“ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍۢ وَبِمَآ أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ ۚ .. ﴿٣٤﴾” النِّسَآء.
.
الرِّجَالُ وَالنِّسَآءُ هُنَا صِفَةٌ لأَىٍّ مِنَ الذُّكُورِ أَوِ الإِنَاثِ، فَجَعَلَ سُبْحَانَهُ القَوَامَةَ لِلذَّكَرِ أَوِ الأُنْثَى بِحَسْبِ مَوْقِعِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنَ الرَّجْلِ أَوْ النَّسْءِ؛ إِذْ أَنَّ التَّفْضِيلَ يَقَعُ لِمَنْ يَرْجَل طَلَبًا لِلرِّزْقِ (ذَكَرًا كَانَ أمْ أُنْثَى)، عَلَي مَنْ يَتَأخَّر، وَيَنْسَأ (ذَكَرًا كَانَ أمْ أُنْثَى)، حَيْثُ يَتَكَفَّلُ الرِّجَالُ بِالنِّسَآءِ (بِغَضِّ الطَرَفِ عَنِ الجِنْسِ)، إذْ التَّفْضِيِلُ يَتَعَلَّقُ بِالرِّزْقِ ، وَذَلِكَ كَمَا قَالَ تَعَالَى:
“وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍۢ فِى ٱلرِّزْقِ ۚ .. ﴿٧١﴾” النَّحْل (1).
ولِذَا قَالَ سُبْحَانَهُ: “بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍۢ”، بِاعْتِبَار حَالَةِ الرَّجْلِ وَالنَّسْءِ (ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ)، لاَ بِاعْتِبَارِ الجِنْسِ. وَذَلِكَ كَمَا قَالَ تَعَالَى بِنَفْسِ الأَيَةِ:
“بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍۢ وَبِمَآ أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ ۚ“.
فَالتَفْضِيِلُ كَانَ فِى الرِّزْقِ أوْلاً، ثُمَ تَبِعَهُ الإِنْفَاقُ، وَمِنْ هُنَا جَاءَت القَوَامَةُ. وَبِالتَالِى فَلَوْ كَانَ التَفْضِيِلُ للأُنْثَى، وَأنْفَقَت عَلَى الذَّكَرِ فَالقَوَامَةُ لَهَا، وَالعَكْسُ صَحِيِحٌ، وَهُوَ الغَالِبُ، إذْ الذُّكُورُ هُم عَلَى الأَغْلَبُ الَّذِيِنَ يَسْعَوْنَ فِى طَلَبِ الرِّزْقِ، وَهُم الَّذِيِنَ يُنْفِقُونَ، وَلِذَا صَارَت القَوَامَةُ لَهُم (2).
لِلتَّوَسُّعِ انْظُر هُنَا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ وَطَلَبُ الرِّزْقِ يَحْتَاجُ إلَى الرَجْلِ وَالسَعْىِّ وَالانْتِشَارِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
“فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُوا فِى ٱلْأَرْضِ وَٱبْتَغُوا مِن فَضْلِ ٱللَّهِ .. ﴿١٠﴾” الجُمُعَة.
“..وَءَاخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِى ٱلْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ ۙ .. ﴿٢٠﴾” المُزَّمِل.
2 ـ يَقُولُ شَحْرُور فِى كِتَابِهِ: “الكتاب والقرآن” ص 620:
“بدأت الآية 34 بصيغة الخبر: (الرجال قوامون على النساء) هنا وضع علاقة موضوعية بأن الرجال لهم القوامة على المرأة“.
فَجَعَلَ النِّسَآءَ هِىَ المَرْأةُ، فَأنْعِم بِهِ مِنْ تَعَالُمٍ، وَأكْرِم، وبِالطَبْعِ فَإنَّ كُلَّ مَا بَنَاهُ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ خُرَافِىٌّ، وَهْمِىٌّ، كَأنْ يَقُولُ بَعْدَهَا:
“وذكر القوامية بين الرجال والنساء ولم يذكر القوامية بين المؤمنين والمؤمنات أي لم يقل “المؤمنون قوامون على المؤمنات لذا فإن هذا الخبر يجب أن يكون صادقا في كل أنحاء الأرض ولذلك ذكر علة القوامية، وبما أنه ذكر علة القوامية فبذهاب العلة يذهب المعلول وبتبديل العلة يبدل المعلول..“!!!