اللهُ تَعَالَى هُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ، وَهُوَ العَليُّ العَظِيمُ. وَلَقَدْ وَجَدْتُ أنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَخْلُق خَلْقَهُ لِيَكُونُوا عَبِيدًا لَهُ يَأمُرهُم وَيَنْهَاهُم، وَانْتَهَى الأَمْرُ عَلَى ذَلِك؛ فَمَنْ أَطَاعَهُ أَثَابَهُ، وَمَنْ عَصَاهُ عَاقَبَهُ. إِنَّ هَذَا التَّصَوُّرلاَ يَنْطَبِقُ أَبَدًا عَلَى تَصَوُّرِي لِلهِ الَّذِي أَعْرِفهُ سُبْحَانَهُ.
وَإِنَّمَا اللهُ تَعَالَى -وَهُوَ رَبُّ العَالَمِينَ المَحْمُودُ دَوْمًا عَلَى نَفْسِهِ أَوَّلاً-، أَرَادَ عِبَادًا تَكُون لَهُمُ العِزَّةُ، وَالتَّمَكُّنُ، وَالسُّلْطَانُ الَّذِينَ أَوْدَعَهُم كَوْنَهُ (المُؤَقَّت) بِمَا فِيهِ، وَمِنْ ثَمَّ فَقَدْ أَرَادَ لَهُم فِي المَقَامِ الأَوَّلِ تَكْوِيِنًا ذَكِيًّا، يُمَكِّنَهُم مِنَ الحُصُولِ عَلَى هَذِهِ الدُّرَرِ، وَالَّتِي بِالطْبِع سَتُقَرِِّبَهُم مِنْهُ تَعَالَى، وَتَجْعَلُهُم يَسْجُدُونَ لَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى عِلْمٍ وَبَصِيرَةٍ. وَمِنْ أَسَاسِيَّاتِ حُدُوثِ هَذِهِ “الزَّكَاةِ” فِي تَكْويِنِهِم . . . هُوَ أَنْ يَرْتَقُوا بِأَخْلاَقِهِم وَسُلُوكِيَّاتِهِم، فِيمَا بَيْنَهُم، وَمَعَ غَيْرِهِم.
ثُمَّ يَأتِي فِي الدَّرَجَةِ الثَانِيَةِ ـ المُوَازِيَةِ ـ مِنْ دَرَجَاتِ سُلّمِ الارْتِقَاءِ أَنْ يَقُومَ هَؤُلاَءِ العِبَادِ بِتَرْقِيَةِ أَنْفُسِهِم عِلْمِيًّا مِنْ خِلاَلِ تَطْوِيرِ وَسَائِلِ الإِدْرَاكِ، وَمَنَاهِجِ التَّحْلِيلِ، لِيَتَمَكَّنُوا بِهَا مِنْ مَعْرِفَةِ رَبِّهِم الخَالِقِ، البَارِئِ، المُصَوِِّرِ، . . .، فَيَعْرِفُونَ كَيْفَ هُوَ تَعْقِيدِ الخِلْقَةِ، وَتَغَلْغُلِ القُدْرَةِ وَالعِلْمِ فِيهَا، وَمِنْ ثَمَّ فَسَيَدْعُونَ اللهَ تَعَالَى بِأَسْمَاءِهِ الحُسْنَى حِينَئِذٍ عَلَى بَصِيرَةٍ، أَوْ بِمَا تَحَقَّقَ لَهُم مِنْهَا بِحَسَبِ سَعْيِهِم وَاسْتِفْرَاغِ وُسْعُهُم. وَعَلَى ذَلِكَ فَيُمْكِنُ القَوْلُ بِأَنَّ المَنَاهِجَ التَّحْلِيلِيَّةَ، وَوَسَائِلَ الإِدْرَاكِ المَذْكُورَةِ ـ لاَ الحَوَاسّ ـ تَتَطَوَّرُ تَرَاكُمِيًّا بِمُرُورِ الزَّمَانِ.
