أَخۡطَآءُ شحرور ﭐلۡكَثِيرَةُ جِدًّا فِى كِتَــٰبِهِ عَنۡ ءَادَمَ

برغم أنّ مُقَدِّمة كتاب شحرور عن “ءَادَم” عليه السَّلام لم تتجاوز الأربع صفحات إلا أنها احتوت علي كمٍّ من الأخطاء لا يُسْتَهان به، ومن ذلك:

أولاً: تسميّة القرءان:

يفترض الأستاذ شحرور أن تسميّة القرءان هي من الفعل “قرن”، ويُدَلل علي ذلك بقوله: “. . لفظ القرآن جاء من فعل: قَرَن، ونرى أنه قَرَنَ أحداث التاريخ من إمام مبين مع أحداث الكون فى لوح محفوظ”.

1 ـ وهو كلام مُجانب للصواب، إذ إنه افتراض قائم علي تجاهل الهمز في كلمة “قرءان” كما لو أنه غير موجود، بينما الهمز هنا من صلب الكلمة.

وقد جاءت مشتقات قرن بالقرءان كالتالي:قرين/قَرنٍ/قرون/مقرنين/قرنين/قُرناء/مُقرنين/مُقترنين.

وكلمة: “قرن” ـ كما نُطالِعُ هُنا ـ لا علاقة لها بالهمز من قريب أو بعيد، وليست كلمة “قرءان” من مشتقاتها. فإذا ما علمنا ذلك فلنعلم أيضًا أنّ القول بعدم الهمز ـ بناءً علي اختيار الجذر “قرن” ـ مُخالف لقواعد الاشتقاق، ولموارد اللغة، وكاف للحكم ببطلان هذا الاختيار.

2 ـ أما القول بأن القرن أساس التوجه إليه، وارتضائه، مبنيّ علي أن “القرن” واقع ما بين أحداث الكون وأحداث التاريخ فهو تحجيم عصريّ للقرءان؛ فالتاريخ هو كل ما سلف ومضى، والكلام كان يكون لهُ بَعض القبول (كوجهةِ نَظرٍ ضَعيفة ومَرجوحة) لو أن هذا هو الاقتران الوحيد الموجود بالقرءان، ولكن الناظر بعين التدبر للقرءان يجد أن الاقترانات كثيرة جدًا فيه، فهناك اقتران بالحاضر (الّذي بين يديه) وهو ليس بتاريخ، واقتران بالمُستقبل وهو ليس بتاريخ، وبما بعد انتهاء الدُنيا وهو ليس بتاريخ، واقتران للأحكام بالحِكمة، وبالبُرهانِ، وبالفُرقان، . . الخ.

3 ـ ثُمَّ إنّ كتابة اسم القرءان هكذا: “القرآن”، بألف ممدودة يجعل النطق بها كالأتي: “القراان” بغير همز، وهو ما لا يستقيم ولا يستطيع الأستاذ شحرور النطق به أمام الغير، فلِمَ يخطّ ما لا ينطق، وينطق ما لا يخطّ؟!

4 ـ أمَّا قول الدكتور بالهامش:

“انظر: تفسير فخر الرازي، الآية 185 من سورة البقرة، حيث أورد أن كثيرًا من الدارسين أقروا بأن القرآن جاء من فعل (قرن)”.

فعليه جُملة مُلاحظات، أولها أنه قول مُرسل، لا قيمة له من الناحية العلمية، والفخر الرازي يقول كما يشاء، وهو كنقل الروايات مبنىٌّ علي الظنّ.

وثاني ذلك أن الأدلة العلميّة لا تُورد هكذا، فقد يكون الرأي شاذًّا وصحيح. فالعبرة ليست بالكثير والقليل، فضلاً عن أنه لم يقل بالأكثريّة بل بالكثير، وبينهما فرق؛ فالكثير قد يكون هو الأقليّة.

وثالث ذلك أن الرأي المنقول متوقف عند ما يزيد علي الألف عام.

ورابع ذلك أن هؤلاء الكثير الّذين هم بالحقيقة الأقل يُوَّجه إليهم نفس المؤاخذات التي تمّ توجيهها سلفًا.

