يُوسُف 109

 

قُلْنَا إِنَّ لَفْظَ “الرَّجُل” ـ بِضَمِّ الجِيِمِ ـ مِنَ الرَّجْلِ، وَجَمْعُهُ رِجَالٌ. وَالرَّجْلُ مِنَ الرِّجْلِ. وَالرِّجْلُ هِىَ العُضْوُ المَسْؤُولُ عَنِ الحَرَكَةِ وَالانْتِقَالِ فِى الإنْسَانِ، وَبِالتَالِى فَقَدْ أصْبَحَ الرَّجْلُ هُوَ صِفةٌ تُطْلَقُ عَلَي مَنْ يَسْتَخْدِمَ رِجْلَهُ لِيَسْعَىَ وَيَنْتَقِل بِمُفْرَدِهِ مِنْ مَكَانٍ إلَى مَكَانٍ ءَاخَرَ. وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ اللهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ الحَجِّ؛ وَفِيِهِ:

وَأَذِّن فِى ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍۢ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍۢ ﴿٢٧﴾“.

فَقَوْلُهُ تَعَالَى:”يَأْتُوكَ رِجَالًۭا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ“، يُبَيِّنُ وَسِيلَةَ الانْتِقَالِ إلَى الحَجِّ، سَوَاءٌ بِالرِّجْلِ، أوْ بِالضَّامِرِ. وَنَفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ سَيَنْتَقِلُونَ إلَى الحَجِّ؛ مِنْهُم ذُكُورٌ مِنَ الرِّجَالِ، وَمِنْهُم إنَاثٌ مِنَ الرِّجَالِ، كَمَا أنَّ مِنْهُم ذُكُورٌ سَيَنْتَقِلُونَ عَلَى الضَّامِرِ، وَمِنْهُم إنَاثٌ سَيَنْتَقِلْنَ عَلَى الضَّامِرِ.

كَذَلِكَ فَإنَّ الرُّسُلَ كَانُوا رِجَالاً، وَلاَبُدَّ وَأنْ يَكُونُوا رِجَالاً، بِمَعْنَى القِيَامُ بِمُتُطَلَّبَاتِ الدَعْوَةِ إلَى اللهِ تَعَالَى، وَلا يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مِنَ النِّسَاءِ (بَعِيِدًا عَنِ الجِنْسِ)، إذْ لَوْ حَدَثَ ذَلِكَ لَمَا اسْتَطَاعَ أنْ يَقُومَ بِأعْبَاءِ الرِّسَالَةِ وَهُوَ مُثْقَلٌ، وَلاَ يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ أنْ يَكُونَ الرّسُلُ كُلُّهُم ذُكُورًا، وَإنَّمَا ذُكِرُوا هُنَا كَرِجَالٍ لِلدَلاَلَةِ عَلَى أنَّهُم كَانُوا جَدِيِرِيِنَ بَالتَكْلِيِفِ، وَلِسَعْيِهِمُ الدَؤُوبِ فِى التَبْلِيغِ، حَيْثُ لَمْ يَألُوا جُهْدًا فِى تَبْلِيِغِ رِسَالاَتِ رَبِّهِم، وَالتَّصَدِّى لِكُلِّ مَا يَجِدُّ مِنَ أحْدَاثٍ جِسَامٍ إبَانَ الدَّعْوَةِ؛ وَلِذَا فَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى فِيِهِم:

وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِىٓ إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰٓ ۗ..﴿١٠٩﴾يُوسُف(1).

لَمْ يَعْنِ اللهُ تَعَالَى هُنَا أنَّهُ أرْسَلَ ذُكُورًا، وَإِلاَّ لَقَالَ ـ مَثَلاً ـ: “وَمَا أرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إلاَّ ذُكُورًا”، وَهُوَ بَعِيِدٌ كَمَا نَرَى، وَإنَّمَا هُوَ كَمَا أسْلَفْتُ.

 هَامِش:ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى بِالأَيَةِ 43 مِنْ سُورَةِ النَّحْلِ، وَالأَيَةِ 7 مِنْ سُورَةِ الأَنْبِيَآءِ.

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x