وَلَكِنْ فِي الأَزْمِنَةِ البَعِيدَةِ مِنْ بَعْدِ ءَادَم لَمْ تَكُنْ البَشَرِيَّةُ قَدْ تَأَهَّلَت بَعْدُ لِلحُصُولِ عَلَيْهَا، وَبِالتَّالِي فَلَمْ تَتَمَكَّن هَذِهِ البَشَرِيَّةِ ـ وَلِقُرُونٍ طَوِيلَةٍ ـ مِنَ القِيَامِ بِالبَحْثِ العِلْمِيِّ الدَّقِيقِ القَائِمِ عَلَى جَمْعِ وَتَصْنِيفِ وَتَطْويِرِ المَعَارِفِ وَالاكْتِشَافَاتِ، وَدِرَاسَةِ العِلاَقَاتِ بَيْنِهَا ضِمْن مَنَاهِجٍ عِلْمِيَّةٍ مُحَدَّدَةٍ تُمَكِّنُهُم مِنَ اسْتِطْلاَعِ الطُّرُقِ الَّتِي يَعْمَلُ بِهَا العَالَمُ، وَأَصْلُ الكَوْنِ الَّذِي نَعِيشُ فِيهِ، نُزُولاً إِلَى تَرْكِيبِ الجُزَيْئَاتِ، وَمُرُورًا بِمُسَبَّبَاتِ سُلُوكِنَا؛ فَلِلأَسَفِ ـ وَبِكُلِّ أَسَفٍ ـ قَامَت البَشَرِيَّةُ بِتَعْطِيلِ مَسِيرَتِهَا المَنْشُودَةِ؛ إِذْ إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَتَدَخَّل بِإرَادَتِهِ أَوْ بِمَشِيئَتِهِ، وَإِنْ رَضِيَهَا لَهُم، وَتَرَكَ لَهُم أَنْ يُريدُوهَا هُمْ، وَيُشَيِّئُوهَا هُمْ، وَلَكِنَّ السَّلَفَ الطَالِحَ رَاحَ يُعِيثُ فِي الأَرْضِ فَسَادًا، وَظَلَّت القِلَّةُ المُؤْمِنَةُ غَيْرَ مُسْتَطِيعَةٍ لِتَحْقِيقِ مَا شَرَعَهُ اللهُ لِلبَشَرِيَّةِ مِنْ سُمُوٍّ وَارْتِقَاءٍ (وَجَعَلَهَا لَهُم اخْتِيَارًا)، وَظَلَّ هَذَا التَّبَاطُؤُ يَتَرَاكَمَ، وَقُلُوبُ البَشَرِ تَقْسُوَ وَيَصْعُب عَلَيْهَا العِلْمُ، فَغَلَبَ الفَرَاغُ الدِّيِنِيُّ وَالاِمْتِلاَءُ الشَّيْطَانِيُّ، وَأَصْبَحَا سَيِّدَا المَوْقِفِ، فَتَمَخَّضَا عَنْ حُثَالَةٍ مِنَ الدَّرَاويِشِ، حَصَرُوا الدِّينَ فِي عِمَامَاتٍ وَأَزْيَاءٍ، وَحَرَكَاتٍ وَطُقُوسٍ، وَتَخَلُّفٍ عِلْمِيٍّ ظَاهِرٍ، وَبُعْدٍ فَرَاغِيٍ فَاحِشٍ.
لَقَدْ أَوْرَثَهُم سُلُوكهُم ذلك بُعْدًا مِنَ اللهِ العَلِيمِ، رَبِّ العِلْمِ وَالعُلَمَاءِ، فَسَلَّطَ عَلَيْهِم مِنْ كُلِّ شَيْءٍ عَلَّهُم يَتَفَكَّرُونَ، وَيَعُودُونَ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ:
“وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلْأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ”.
وَلَكِنَّهُم ءَاثَرُوا عِبَادَةِ غَيْرِ اللهِ تَعَالَى، بِأَنْ يَنْحَطُّوا فِي المَعَارِفِ وَالسُلُوكِيَّاتِ، وَكُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الخَيْرِ.