وخامس ذلك أن هناك من ردّ هذا التوجه بما ثبت من قواعد الاشتقاق، فهو الأولي أن يُسْمَع، وتناقش حُجّته، لا الكلام الّذي لم يُرِد حجةً ولو من قطمير. يقول الدكتور صبحي الصالح (1) في أول كتابه: مباحث في علوم القرآن:

“الفصل الأول: أسماء القرآن وموارد اشتقاقها: لقد ذهب العلماء في لفظ: القرآن، مذاهب، فهو عند بعضهم مهموز وعند بعضهم الآخر غير مهموز”.

ثم يقول بعدها بسطور:

والقول بعدم الهمز في هذ الآراء الثلاثة كاف للحكم ببعدها عن قواعد الاشتقاق وموارد اللغة. وممن رأى أن لفظ القرآن مهموز: الزجاج واللحياني وجماعة”.

5 ـ ثُمَّ إنَّ قول شحرور:

“. . ونرى أنه قَرَنَ أحداث التاريخ من إمام مبين مع أحداث الكون فى لوح محفوظ”

فيه افتراء عَظيم لا يستطيع الأستاذ شحرور أن يُثْبت مِنهُ شيئًا، والمؤمنُ وَقَّافٌ عِندَ ما يقولهُ رَبّه مِن غَيب. واللوح المَحفوظ لَم يأتِ إلاَّ مَرَّةً واحِدةً بسورةِ البروجِ كالتالي: ” بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22)”. فِمن أينَ للأستاذ شحرور قَولِهِ هَذَا مِن كِتابِ الله؟!

هَل أطْلَعَهُ اللهُ علي اللوح المَحفوظِ فَوَجَدَ فيهِ مِثلُ ذَلِكَ؟!

أمَّا الإمام المُبين فَقَدْ جاء ذكره بالقرءان مَرَّتيّن، ما يَتَبَيَّنَ مِنهُ أنَّهُ فيه أعمال الناس وما قدّموا وءاثارهم، تصديقًا لقول الله تعالي بسورة يس:

“إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ”.

وسورة الحِجر:

“وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ * فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ”.

6 ـ والقول بقرن أحداث التاريخ مع أحداث الكون، فيهِ أيضًا جملة من الأخطاء الأقلّ شأنًا: فأول ذلك الخلط والتَعويم الحادث في مقولة “أحداث الكون”؛ إذ ما هي أحداث الكون تِلك؟! . . . إن كان المقصود بها ما مضي مِن خَلقِ السماواتِ والأرض وغيرهم، فسيكون ذَلِكَ جزءًا من التاريخ فكيف يقترن الشيء بنفسه؟!

وإن كان المقصود بها المُعاصِر من الأحداث الكونيّة كالأمطار والأعاصير، والزلازل، وانفجار البراكين، وسقوط النيازك، واقتراب المُذنبات، . . الخ، فكيف سيقرن القرءان بين الأحداث المُعاصِرة وبين التاريخ؟!

7 ـ وأخيرًا فإنّ القول بأنّ تسّمية القرءان من المصدر “قرء” بمعنى توضيح مكنون ستُفي بالغرض، حيث تمّ صياغة الحقائق الكونيّة بلسانٍّ عربيٍّ مُبين، ليظلّ القرءان في حالة إعلان لما يتمّ وسيتمّ كشفه، ويظلّ تصديقه للّذي بين يديه مُستَّمر حتى قيام الساعة. وبذلك فإن الحقائق العلميّة المدمجة في متنه ستتطابق مع كل ما يَثْبُت عن طريق العلم.

ثُمَّ يَفْتَرِضُ الأُسْتَاذُ شَحْرُور أَنَّ هُنَاكَ عَمَلِيَّةً حَدَثَت فِى المَاضِى السَحِيِقِ، سَمَّاهَا بِـ: “الأنسنة”، وَفِيهَا تَمَّ انْتِقَالُ البَشَرِ إلَي الإنْسَان بِنَفْخِ الرُّوحِ. فيقول:

“عملية الأَنْسَنة، وهي انتقال البشر إلى إنسان بعملية نفخة الروح وهو ما ورد في قصّة آدم وظهور مفهوم الخير والشر”.

