مُحْصَنَات


.

الإحْصَانُ الحَقُّ فِى أسَاسِهِ هُوَ إحْصَانٌ فِكْرِىٌّ، قَلْبِىٌّ، وَلاَ يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ وُجُودِ شِبْهِ إحْصَانٍ مُوَازِىٍ، مَادِّىٍّ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِحَقٍّ، وَإنَّمَا هُوَ عَلَى أحْسَنِ أحْوَالِهِ يَدْخُلُ فِى العَوَامِلِ المُسَاعِدَةِ عَلَى بُلُوغِ العِفَّةِ، كَالمَالِ، وَالظُرُوفِ البِيئِيَّةِ وَالاجْتِمَاعِيَّةِ، وَالزَوْجِ (1)، أوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ عَادَاتٍ وَتَقَالِيدٍ، . . الخ؛ إِلاَّ أَنَّ كُلَّ هَذِهِ العَوَامِلِ المُسَاعِدَةِ قَدْ تَجْتَمِعُ فِي امْرَأَةٍ وَبِرَغْمِ ذَلِكَ فَقَدْ تَنْحَرِفُ، وَتَفْقِدُ عِفَّتَهَا، لأَنَّهَا كَانَت عِفَّةً هَشَّةً، زَائِفَةً، وَغَيْرُ مُمَنْهَجَةٍ، وَغَيْرُ قَائِمَةٍ عَلَى دِينٍ، بَلْ وَخَاضِعَةٌ لِلظُرُوفِ.

وَمِنْ هُنَا بَرَزَتْ أَهَمِّيَّةُ الإِحْصَانِ الإِيمَانِيِّ، الَّذِي يَتَحَقَّقُ بِالإِيمَانِ وَالتَّقْوَىَ، فَتَصِيرُ المَرْأَةُ بِهِ مُحْصَنَةً حَقَّ الإحْصَانِ، عَنْ بَيِّنَةٍ؛ إِذْ أَصْبَحَ السِّيَاجُ حَصِينًا بِفِعْلِ الرِّقَابَةِ المُسْتَمِرَّةِ للهِ تَعَالَى، وَتَقْوَاهُ. فَالمُؤْمِنَةُ الصَالِحَةُ قَدْ تَكُونَ مَعْوُوزَةٌ وَمُحْتَاجَةٌ لِلمَالِ بِشِدَّةٍ، وَتَعِيشُ فِي مَدِينَةٍ كَبِيرَةٍ يَسْهُلُ فِيهَا الانْحِرَافُ، وَلاَ زَوْجَ لَهَا، وَلَكِن مِنَ المُحَالِ أَنْ تُفَرِّطَ فِي إِحْصَانِهَا؛ إِذْ تُرَاقِبُ رَبَّهَا، وَتَسْجُدُ لَهُ وَتَرْكَعُ، وَتَقْنُتُ مَعَ القَانِتِينَ. وَتَخْشَعُ للهِ، وَتَخْشَاهُ، مُتَأَسِّيَةً بِمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَان، عَلَيْهَا السَّلاَم.

هَامِش:ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ فَنَحْنُ إِذَا مَا نَظَرْنَا إِلَى مَنْ تُتُاجِرُ بِالجِنْسِ مِنْ أَجْلِ المَالِ (مَثَلاً)؛ نَجِدُ أَنَّ تَوَفُّرَ المَالِ لِبَعْضِهِنَّ كَانَ مِنَ المُمْكِنِ أنْ يُعِفَّهُنَّ وَيُحْصِنُهُنَّ ابْتَدَاءً، وَيَمْنَعُهُنَّ مِنْ أَنْ يَقَعْنَ فِي بَرَاثِنِ هَذِهِ التِّجَارَةِ الرَّخِيصَةِ. وَلِذَا صَارَتَ بَعْضُ المُحْصَنَاتِ مِنْ أَسْبَابِ إِحْصَانِهَنَّ اسْتِقْلاَلِهِنَّ المَالِيِّ، وَعَدَمِ عَوْزِهِنَّ. كَذَلِكَ تَأتِى الظُرُوفُ البِيئِيَّةُ وَالاجْتِمَاعِيَّةُ كَعَامِلٍ مُسَاعِدٍ لِلمَرْأَةِ عَلَى العِفَّةِ. فَالمَرْأَةُ المُتَوَاجِدَةُ فِي قَبِيلَةٍ، يُسَاعِدُهَا وُجُودُهَا ضِمْنَ قَبِيلَتِهَا، عَنْ الَّتِي تَعِيشُ فِي مَدِينَةٍ ضَخْمَةٍ، لِتَوَفُّرِ عُنْصُرَ الرِّقَابَةِ المُجْتَمَعِيَّةِ،..وَهَكَذَا. كَمَا يُسَاعِدُ المَرْأَةُ عَلَى العِفَّةِ ـ أيْضًا ـ وُجُودُ زَوْجٍ لَهَا، فَتَقْضِي رَغَبَاتِهَا مَعَهُ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ ذَلِكَ لاَ يُضَاهِئُ أَبَدًا الإِحْصَانَ بِالدِّيِنِ.

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x