وَمِن هُنَا؛ وَمَعَ تَخَلُّفِ وَتَبَاطُؤِ البَشَرِيَّةِ كَانَ بُرْهَانُ رِسَالاَتِهِم يَأْتِيهِم عَلَى قَدْْرِ مَا وَصَلُوا إِلَيْهِ، فَمِن غَيْرِ المَعْقُولِ أَنْ تُحَدِّثَ مَنْ لاَ يَعْرِفُ التِّلَاوَةَ وَالخَطَّ فِي قَوَاعِدِ الفِيِزْيَاءِ وَالكِيِمْيَاءِ . . الخ. وَمِنْ ثَمَّ فَقَدْ كَانَت مُعْجِزَاتِ الرُّسُلِ السَّابِقِين تَأتِي حِسِّيَّةً، وَقْتِيَّةً، كَبَيِّنَةٍ وَبُرْهَانٍ مِنَ اللهِ عَلَى نِسْبَةِ الرِّسَالاَتِ إِلَيْهِ، لِيُؤْمِنَ النَّاسُ عَنْ بَيِّنَةٍ، وَيَهْلَكَ مَنْ يَهْلَكَ مِنْهُم عَنْ بَيِّنَةٍ، فَهُوَ خَالِقُهُم الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، لاَ يَتَدَخَّلُ فِي اخْتِيَارَاتِهِم، وَلَكِنَّهُ يُصَلِّي عَلَيْهِم هُوَ وَمَلاَئِكَتَهُ لِيُخْرِجَهُم مِنَ الظُلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِفَضْلِهِ وَمَنِّهِ وَكَرَمِهِ وَرَحْمَتِهِ. وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ بِرَغْمِ البَيِّنَاتِ المُصَاحِبَةِ لِلرِّسَالاَتِ. وَمِنْ ثَمَّ فَتَبْدَأُ رِحْلَةُ “الدَّرَجَةِ الأُولَى” مِنْ دَرَجَاتِ السُّلُمِ الارْتِقَائِيِّ بِإِصْلاَحِ نُفُوسِهِم أَوَّلاً، تَمْهِيدًا لاِرْتِقَاء الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ الخَاصَّةِ بِالارْتِقَاءِ المَعْرِفِيِّ.
لَقَدْ كَانَت أُمَّةُ بَنِي إِسْرَائِيل عَلاَمَةً فَارِقَةً بَيْنَ الأُمَمِ، فَهِيَ كَانَت الفَاصِلَ بَيْنَ مَنْ سَبَقُوا وَأُهْلِكُوا بِذُنُوبِهِم، وَبَيْنَ مَنْ سَتَنْتَهِي الدُّنْيَا عَلَيْهِم، وَلِذَا فَقَدْ أَعْطَاهَا اللهُ تَعَالَى مَالَمْ يُعْطِهِ لِمَنْ سَبَقَ مِنَ الأُمَمِ، وَذَلِكَ بِأَنْ رَزَقَهَا عُنْصُرَ الاسْتِقْرَارِ، وَفُرْصَةَ الحُصُولِ عَلَى العِلْمِ، إِذْ هُمْ بَنُو إِسْرَائِيِل، وَإِسْرَائِيلُ هُوَ مِنْ قِمَمِ العِلْمِ فِي وَقْتِهِ، فَقَدْ تَوَسَّعَ عِلْمَهُ حَتَّى أَنَّهُ حَرََّمَ مِنَ الطَّعَامِ ـ عَلَي نَفْسِهِ ـ مَا تَبَيَّنَ لَهُ بِعِلْمِهِ عَدَم صَلاَحِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأتِيَ التَّحْرِيمُ بِالتَّوْرَاةِ:
“*كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِلًّۭا لِّبَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَٰٓءِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِۦ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوْرَىٰةُ ۗ…“ 93 ءَال عِمْرَان.