وَهَذَا كَلَامٌ غَيْرُ صَحِيحٍ بالمَرَّة مِنْ وُجُوهٍ، وَمُنَاقِضٌ لكلام الله الَّذِي يُبَيِّن أَنَّ الإنسانَ هُوَ الَّذي يَرْتَقِي فَيَصِيرُ بَشَرًا!!

وَلَوّ تَرَوَّى الأستاذ شحرور لكَتَبَ أدقّ بكثير مِمَّا يكتب الأن، فَهُوَ رائد في الدَعْوَةِ إِلَى التَحَرّر مِن رِبقةِ التَقليدِ، وَلَكِن أُذَكّرهُ وَنَفسي بالحَذَر؛ فالكِتابة أمانة، وأقَلَّ مسئوليَّاتِها أنَّ الكاتِب يُوهِم غَيرَهُ بأنَّه دَرَسَ الموضوع مِن كُلِّ نواحِيهِ، وَهُوَ غيرُ حادِثٍ هُنا تَمَامًا، بَل لا أُبالِغ إذَا ما قُلتُ بأنَّ كلام الأستاذ شحرور هُنا لَيسَ بناتجٍ لدِراسة عَلَى الإطلاق (بالتَعْريِفِ الصحيح للدِرَاسَةِ)، ولنطالِع لِنَعْرِف:

.الإنس، والإنسان:

جَآءت كلمة: “الإنسان” بالقرءان ثمانية وخمسين مرة (58)، بستة وخمسين ءاية. وجَآءت كلمة “إنسان” مرة واحدة.

ولم تأتِ لفظة الإنسان بكل مواردها ـ ولو لمرة واحدة ـ في موارد المدح. بعكس كَلِمَةِ “البشر”!!

فَقَدْ جَآءَت كَلِمَةُ “البشر” مُنَكَّرة “بشر” ستة عشرة مرة (16)، وأربعة مرات مضافة، بلفظ “لبشر”، وثلاث مرات مُضافة، بلفظ “للبشر”، وتسعة مرات “بشرا”، ومرة بلفظ “لبشرين”، ومرة بلفظ “أَبَشَر”، ومُعَرَّفة مرتان. فالإجمالي ست وثلاثين مرة (36). لم ترد ولا لمرة واحدة في مورد الذَمّ كما هو الحال مع لفظة “الإنسان”.

ثم إن لفظة الـ “إنس” جاءت ثلاث مرات بلفظ “إنس”، وخمسة مُعَرَّفة، وتسع بلفظ “والإنس”، وبلفظ “أنسيا” مرة واحدة. وست مرات بلفظ “والإنس”. ومن ثَمَ فإن البشر المُهْتَم بدراسة ءايات الكتاب لابد له من دراسة هذه الظاهرة ليتعلم من كتاب ربه، وليعلم منه بعض المراد من ألفاظه.

.الإنس:

الإِنْسُ هُمُ الجِنْسُ المَخْلُوقُ كُلُّهُ بِلَا اسْتِثنَآءٍ. يقول تعالي:

قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)الإسراء.

فالخطاب وموضوع التحدي شامل لكل مخلوق من جنس الإنس، كما هو لجنس الجنّ دون تصنيفه بحسب عمله. ومثله تمامًا قوله تعالي بسورة الرحمن:

يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33)“.

فالتحدي يشمل أيضًا كل مخلوق من جنس الإنس والجن. ويقول تعالي:

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)الذاريات.

لينصّ سُبْحَانَهُ علي أن كل أفراد الإنس وكل أفراد الجنّ يلزمهم هذا التوجه. وكذلك قول مريم عليها السلام ـ بسورتها ـ إنها لن تُكَلِّم إنسيًّا، ليشمل ذلك الجميع دون استثناء بغض النظر عن توجهه أو قربه:

“..فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا(26)“.

ويقول تعالي:

وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)الجن.

