۡعِيَآءَ، وَحِزۡقِيَالَ، ثُمَّ خَرَجۡنَا نَحۡنُ وَغَيۡرُنَا إِلَىٰ ﭐلدُّنۡيَا فَوَجَدۡنَاهَا قَدۡ طَرَحَت عَلۡقَمًا وَمُرًّا بِالۡعَهۡدِ ﭐلۡقَدِيِمِ، وَسُمًّا زُعَافًا بِتَلۡمُودِ ﭐلۡيَهُودِ، ﭐلَّذِيِنَ كَفَرُوا بِنَبِىِّ ﭐللهِ “مُحَمَّدٍ”، وَبِكِتَــٰبِ ﭐللَّهِ “ﭐلۡقُرۡءَانِ” ﭐلۡمُرۡسَلِ مَعَهُ، كَمَا كَفَرُوا مِنۡ قَبۡلِ بِرَسُولِ ﭐللَّهِ “عِيِسَىٰ”، وَبِكِتَــٰبِ ﭐللَّهِ “ﭐلۡإِنۡجِيِلِ” ﭐلۡمُرۡسَلِ إِلَيۡهِم.
وَلِأَنَّ ﭐلۡيَهُودَ قَدۡ كَفَرُوا بِعِيِسَىٰ، وَبِمُحَمَّدٍ -عَلَيۡهِمَا ﭐلسَّلَــٰم- فَإِنَّهُم لَا يَزَالُونَ بِانۡتِظَارِ ءَاخِرِ رُسُلِ بَنِى إِسۡرَآءِيلَ ([2])،ﭐلۡمُخَلِّصُ ﭐلَّذِى سَيَأتِىَ مِنۡ نَسۡلِ ﭐلرَّسُولِ ﭐلۡمَلِكِ “دَاوُۥدُ”، وَﭐلَّذِى سَيَقُومُ بِجَمۡعِ مُشَتَّتِى ﭐلۡيَهُودِ مِنۡ جَمِيِعِ أَنۡحَآءِ ﭐلۡعَالَمِ، وَيُكَوِّنُ مِنۡهُمۡ جَيۡشًا عَظِيِمًا فِى جِبَالِ ﭐلۡقُدۡسِ، لِيُقَاتِلَ بِهِم كُلَّ غَيۡرِ ﭐلۡيَهُودِ، وَيَفۡتِكُ بِهِم، وَلِيُعِيِدَ ﭐلۡهَيۡكَلَ (ﭐلۡوَهۡمِىِّ) ﭐلثَّالِثِ إِلَيۡهِم، وَيَحۡكُمُوا ﭐلۡأَرۡضَ لأِلۡفَ سَنَةٍ، ثُمَّ تَقُومُ ﭐلسَّاعَةُ فَيَأخُذُ بِيَدِهِم إِلَىٰ ﭐلۡجَنَّةِ كَمَا جَآءَ فِى سِفۡرِ إِشۡعِيَآءِ بِالۡإِصۡحَاح ﭐلۡحَادِى عَشَرۡ، وَغَيۡرِهِ مِنَ ﭐلۡأَسۡفَارِ ﭐلۡكَثِيِرَةِ كَحِزۡقِيَالِ، ثُمَّ تَقُومُ ﭐلۡسَّاعَةُ بَعۡدَ ذَٰلِكَ كَمَّا فَصَّلَ ﭐلتَّلۡمُودُ ([3]).
