أَسْمَاءٌ لاَ صِفَاتٌ

يتَفِقُ الفُرَقَآءُ مِن مُنْتَسِبِي الأَدْيَانِ عَلَي أنَّ اللهَ تَعَالَي سَمِيْعٌ، بَصِيرٌ، خَالِقٌ، . . الخ، وَلَكِنْ الاخْتِلاَفُ وَاقِعٌ بَيْنَهُم، بَعْدَ ذَلِكَ، فَمِن قَائِلٍ بِأنَّ اللهَ سَمِيعٌ، ثُمَّ لاَ يَتَوَقَّفُ عِنْدَ ذَلِكَ؛ فَيُشِيرُ إلَى أُذُنَيْهِ، ثُمَّ يَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلقَوْلِ بِأنَّهُ تَعَالَى لَهُ أُذُنٌ، وَلَكِن لَيْسَ كَمِثْلِهَا أُذُنًا، إلَى قَائِلٍ بِأنَّ اللهَ بَصِيرٌ، وَلاَ يَتَوَقَّفُ عِنْدَ ذَلِكَ فَيُشِيرُ إلَى عَيْنَيهِ، . . وَهَكَذَا، إلَى المُنْكِرِ ذَلِكَ أشَدَّ الإنْكَارِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّصُ بَعْدُ مِن رِبْقَةِ المَذهَبِ، فَيُثْبِتُ العَيْنَينِ، وَيَجْعَلُهُمَا العِنَايَةَ، وُيُثْبِتُ الضَحِكَ للهِ وَيَجْعَلُهُ الرِضَى، وُيُثْبِتُ النُزُولَ للهِ وَيَجْعَلُهُ الرَّحْمَةَ، . . وَهَلُمَّ جَرًّا.

.

أيْضًا فَقَدْ نَشَأت مَسَائِلٌ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً بَيْنَ المُؤْمِنِينَ أيَّامَ الرَسُولِ وَلَم يَعْرِفُوا مِنْهَا شَيْئًا، كَمَسْأَلَةِ الذَّاتِ مَثَلاً، وَالَّتِى بُنِيَت عَلَيْهَا مَسْألَةُ الصِفَاتِ عِنْدَ اخْتِرَاعِهَا. وَأيْضًا كَمَسْأَلَةِ القِدَمِ، الَّتِى تَمَّ إلْحَاقُهَا بِمَسْألَةِ الصِفَاتِ بَعْدَ اخْتِرَاعِهَا، وَمَسْألَةِ تَقْسِيمِ الصِفَاتِ إلَى صِفَاتٍ نَفْسِيَّةٍ، وَصِفَاتٍ سَلْبِيَّةٍ، وَصِفَاتٍ ذَاتِيَّةٍ، وَصِفَاتِ مَعَانِىٍ، وَصِفَاتٍ جَمَالِيَّةٍ، والصِفَاتِ المَعْنَوِيَّةِ، وَالصِفَاتِ الخَبَرِيَّةِ، والصِفَاتِ المُسْتَحِيلَةِ، وَصِفَاتِ الأَفْعَالِ، والصِفَاتِ العَقْلِيَّةِ، . . الخ الخ الخ!!!

.

وَلِتَمْرِيرِ بَاطِلِهِم يَقُومُونَ بِصِيَاغَةِ مَا ابْتَدَعُوهُ بِصِيَاغَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ لِيَتَمَرَّرَ هَذَا البَاطِلِ عِنْدَ المُرِيدِينَ، كَقَوْلِهِم ـ مَثَلاً ـ: “صِفَاتُ الكَمَالِ”! وَلَوْ سَألْتَهُم: الكَمَالِ لِمَن؟ لَقَالُوا: للهِ. وَلَوْ تَابَعْنَا وَقُلْنَا: فَكَيْفَ عَرِفْتُم بِالكَمَالِ مِن عَدَمِهِ؟ أأنْتُم أعْلَمُ أمِ الله؟ ألَمْ يَكُن الأجَدَرُ أنْ يَقُولَ اللهُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ بَدَلاً مِنْكُم؟ وَهَل تَأتِى صِفَاتُ الكَمَالِ بِدُونِ أىَّ ذِكْرٍ لَهَا بِالكِتَابِ؟ فَلاَ نَجِدُ اللهَ يَقُولُ عَنْ نَفْسِهِ أنَّ لَهُ صِفَاتُ الكَمَالِ، كَمَا قَالَ عَنْ نَفْسِهِ أنَّ لَهُ الأَسْمَاءَ الحُسْنَى؟ وَلِمَاذَا لَم يَقُل عَنْ نَفْسِهِ إنَّهُ قَدِيمٌ، أوْ إِنَّهُ أزَلِىٌّ كَمَا ابْتَدَعْتُم؟ ألاَ يَكْفِيكُم أنْ تَقُولُوا مَا قَالَهُ اللهُ تَعَالَى مِن أنَّهُ “الأوَّلُ”، وَتَتَوَقَّفُونَ؟ . . إلَى ءَاخِر مِثْلَ هَذِهِ الأسْئِلَةِ، وَلاَ مُجِيبٌ لأَىِّ سُؤَالٍ مِنْهَا فِى هَذَا البَابِ، إلاَّ الشَجْبِ، والتَكْفِيرِ، والانْتِقَاصِ.

.

وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ المَسَائِلِ الكَثِيرِ والكَثِيرِ، وَالَّتِى لَنْ نَحْصُرَهَا هَا هُنَا، وَلَكِن سَنَضَعُ قَاعِدَةً تَمْنَعُ مِنَ الزَّلَلِ، والخَوْضِ، لِكَيْلاَ يَقَعَ طَالِبُ الحَقِّ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْ سَقَطَاتٍ تَذْهَبُ بِهِ إلَى الانْضِمَامِ لَهُم.

وَهُوَ ٱلَّذِى يَبْدَؤُا ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ۚ وَلَهُ ٱلْمَثَلُ ٱلْأَعْلَىٰ فِى ٱلسَّمَـٰوَ‌ٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۚ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ ﴿٢٧﴾الروم.

وَلْنَسْتَعْرِضَ بَعْضَ ذَلِكَ لِنَبَيِّنَ مَا نَرَاهُ حَقًّا فِى هَذِهِ المَسْأَلَةِ المَبْنِيَّةِ عَلَى سُوءِ الفَهْمِ، وَالخَوْضُ فِيمَا لَمْ يَأذَنِ اللهُ بِهِ:

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x