فجاء بـ “من” قبل: “الإنس”، للتبعيض من جنس الإنس. ونفس الشيء سنجده في بقية الأيات الوارد بها لفظة “إنس”، وعددها ثلاثة عَشر (13)، وهي مدرجة بالهامش (1).

.الإنسان:

جاء لفظ الإنسان مقرونًا بأحطِّ الصفات، وذاك أنَّهُ مُنْتَخبٌ من الإنس، حيث ستغلب عليه السمة المادّيّة، وتنعدم فيه الناحية الروحية، وفي تجسيم هذه الحقيقة يقول تعالي:

خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌالنحل.

وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوسًاالإسراء.

قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُورًا“.

وعلي نفس المنوال سنجد أن الإنسان ـ كما جاء بنصّ الأيات ـ بخلاف أنه خصيم مُبين، وقتور: كفور، كفار، يئوس، قنوط، ظلوم، عجول، أكثر شيء جدلاً، حتى أن الله تعالي يقول عنه: “قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ“.

فهل يُقال عن مثل هذا أنَّهُ الراقي مِن البَشَر؟!

لقد لَخَّصَ الله تعالي حقيقة الإنسان، وحقيقة تدنيه في مواطن كثيرة منها قوله تعالي:

وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6)التين.

فالإنسان قد تمّ تجهيزه ـ مادّيًّا ـ ليكون في أحسن تقويم (خلقة)، ولكنَّهُ هو الّذي سيختار ماذا سيكون؛ فالّذين ءامنوا ونفعهم إيمانهم في اكتساب صفة الإسلام لرب العالمين، وساروا علي خُطي الترقي هم الّذين سيتخلّصون من قيد الماديّة والانحطاط بما اكتسبوه من سمات الروح.

فالأنسنة ـ بما تعنيه من ناحية مادّيّة ـ تُمَثِّلُ ما نُسميه في أيامنا بـ “الميديا”، والروح تُمَثِّلُ ما نُسميه في أيامنا بـ “الأبديت”، فإذا ما غلبت الروحانية علي المادية، وسيطر التَرَقّى علي المَادّة صار الإنسان بشرًا، راقيًا، يبذل الماديات في سبيل تفعيل نفخ الروح الّذي أُعطيه. وبالتالي فالبشر ليس بهيميًا، ولا مُنحطًا شأن الإنسان، وقلبه مُسَيطر، وعقله مُتَمَكِّن، وبالتالي فإن خلقته ستكون قد تحسنت باختياره، تبعًا للمنهج (الروح) المُختار.

فالإنسان ـ إذًا ـ في أسفل سافلين إلا من أنقذ نفسه من هذه الإنسانية، وتَحَوَّل فصار شيئًا ءاخر، وهو البشر، وهذا يدعونا لدراسة مورد لفظ “البشر”. وقد استودعت بالهامش بعض الأيات الخاصّة بوصف الإنسان كما جاء بكتاب الله العليّ، وسنعود لتناول “الإنسان” مرة أُخري بتفصيل أعمق وأدق للتعرف علي حقيقة اللفظ كما جاء بكتاب الله، ولكن بعد الانتهاء من دراسة موارد لفظ “البشر” (2).

البشر:

أورد الله تعالي لفظ البشر في موارد كثيرة، ومن المؤكد أن دراستها ستُعَرِّفُ الدارس بالمعني المقصود للفظ، وهو ما سنقوم به هنا. وسنكتشف هنا أنَّ الأنبياء هُم من البشر، وهكذا الحال مع الصالحين عمومًا، فسنجدهم كلهم من البشر.

الأنبياء بشر: يقول تعالي عن الأنبياء:

مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79)ءال عمران.

فلماذا قال اللهُ تعالى هُنَا: “مَا كَانَ لِبَشَرٍ“، وَلَم يقل: “مَا كَانَ لإِنسَانٍ”، لَوّ أنَّ النبيين من الإنسان؟!

ولنتابع لنعرف أكثر معني لفظ “البشر”. يقول تعالي في سورة الشورى:

وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51)“.

إذًا فالأمر مُطرد، والله تعالي يُبَيِّنَ لنا أنَّ البشر هو المعنيُّ بالوحيّ لا الإنسان، ولكن الخَطأ ءافة التَسَرّع.