إِلَّا أَنَّ أَهۡلَ ﭐلصَّلِيِبِ كَانَت عِنۡدَهُم بِذۡرَةٌ شَيۡطَــٰنِيَّةٌ مُخۡتَلِفَةٌ؛ فَقَدۡ ﭐنۡتَشَرَ بَيۡنَهُم أَنَّ عِيِسَىٰ -عَلَيۡهِ ﭐلسَّلَــٰم- جَآءَ كَمُخَلِّصٍ فِى ﭐلۡدُّنۡيَا فِيِمَا مَضَىٰ، وَفَادٍ لِأَهۡلِ ﭐلصَّلِيِبِ أَبَدًا، وَأَنَّهُ حَىٌّ، وَسَيَرۡجِعُ لِلدُّنۡيَا مَرَّةً أُخۡرَىٰ فِىٓ ءَاخِرِ ﭐلزَّمَانِ لِيَجۡمَعَ أَهۡلَ ﭐلصَّلِيِبِ ([4])، وَيَقُومُ بِتَنۡصِيِرِ ﭐلۡيَهُودِ، وَتَعۡمِيِدِهِم، وَضَمِّهِم لِمُقَاتِلِيِهِ مِنۡ أَهۡلِ ﭐلصَّلِيِبِ، وَيُقَاتِلُ مَعَهُم غَيۡرَهُم، وَيَجۡعَلُ كُلَّ أَهۡلِ ﭐلۡاَرۡضِ صَلِيِبِيِّيِنَ، ثُمَّ تَقُومُ ﭐلۡسَّاعَةُ، وَتَبۡدَأُ ﭐلدَّيۡنُونَةُ ([5]).
نَفۡسُ ﭐلۡشَّىۡءِ حَدَثَ عِنۡدَ أَهۡلِ ﭐلۡمَذَاهِبِ، مِنۡ سُنَّةٍ أَوۡ شِيِعَةٍ، أَوۡ غَيۡرِهِم مِنَ ﭐلَّذِيِنَ يَنۡسِبُونَ أَنۡفُسَهُم إِلَىٰ ﭐلۡإِسۡلَــٰمِ، فَقَالُوا -تَقۡلِيِدًا- إِنَّ عِيِسَىٰ لَمۡ يَمُتۡ، وَإِنَّمَا تَوَفَّاهُ ﭐللَّهُ وَرَفَعَهُ إِلَيۡهِ، بِمَعۡنَىٰ أَنَامَهُ، وَرَفَعَهُ إِلَيۡهِ، ثُمَّ إِنَّهُ سَيَرۡجِعُ إِلَىٰ ﭐلدُّنۡيَا، فِىٓ ءَاخِرِ ﭐلزَّمَانِ، بَعۡدَ أَنۡ تَمۡتَلِئَ ﭐلۡأَرۡضَ ظُلۡمًا وَجُورًا، فَيُدۡعُوَا ﭐلۡيَهُودَ وَﭐلۡنَّصَارَىٰ إِلَىٰ ﭐلۡإِسۡلَامِ أَوۡ ﭐلسَّيۡفِ، فَيُحِقُّ ﭐلۡحَقَّ، وَيُقِيِمُ ﭐلحُجَّةَ عَلَىٰ ﭐلظَّــٰلِمِيِنَ، فَيَتَّبِعُهُ ﭐلنَّاسُ، ثُمَّ يَمُوتُ وَيَمُوتُونَ.
وَزَادَ خَلَفُ ﭐلۡمَذَاهِبِ عَلَىٰ أَهۡلِ ﭐلصَّلِيِبِ، بِخُرُوجِ مَهۡدِىٌّ مُنۡتَظَرٌ عِنۡدَهُمَا، بِخِلَافِ رُجُوعِ عِيِسَىٰ، وَإِنۡ ﭐخۡتَلَفُوا عَلَىٰ شَخۡصِهِ.
كَمَا زَادَ أَهۡلُ ﭐلشِّيِعَةِ بِرُجُوعِ عَلِىِّ بِنۡ أَبِى طَالِبِ لِيُخَلِّصَهُم، وَيَنۡصُرَهُم، وَرُجُوعِ كُلِّ ﭐلۡأَئِمَّةِ ﭐلۡإِثۡنَا عَشَر، حَتَّى جَعَلُوا مِنَ “ﭐلرَّجۡعَةِ” أَحَدَ خَمۡسَةِ مَبَادِئٍ قَامَ عَلَيۡهَا مَذۡهَبُهُم ([6]).
