إرَادَةُ اللَّهِ


 

الإرَادَةُ قَصْدٌ مُبَرَّرٌ. وَلَفْظُ الإرَادَةِ بِمَفْهُومِنَا البَشَرِىّ يَعْنِى طَلَبُ الشَيْءِ بِقَنَاعَةٍ، لِدَافِعٍ أوْ لِحَاجَةٍ (1)، مَع العَزْمِ عَلَيْهِ. وَكُلُّ هَذَا هُوَ بخِلافِ إرَادَةِ اللهِ تَعَالَي. فَاللهُ تَعَالَي هُوَ الصَمَدُ، المُسْتَغَني عَن غَيْرهِ، لاَ يَحْتَاجُ لِشَيءٍ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ لُيْسََ كَمِثْلِهِ شَيْئٌ، وَبالتَالِي فَإرَادَتَهُ سُبْحَانَهُ لَيْسَ كَمِثلِهَا إرَادَةٌ.

أراد/ أُريدُ/ أُريِدَ/ أرَدت/ أردتم/ أرادا/ أرَدُوا/ أرَدْنَا/ أرَدنَ/ أرادَانِى/ أَتُريد/ أتُريدُون/ تريد/ تُريدُون/ تُردن/ نُريد/ يُرد/ يريد/ يُريدَا/ يُريدَان/ يُريدُون/ يُراد/ أرَدنَاه/

وَإِرَادَةُ اللهِ تَعَالَي سَابقَةٌ لِكِلِّ شَيْءٍ، وَكُلِّ خَلْقٍ. وَهِىَ الإطَارُ الجَامِعُ الكُلِّىُّ، لِلمَشِيئَةِ، وَالقَضَاءِ، وَالْقَدَرِ. وَيَتَنَاولُ الجَمِيعُ الخَلْقَ وَالأَمْرَ: “أَلَا لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلْأَمْرُ”. وَبالتَالِي فَإنَّ الإرَادَةَ هِيَ السَابِقَةُ، وَالحَاكِمَةُ، والمُحَدِّدَةُ، إذَا مَا فَهِمْنَا أنَّ اللهَ تَعَالَى عَلَي كُلِّ شَيْءٍ قَدِير؛ وَلِذَا قَالَ تَعَالَى مُبَيِّنًا أنَّ مَا يُرِيدَهُ يَجِبُ وَحَتْمًا أَنْ يَكُونَ:

..إِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴿١٤﴾الحج.

“..إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ﴿١٠٧﴾هود.

.

وَإرَادَةُ اللهِ ـ كَمَا اسْتَقْرَأتُهَا بِكِتَابِ اللهِ ـ هِي أَنْ يَرَى البَصِيرُ، الحَكِيمُ، العَلِيمُ، شَيْئًا أَوْ أَمْرًامَا، عَلَي أنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي مُلْكِهِ ـ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ مِلْيَارَاتِ السِنِين ـ، وَانْظُر إلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:

إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ جَنَّـٰتٍۢ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَـٰرُ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴿١٤﴾الحج.

تَجِدُ أنَّ أمْرَ دُخُولِ الجَنَّةِ قَدْ أرَادَهُ اللهُ تَعَالَى مُنْذُ مِلْيَارَاتِ السِنِينِ الَّتِى لاَ يَعْلَمُهَا إلاَّ اللهَ تَعَالَى وَحْدَهُ.

.

هِذِهِ الإِرَادَةُ لَهَا تَعَلُّقٍ مُبَاشِرٌٍ بأسْمَائِهِ الحُسْنَي. فَمَا يُريدُهُ سُبْحَانَهُ يُجْلي شَيْئًا مِن هَذِهِ الأَسْمَاءِ، كَأن يُريدَ اللهُ شَيْئًا فَيَكُونُ؛ فَيَتَعَلَّقُ باسْم العَلِيمِ، والخَبِيِرِ، وَالحَكِيِمِ، وَالخَالِقِ، وَالْقَادِر، وَالبَارئِ، وَالمُصَوّرِ، وَاللّطِيفِ، ..الخ. أَوْ يُرِيدُ حَدَثًا مَا، فَيَكُونُ، فَيَتَعَلَّقُ باسْم القَاهِر، وَالمُهَيْمِن، وَالفَتَّاح، ..الخ، وَلاَ يَمْنَعُ ذَلِكَ مِن أَنَّ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا للهِ تَعَالَى، وحَاضِرَةٌ فِي كُلِّ المَنَاحِي.

مِن هُنَا نَفْهَمُ أَنَّ إِرَادَتَهُ ـ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَيَ ـ لَيْسَت كَإرَادِةِ المَخْلُوقِ تَحْكُمُهَا الدَوَافِعُِ، وإنَّمَا هِىَ أسْمَائُهُ الحُسْنَي، وَكَفَي بهَا حُسْنًا (2).

.

وَلنُلْقِ ضَوْءًا ـ وَلَوْ يَسِيرًا ـ عَلَي تَشَعُّبِ الإِرَادَةِ، لِنَتَنَاولَ بَعْدَهَا كَيْفَ تَتَغَلْغَلُ هَذِهِ الإرَادَةِ فِي كُلِّ مَا حَوْلَنَا مِنْ أَشْيَاءٍ، وَأَحْدَاثٍ، تَمْهيدًا لِلْتَعَرُّفِ أَكْثَرَ عَلَي مَنْ نَعْتَبرهُ مَرْجعُنَا الأَصِيلُ؛ سُبْحَانَهُ وَتَقَدَّس.

هَامِش:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ فَاللهُ ـ سُبْحَانَهُ ـ يُريدُ، وَأَنَا وَأَنْتَ نُريدُ، وَلَكِن بَيْنَ هَذَهِ الإِرَادَاتِ بُعْدُ المَشْرِقَينِِ. فَأنَا وَأَنْتَ ـ طِبْقًا لِنِظَام الخَلْقِ ـ نُريدُ لِحَاجَةٍ تُلِمُّ بنَا، وَلِطَبيعَةِ تَكْوينِنَا البَيُولُوجِي، الَّذِي يَشْتَركُ مَعْ بَقِيَّةِ الكَائِنَاتِ الحَيَّةِ فِي الدَوَافِع المَادِّيَّةِ الَّتِي تُحَافِظُ عَلَي بَقَاءِ النَوْع وَاسْتِمْرَارهِ, وَبَقَاءِ الحَيَاةِ عُمُومًا، كَدَوَافع؛ الجوعِ؛ الّذي يؤدي للاحتياج إلى الطعام، ودافع البقاء؛ الّذي يؤدي للاحتياج إلى الجنس، والمأوى، والملبس، وكذلك دوافع تحاشي الألمِ، وتحاشي الخوفِ، . . الخ، وَمُرُورًا بالدَوَافِعِ الاجْتِمَاعِيّةِ، كالتقليدِ، والتملكِ، والانتماءِ، والمنافسةِ، والتفوقِ، والسيطرةِ، وَانْتِهَاءً بالدَوَافِعِ الفِكْريّةِ.

2 ـ ثُمّ إنّ الله تعالي لا يُرِيدُ إلا الخير، وفي ذلك يقول تعالي:

يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ ۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿٢٦﴾النِّسَآء. “.. وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَـٰلَمِينَ ﴿١٠٨﴾ءَال عِمْرَان.

شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْءَانُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَـٰتٍۢ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍۢ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ..﴿١٨٥﴾البَقَرَة.

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x