الرسول بشر:

يقول تعالي ءامرًا رسوله: “قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ..(110)الكهف.

فهلا قال له: قل إنما أنا إنسان مثلكم، طالَما الإنسان هُوَ الأرقى؟!

ويقول تعالي ناقِلاً قول الكُفَّار للرسولِ:

أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً الإسراء.

إذًا فالأمر مُطردٌ أيضًا، والرسول مأمور بأن يقول إنه بشرًا، وليس إنسانًا!

ولنتدارس هذه الأيات الكريمة؛ يقول تعالي:

حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6) فصلت.

فالكتاب هو تنزيلٌ من الرحمن الرحيم، وقد فُصِّلَت ءاياته، قرءانًا عربيًا، ولكن هذا التفصيل لا يفهمه الجَهَلة، وإنما يفهمه القوم الّذين يعلمون. وعندما قال لهم الرسول إنه بشير ونذير أعرض أكثرهم، وقالوا إن عقولهم أُغْلِقت، وأنّ قلوبهم في أكِنَّةٍ، وفي ءاذانهم وقرٌ.

هنا جاء الأمر الإلهي للرسول أن يقول للقوم إنه بشر مثلهم!!

استدراك: سيقول البعض: “إذا كنت تقول بأن البشر هم من تتحقق فيهم صفات السموّ فكيف سيقول الرسول لهم إنه بشرٌ مثلهم، وهم علي حالهم هذا؟!”.

والجَواب: إنَّ هذا هو أسلوب الدعوة الّذي لخَّصَه الله تعالي في قصة ذهاب رسوله موسي ونبيه هارون لعدوّ الله فرعون عندما قال لهما موجهًا إياهما:

اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)طه.

فالقول اللّيّن يستوجب أن يُعْرَض بهذه الصيغة، وهي صيغة ستُقابلنا كثيرًا عند استطلاع أحوال الرُسُل مع أقوامهم، كقوله تعالي:

وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ..(18) المائدة.

قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ..(11)إبراهيم.

وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94)الإسراء.

وسنلاحظ أيضًا أن القرءان ينقل قول الكفار والمشركين لرسلهم إنهم بشر مثلهم، مع ما هم عليه من كُفرٍ وشرك. وسيفهم دارس القرءان ـ المؤمن بهِ حقًّا ـ أنَّ قول الكفار هذا فيه ما يليق بالمُرسلين؛ فالقوم يقولون للرسل إنهم مثلهم في الخِلقة، والقرءان يصيغ كلامهم بما يليق برسله، ولنراجع:

قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10)إبراهيم.

لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3)الأنبياء.

فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24)المؤمنون.

وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33)المؤمنون.

وقول قوم صالح له:

مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآَيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (154) قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (155)الشعراء.

راجع أيضًا: الشُعراء: 186، يس: 13 ـ 15، وهُود: 26 ـ 27.

مسّ مريم المُفترض أن يكون من بشر:

عندما بُلِّغَت مريم بأنها ستحمل بكلمة الله عيسى قالت مندهشة:

. . رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ . . (47)ءال عمران.

فاستنكارها أنها لم يمسّها بشر، يتضمن أنه لو كان لها مسٌّ لكان من مُسّلم صالح مثلها، وبالتالي سيكون بشرًا، لا إنسانًا. والمسّ خاصّ بالنكاح، ولكنه غير مُتَّصِل، بخلاف الملامسة. ولذا نجدها تقول في موضع ءاخر:

قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20)مريم.

أيّ لَم يمَسسني بشرٌ (صالِح) بالنِكاح، ولَم أكن بَغيًّا فيواقعني غَيره.

تمثل روح الله بالبشر:

سنجد أيضًا أنه عندما أرسل الله تعالي روحه إلي مريم عليهما السلام قال سُبحانه إنه تمثل لها بشرًا، ولم يقل إنه تَمَثَّل إنسانًا، ولكن التَسَرّع لا يجعَل لمثل هذه الدقائق وزنًا. يقول من له وحده أعبد:

فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17)مريم.