وَﭐلۡحَقُّ أَنَّ كِتَــٰبَ ﭐللَّهِ “ﭐلۡقُرۡءَانَ”، لَا شَأنَ لَهُ بِمَا قَالَهُ ﭐلۡجَمِيِعُ، إِلَّا مِنۡ بَابِ ﭐلتَّكۡذِيِبِ لِكُلِّ مَا قِيِلَ مِنَ ﭐلۡجَمِيِعِ، وَهَذَا مَا سَأَتَنَاوَلُهُ هُنَا، أَمَّا مَا جَآءَ مِنۡ رُوايَاتٍ نُسِبَت زُورًا وَبُهۡتَانًا لِنَبِىِّ ﭐللَّهِ فَقَدۡ أَفۡرَدۡتُ لَهَا كِتَــٰبًا، طُبِعَ مُنۡذُ أَكۡثَرِ مِنۡ رُبۡعِ قَرۡنٍ بِاسۡمِ: “ﭐسۡتِحَــٰـلَةُ ظُهُورِ ﭐلۡمَسِيِحِ ﭐلۡدَّجَّالِ“، وَتَنَاوَلۡتُ فِيِهِ أُكۡذُوبَةَ عَوۡدَةِ عِيِسَىٰ كَمَا جَآءَت بِالۡقَصَصِ ﭐلۡتُّرَاثِّىِّ، فَلَا دَاعِىَ لِتِكۡرَارِهَا هُنَا، وَلِأَنَّ ﭐسۡتِعۡرَاضَ ﭐلۡحَقِّ يُغۡنِى عَنِ ﭐلۡكَرِّ عَلَىٰ ﭐلۡبَــٰـطِلِ وَتَفۡنِيِدِهِ ([7]).
هامش ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ـ إِنَّهُ ءَامُونَ قُدَمَآءِ ﭐلۡمِصۡرِيِّيِنَ، وَهُوَ ﭐلۡكَاهِنُ ﭐلَّذِى يُخَفِّفُ شِدَّةَ ﭐلۡفَيَضَانِ، وَهُوَ سَانۡتَا كُلُوز، ﭐلَّذِى سَيَأتِىَ حَامِلًا ﭐلۡهَدَايَا فِى أَوَّلِ ﭐلسَّنَةِ، لِيَجۡعَلَهَا سَنَةً سَعِيِدَةً وَمُبۡهِجَةً، وَهُوَ صَلَاحُ ﭐلدِّيِنِ ﭐلۡاَيُوبِىِّ عِنۡدَمَا ﭐشۡتَدَّ ظُلۡمُ ﭐلۡصَّلِيِبِيِّيِنَ، . . . الخ.
[2] ـ حَيۡثُ جَآءَ فِي تَلۡمُودِ ﭐلۡيَهُودِ مَا نَصَّهُ:
“سيأتى المسيح الحقيقى، ويحصل النصر المنتظر، ويقبل المسيح حينئذ الهدايا من كل الشعوب، ويرفض هدايا المسيحيين، وتكون الأمة اليهودية آنذاك فى غاية الثروة، . . .، وفى ذلك الزمن ترجع السلطة إلى اليهود، وجميع الأمم تخدم ذلك المسيح” اهـ.
[3] ـ حَيۡثُ جَآءَ فِي ﭐلتَّلۡمُودِ أَنَّ هَذَا ﭐلمَسِيحَ سَيَكُونُ مِنۡ نَسۡلِ دَاوُۥدَ، وَسَيَكُونُ خُرُوجُهُ قَبۡلَ قِياَمِ ﭐلسَّاعَةِ، أَىۡ قَبۡلَ ﭐلۡأَيَّامِ ﭐلۡأَخِيرَةِ لِلعَــٰلَمِ.
