1/6/6 ـ الشُّكْرُ:

1/6/6 ـ الشُّكْرُ:

كَذَلِكَ فَإِنَّهُ عَلَى البَاحِثِ أنْ يَكُونَ مِنَ الشَّاكِرِيِنَ لِلَّهِ. غَيْرَ مُكْتَفٍ بِالوُقُوفِ عِنْدَ مَقَامِ الحَمْدِ، بَلْ يَكُونُ قَدْ انْتَهَى إلَى القَنَاعَةِ، بِوُجُوبِ الشُّكْرِ، عَلَى هَذِهِ النِّعَمِ، فَيَأتِى بَحْثَهُ فِى الكِتَابِ مَبْنِيًّا عَلَى طَلَبِ هَذَا الشُّكْرِ الَّذِى سَيَتَحَقَّقُ بِالعَمَلِ المُنْضَبِطِ بِأَحْكَامِ الكِتَابِ، وَحُدُودِهِ، وَحِكْمَتِهِ، . . الخ.

يَقُولُ تَعَالَى لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَم:

قَالَ يَـٰمُوسَىٰٓ إِنِّى ٱصْطَفَيْتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ بِرِسَـٰلَـٰتِى وَبِكَلَـٰمِى فَخُذْ مَآ ءَاتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ ﴿١٤٤﴾الأَعْرَاف.

فَأخْذُ مُوسَى لِمَا ءَاتَاهُ اللهُ إِيَّاهُ بِالكِتَابِ يُفْتَرَضُ أنْ يَسْتَتْبِعَهُ العَمَلُ بِمَا فِيِهِ لِيَقَعَ الشُّكْرُ.

وَكَذَلِكَ الحَالُ مَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ ءَاتَاهُ اللهُ الكِتَابَ أنْ يُقْدِمَ عَلَيْهِ بِالدِّرَاسَةِ؛ فَالاِلْتِزَامَ بِمَا فِيِهِ لِيَكُونَ مِنَ الشَّاكِرِيِنَ للهِ.

وَمِنْ هُنَا كَانَت أوَّلُ صِفَةٍ يَجِبُ أنْ يَتَحَلَّى بِهَا البَاحِثُ هِىَ أنْ يَكُونَ مِنَ الرَّاغِبِيِنَ فِى شُكْرِ اللهِ تَعَالَى عَلَى نِعَمَهُ الَّتِى لاَ تُحْصَى وَإنْ عُدَّت.

التَّأَمُلُ لِتَحْدِيِدِ وَسِيِلَةِ الشُّكْرِ:

فَعَلَى البَاحِثِ فِى كِتَابِ اللهِ، أنْ يَكُونَ قَدْ سَبَقَ بَحْثَهُ أيْضًا بِالتَّأَمُّلِ فِى اسْتِكْشَافِ وَسِيلَةِ الشُّكْرِ، وَمِنْ هُنَا سَيَصِلُ إلَى أنَّ أَوَّلَ الشُّكْرِ هُوَ طَلَبُ العِلْمِ بِمَا يَتَوَجَّبُ عَلَيْهِ فِعْلَهُ لِيَعْبُدَ رَبَّهُ عَلَى بَصِيِرَةٍ، وَيَكُونَ مِنَ الشَّاكِريِنَ:

بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ وَكُن مِّنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ ﴿٦٦﴾الزُّمَر.

بِحَيْثُ يَتَعَلَّمُ مَا يَنْبَغِى عَلَيْهِ فِعْلَهُ لِيُسْلِمَ لِرَبِّ العَالَمِيِنَ. وَأَنْ يَكُونَ المُحَرِّكُ لِبَحْثِهِ هُوَ إدْرَاكُ حَقِيِقَةِ أَنَّ البَحْثَ فِى كِتَابِ اللهِ هُوَ الوَسِيِلَةُ، الوَحِيِدَةُ، لِلوُصُولِ إِلَى جُزْئِيَّاتِ دِيِنِ اللهِ تَعَالَى، تِبَاعًا، وَبِالتَّالِى إلَى الإِسْلاَمِ لَهُ سُبْحَانَهُ، تَصْدِيِقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:

“يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱبْتَغُوٓا۟ إِلَيْهِ ٱلْوَسِيلَةَ وَجَـٰهِدُوا۟ فِى سَبِيلِهِۦ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴿٣٥﴾المَائِدَة.

أُو۟لَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًۭا ﴿٥٧﴾الإِسْرَاء.

وَسَنَتَنَاوَلُ الوَسِيِلَةَ بِالشَّرْحِ مُؤَخَّرًا فِى مَوْضِعِهِ.