وَحَتَّى اسْم “إِسْرَائِيل” فِيهِ الإِشَارَةُ لِلارْتِقَاءِ فِي “إِسْرَاءِ”، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ بَنِيهِ فَسَدُوا وُضَلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ، وَتَقَاعَسُوا عُنْ الاسْتِمْرَارِ فِي الارْتِقَاءِ، فَتَدَارَكُوا وَتَوَرَّكُوا عَلَى الإِدْرَاكِ المُبَسَّطِ القَائِم عَلَى الحَوَاسِّ الوَسِيطَةِ وَالبَسِيطَةِ، فَأَرَادُوا أَنْ يَرَوا اللهَ جَهْرَةً بِرَغْمِ كُلِّ مَا رَأَوْهُ مِنْ مُعْجِزَاتٍ حَسِّيَّةٍ، . . وَهَكَذَا. وَمِنْ هُنَا أَصْبَحَ الارْتِقَاءُ السُّلُوكِيُّ الَّذِي يُمَثِّل الدَّرَجَة الأُولَى مِنْ دَرَجَاتِ الارْتِقَاءِ الإِنْسَانِيِّ عَلَى سُلّم مَعْرِفَةِ الرَّبِّ تَعَالَى، وَمَا يَتَّبِعهُ مِنْ ارْتِقَاءٍ عِلْمِّيٍّ مَعْرِفِيٍّ؛ مَحْصُور فِي السُّلُوكِ الفَرْدِيِّ الصَّادِرِ مِنْ القِلَّةِ مِنْهُم، وَمِن هُنَا جَاءَت الأَيَاتُ تُوَضِّحُ هَذِهِ الحَقِيقَةِ؛ فَيَقُولُ تَعَالَى:
“وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَـٰقَ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا ٱللَّهَ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَانًۭا وَذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَـٰمَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينِ وَقُولُوا۟ لِلنَّاسِ حُسْنًۭا وَأَقِيمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًۭا مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ“ 83 البقرة. وَكَذَلِكَ: 2/246، 5/13
لَقَدْ تَحَوَّلَ بَنُو إِسْرَائِيل إِلَى مَجْمُوعَةٍ عَلَى القِمَّةِ مِنَ الكَهَنَةِ وَالأَحْبَارِ بَدَّلُوا الدِّيِنَ وَجَعَلُوهُ شَعَائِرًا وَطُقُوسًا وَدَرْوَشَةً، وَيَالَيْتَهَا كَانَتْ صَحِيحَةً، بَلْ كَانَتْ جُلَّهَا مُبَدَّلَةً، فَأَنْشَأوُا عِجْلاً ءَاخَرَ يُضَاهِئُونَ بِهِ عِجْلَ السَّامِرِيِّ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ هَذِهِ المَرَّةِ، وَتَبِعَهُم القَطِيعُ الَّذِي سَارَ وَرَاءَهُم يُضَاهِئُونَ بِفِعْلِهِم عَبَدَةَ العِجْلِ، وَبَقِيَت خَلْفَهُم قِلَّةٌ قَلِيلَةٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ الحَقِّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل مِمَّنْ ءَاتَاهُمُ اللهُ تَعَالَى الكِتَابَ، فَعَلِمُوا مَا فِيهِ، وَتَمَسَّكُوُا بِهِ، وَعَرِفُوا أَنَّ أَحْكَامَ كِتَابِ مُوسَى الحَقِيقِيَّةَ سَتُرَقِّيِهِم سُلُوكِيًّا، وَأَنَّ العِلْمَ وَالمَعْرِفَةَ هُمَا طَريِقُ الارْتِقَاءِ الفِكْرِيِّ وَالعَقْلِيِّ لِمَعْرِفَةِ خَالِقَهُم، وَظَلُّوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى جَآءَ عِيسَى بِرسَالَتِهِ فَكَانُوا هُم أَقْرَبُ النَّاسِ لِتَثْمِين المُعْجِزَاتِ الحَسِّيَّةِ الَّتِي أَتَى بِهَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَم. فَأَتْبَاعُ عِيسَى هُمٍْ إِذًا الَّذِينَ ارْتَقَوْا سُلُوكِيًّا، وَعِلْمِيًّا، حَتَّى صَارُوا أَقْدَرَ مِنْ قُسَاةِ القُلُوبِ مِنَ اليَهُودِ وَمَنْ جَآءَ بَعْدَهُم مِنَ النَّصَارَى عَلَى فَهْم القِيمَةِ الحَقِيقِيَّةِ لإِحْيَاءِ مَوَاتِ الخَلِيَّةِ، وَإِحْيَاءِ مَوَاتِ العَصَبِ، وَإِحْيَاءِ المَيِّتِ بِالكَامِلِ. وَلِذَا فَعِنْدَمَا قَالَ تَعَالَى: ”إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يَـٰعِيسَىٰٓ إِنِّى مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ ۖ. .” 