[4] ـ حَيۡثُ جَآءَ فِي ﭐلۡإِصۡحَاحُ ﭐلرَّابِعُ عَشۡر مِنۡ سِفۡرِ رُؤۡيَا يُوحَنَّا:
“سَمِعْتُمْ أَنِّي قُلْتُ لَكُمْ: أَنَا أَذْهَبُ ثُمَّ آتِي إِلَيْكُمْ“.
مُتَوَرِّكًا عَلَىٰ سِفۡرِ دَانۡيَالِ مِنَ ﭐلۡعَهۡدِ ﭐلۡقَدِيِمِ 7، وَفِيِه:
“ 13 كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ السَّمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى الْقَدِيمِ الأَيَّامِ، فَقَرَّبُوهُ قُدَّامَهُ.14 فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ، وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِض”.
[5] ـ فِى ﭐلۡإِصۡحَاحِ ﭐلۡخَامِسِ مِنۡ كِتَــٰبِ يُوحَنَّا (إِنۡجِيِلِهِ).
[6] ـ رَاجِع: “حق ﭐليقين” لعبد ﭐلله شُبَّر: (2/1 ط: طهران)، وَﭐلَّذِى يَقُولُ فِيهِ:
“إن ثبوت الرجعة مما اجتمعت عليه الشيعة الحقة، والفرقة المحقة، بل هى من ضروريات مذهبهم” .
[7] ـ ﭐسۡتَخۡدَمۡتُ فِى خَطِّى لِلۡمَوۡضُوعِ، خَطَّ ﭐلۡقُرۡءَانِ، وَأَلۡفَاظَ ﭐلۡقُرۡءَانِ، فَأَنَا أَتَعَلَّمُ مِنۡ كَلَــٰمِ رَبِّى كُلَّ شَىۡءٍ، حَتَّىٰٓ طَرِيِقَةِ ﭐلۡخَطِّ (وَهِىَ مَا نُطۡلِقُ عَلَيۡهَا فِى أَعۡجَمِيَّتِنَا: طَرِيقَةَ ﭐلۡكِتَــٰبَةِ)، وَمَعۡنَىٰ ﭐلۡكَلِمَةِ، وَكَيۡفِيَّةَ ﭐلسِّيَــٰقِ، وَكَيۡفِيَّةِ ﭐلۡإِضَـٰــفَةِ، وَكُلَّ شَىۡءٍ.
وَنَظَرًا أَيۡضًا لِأَنَّ طَرِيقَةَ ﭐلۡخَطِّ فِى كِتَــٰبِ ﭐللَّهِ تُحَدِّدُ ﭐلۡمَعۡنَىٰ بِدِقَّةٍ، فَتُسَاهِمُ بَقۡدۡرٍ كَبِيِرٍ فِى كَيۡمُومِيَّةِ ﭐلۡكَلِمَةِ، وَمِقۡدَارِيَّتِهَا بَيۡنَ أَخَوَاتِهَا.
وَهَذَا أَيۡضًا سَيُصَعِّبُ عَلَىٰ لُصُوصِ ﭐلۡإِنۡتَرۡنِت سَرِقَةَ ﭐلۡجُمَلِ، وَﭐلۡفَقَرَاتِ، وَدَسَّهَا فِى كَلَــٰمِهِم، وَإِنۡ كَانَ هَذَا لَا يَعۡنِينِى فِى شَىۡءٍ رَغۡمَ حُدُوثِهِ كَثِيرًا، لَوۡلَا أَنَّهُم بِجَهۡلِهِم يُفۡسِدُونَ مَا سَرَقُوهُ حِينَ يُحَاولُونَ إِثۡبَاتِ مِلۡكِيَّتِهِم بِإِضَافَاتٍ مِنۡ عِنۡدِهِم بَعِيدَةٍ عَنِ ﭐلصَّوَابِ.