اللهُ لَهُ الأَسْمَآءُ الحُسْنَى

 

اسْمُ “اللهِ” هُوَ الاسْمُ الَّذِى اتَفَقَ المُؤْمِنُونَ، وَالنَّاطِقُونَ بالِّسَانِ(1) عَلَى أنَّهُ الاسْمُ الدَالُّ عَلَى مَنْ أوْجَدَ وَأبْدَعَ كُلَّ شَيْءٍ، خِلْقَةً، وَتَصْويِرًا، وَالَّذِى يُرَاقِبُ كَوْنَهُ كَيْفُمَا وَبِمَا يَشَاءُ، وَأَنَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ، والرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينِ، وَإلَيْهِ تَرْجِعُ الأُمُورُ(2).

.

وَقَدْ أعْلَمَنَا اللهُ تَعَالَى فِى ءَاخِرِ كُتُبِهِ الَّتِى أرْسَلَهَا لَنَا (3)، أنَّ اسْمَهُ هَذَا هُوَ الاسْمُ الجَامِعُ الشَامِلُ المُتَفَرِّعُ مِنْهُ بَقِيِّةُ الأَسْمَآءِ الحُسْنَى، فَهُوَ اللهُ الرَّحْمَانُ، وَهُوَ اللهُ الرَّحِيمُ، وَهُوَ اللهُ الملكُ، وَهُوَ اللهُ القُدُّوسُ، وَهُوَ اللهُ رَبُ العَالَمِين ..الخ، وَهُوَ كَمَا قَالَ عَن نَفْسِهِ:

هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَـٰلِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ ۖ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ﴿٢٢﴾هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ ٱلسَّلَـٰمُ ٱلْمُؤْمِنُ ٱلْمُهَيْمِنُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْجَبَّارُ ٱلْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٢٣﴾ هُوَ ٱللَّهُ ٱلْخَـٰلِقُ ٱلْبَارِئُ ٱلْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ ٱلْأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَ‌ٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۖ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ ﴿٢٤﴾” الحَشْر.

.

وَالمُؤْمِنُ إذَا مَا نَظَرَ إلَى أَىَّ اسْمٍ مِنْ أسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى يَتَيَقَّنُ أنَّهُ لاَ يَعْلَمُ مِنْ هَذَا الاِسْمِ إلاَّ مَا أخْبَرَهُ اللهُ تَعَالَى بِهِ، وَفَقَطْ. فَلَوْ نَظَرَ إلَى اسْمِ “القَوِىّ” مَثَلاً، فَهُوَ مُتَأكِّدٌ مِنْ أنَّهُ بِتَكْوِينِهِ البَشَرِىِّ، وَالقَلْبِىِّ (بِمَا فِيهِ مِن تَكْوِينٍ عَقْلِىٍّ، وَنَفْسِىٍّ) قَاصِرٌ عَنْ بِلُوغِ كُنْهِ هَذِهِ القُوَّةِ. وَأنَّىَ لَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ اللهُ تَعَالَى يُعْرِّفُ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ كَمِثلِهِ شَيْءٌ:

.. لَيْسَ كَمِثْلِهِۦ شَىْءٌ ۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ ﴿١١﴾” الشورى.

رَّبُّ ٱلسَّمَـٰوَ‌ٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَٱعْبُدْهُ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَـٰدَتِهِۦ ۚ هَلْ تَعْلَمُ لَهُۥ سَمِيًّا﴿٦٥﴾” مَرْيَم.

.

وَبَالتَالِى فَإنَّ كُلَّ مَا خَطَرَ بِبَالِكَ فِى كُلِّ حَيَاتِكَ عَنْ ذَاتِ اللهِ، فَهُوَ لَيْسَ مِنَ اللهِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ فِى شَيْءٍ. وَكَذَلِكَ فَإنَّ كُلَّ مَا خَطَرَ بِبَالِكَ مِن قُوَّةٍ تُرْجِعُهَا للهِ، فَهِىَ لَيْسَت قُوَّةَ اللهِ كُكُلٍّ، وَإِنَّمَا هِىَ نُقْطَةٌ مِن بَحْرِهَا، وَشَيءٌ مِنْ بَعْضِهَا، وَجُزْءٌ مِنْ كُلِّهَا، وَهَكَذَا.

.

إذًا فَاللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُدْعَى بأسْمَائِهِ الحُسْنَي وَفَقَطْ، وَهَذَا مَا يَدْعُونَا إلَى القَوْلِ بِإنْكَارِ الصِفَاتِ، وَعَدَمِ الخَوْضِ فِى اللهِ تَعَالَى، لاَ سِيَّمَا أنَّ لَفْظَ “صِفَة” لَمْ يَأْتِ بِالقُرْءَانِ مُتَعَلِّقًا بِاللهِ تَعَالَى إلاَّ فِى سِتَّةِ مَوَاضِعٍ فَقَطٍ، كُلُّهَا فِى تَنْزِيهِهِ سُبْحَانَهُ عَمَّا وَصَفَهُ بِهِ الوَاصِفُونَ، كَمَا سَيَأتِى.

هَامِش:ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ وَيَخْرُجُ مِنَ النَّاطِقِيِنَ بِالِّسَانِ مَنْ يُنْكِرُ اللهَ تَصَوُّرًا لاَ أثَرًا؛ كالمُلْحِدِ.

2 ـ ذَ‌ٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ ۖ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ خَـٰلِقُ كُلِّ شَىْءٍۢ“. “بَدِيعُ ٱلسَّمَـٰوَ‌ٰتِ وَٱلْأَرْضِ“. “إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ“. “وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلْأُمُورُ“.

3 ـ وَمُؤَكَّدٌ أنَّ ذَلِكَ كَانَ مَوْجُودًا أيْضًا بِبَقِيَّةِ الكُتُبِ السَابِقَةِ قَبْلَ إخْفَائِهَا أو انْدِثَارِهَا، وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى:

يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿٢٦﴾النِّسَآء.

كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَ‌ٰحِدَةً فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ..﴿٢١٣﴾البَقَرَة.

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x