55 ءَالَ عِمْرَان، لَمْ يَجِد التُّرَاثِيُّونَ حَلاًّ فِي تُرَاثِهِم لِجُزْئِيَّةِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى سَيَجْعَلُ أَتْبَاعَ عِيسَى فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ؛ فَاضْطَرَبُوا وَاخْتَلَفُوا كَعَادَتِهِم. وَلَكِنَّ المُؤْمِنَ بِالكِتَابِ وَحْدَهُ يَعْرِفُ أُنَّ أَتْبَاعَهُ هُمْ طَائِفَةٌ مِنَ البَاحِثِينَ مِنَ العُلَمَاءِ الكَوْنِيَّينَ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، جَعَلُوا مِنْ الحَقِّ هَدَفًا، وَمِنَ العِلْمِ الكَوْنِيِّ سُلُّمًا، وَالَّذِينَ كَانُوا سَيُؤْمِنُونَ بِعِيسَى وَيَتَّبِعُونَهُ لَوْ عَايَنُوا مُعْجِزَتَهُ الحَسِّيَّةُ العِلْمِيَّةُ، وَدَرَسُوا الكِتَابَ الحَقَّ الَّذِي جَآءَ بِهِ فِي أَيِّ زَمَانٍ يَجْمَعُهُم بِهِ. وَتَفَوُّقِهِم عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ظَاهِرٌ لِلعَيَانِ، وَسَيَظَلُّ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ تَقُوُم السَّاعَة. بَلْ سَيَظَلُّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَالَةً عَلَيْهِم فِي كُلِّ شَيْءٍ بِدَعْوَى أَنَّ اللهَ سَخَّرَهُم لَهُم!!
“. . وَلَوْ ءَامَنَ أَهْلُ ٱلْكِتَـٰبِ لَكَانَ خَيْرًۭا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ“ 110 ءَالَ عِمْرَان.
. . مِنْ هُنَا؛ وَمِنْ مُنْطَلَقِ العِلْم وَالتَّرَقِّي؛ جَآءَ القُرْءَانُ كَبَدِيلٍ أَفْضَلُ لِلمُعْجِزَاتِ الحَسِّيَّةِ، وَكَأَيَاتٍ تُوَافِقُ أَهْلَ العِلْمِ الَّذِينَ سَيَرْتَفِعُ سَقْفُهُم المَعْرِفِيِّ مَعَ مُرُورِ القُرُونِ وَالسِّنِين، وَتُسَاهِمُ فِي تَسْريع رُقِيِّ البَشَرِيِّةِ وَفِي تَوْجِيهِ سَعْيِهَا الحَثِيثِ نَحْوَ المَعْرِفَةِ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ تَطَوَّرَت وَسَائِلَ الإِدْرَاكِ، وَمَنَاهِجَ البَحْثِ وَالتَّحْلِيلِ.
وَهُنَا فِي هَذَا المَوْقِعِ سَنُحَاوِلُ تَدَبُّر القُرْءَان، وَإِظْهَار مَا يُمْكِنُ لَنَا مِنْ كُنُوزِهِ. وَنَسْألُ اللهَ التَّوْفِيق؛
الاستاذ الكريم ايهاب تحية طيبة وتقديرى الخاص لك ولمجهودك الكبير فى الزود عن كتاب الله وتصحيح كثيرا من المغالاطات المنسوبة الى الاسلام جهلا وافتراء اعانك الله على هذا المجهود وجعله فى ميزان اعمالك وعفا عنك فيما اخطأت فيه وهو قليل وان كنت على يقين انك ستصل يوما الى تصحيحه بحنفك الدائم وسعة عقلك الكبير وجهدك الوفير واطلاعاتك الواسعة على كل مايعينك على فهم كتاب الله وفقك الله وجعلنا ممن ينتفع من علمك وينفع به الناس مع تحياتى وتقديرى لشخصكم الكريم
مرحبًا أستاذ أحمد علي
سعيد بمرورك، وكُنت أتمنى لَوّ أشرت وَلَوّ مُجَرَد إشارة إلي ما أخذته عليّ مِن أخطأ.
دُمت بخير
حلووووو ….لاني قرات النصف …..والباقي بعدين …..ثنكيووووو