.يوسف والنسوة والبشر:

فعندما قَصّ الله تعالي علينا قِصّة يوسف نقل قول النسوة عن يوسف عليه السلام:

فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآَتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)يوسف.

وكان المُفْتَرَض أن يقلن ـ مثلاً ـ: “حاش لله ما هذا إنسانًا، إن هذا إلا بشر كريم“. ولكن المُقارنة حدثت عندهم بين البشر والمَلَك. والسبب في علوّ هذه المُقارنة يُبَيِّنَهُ قول الله تعالي:

وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (30)يوسف.

فالنسوة عَلِمْنَ من قبل عِندَ مُقابلتهِن يوسف أنَّه بشر ذو خُلُق، حيث عرفن أنه امتنع عن تنفيذ رغبة امرأة العزيز، وأنها هي التي تراوده عن نفسه، وبالتالي فحين رأينه ورأين صلاحه الظاهر وقعت المُقارنة بينه وبين الملائكة لرغبتهن في رفعه إلي درجةٍ تَخَيَّلوا أنها أعلي من درجة البشر، وهي درجة المَلَك، حيث تنتفي الرغبة والدوافع الجِنسية علي الإطلاق.

السجود للبشر لا للإنسان:

وَعندما قصّ الله تعالي علينا الحوار الّذي دار بينه وبين الملائكة بَيَّنَ أنَّه أمرهم بالسجود للإنسان حين ينتهي إلي طور البشر. إذ إن ءادم قد سبقه حينٌ من الدهر، امتلأ بالإنسان، وهو في بدايات وأوسط الخِلقة، وهو ما عَبّرَ عنه نوح عليه السلام بقوله:

مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14)نوح.

وهذه الأطوار بينها سُبحانه بقوله:

الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ..(9)السجدة.

وثُمَّ تُفيد هنا البعد الزمنيّ بين الأطوار. ولأنّ هذه الأطوار كانت سابقة علي نفخ الروح عليه السلام في ءادم فقد كان المخلوق الأول مُتدني غير راقيٍ، يَصْدُق عليه قول الملائكة: “أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ . . (30)البقرة. حيث حكموا بخبرتهم بالطور السابق علي طور التسوية. وهذا الطور قال عنه سُبحانه:

هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1)الإنسان.

فكيف سيُذكر بينما يداه مُقيدتان لمشيه علي أربع، ولم يستوي بعد، فلا هو بالّذي أنشأ حضارة تُذْكَر، ولا كان له عمل يُسَجَّل عليه. ومن أفراد هذا الطور جاء ءادم، ووقع عليه الاختيار ليكون أول بشر، وفي ذلك قال تعالي: “إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى ءاَدَمَ . . (33)ءال عمران.

ولو كان ءادم أول مخلوق لقيل: “اصطفاه الله تعالي ممن؟”!!!

وقال تعالي: . . كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آَخَرِينَ (133) الأنعام.

وءاخرين تفيد المغايرة، وهو ما حدث فعلاً، فالشبه بين ءادم ومن سبقوه كبير، ولكنَّه صار شيئًا مُختلفًا، حتى أنَّهُ يُمكن أن يُقال إنَّهُ شيئٌ ءاخر، وبالتالي فإن أصل النشأة هو من قومٍ ءاخرين “مُختلفين”.

ولأن ءادم حدث فيه التغيير “الجيني” لتنتهي به أطوار الخلقة قال تعالي إنه “سيجعله”، ولم يقل إنه: “سيخلقه”، وبينهما بُعد شاسع، فالخلق ابتداء، والجعل انتهاء، وفي ذلك يقول تعالي:

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً . . (30)البقرة.

وهو كقوله تعالي:

وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5)الأعلى.

فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50)القلم.

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54)الفرقان.

فالجعل ـ كما هو واضح ـ هو تحويل لموجود. وذكر البشر مع الخلق يختزل الصورة بالمُحَصَّلة النهائية للخلق، وهو كقوله تعالي:

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31)الحجر.

ونلاحظ هنا أن الأمر بالسجود لم يتناول الأطوار الأولي، وإنما ارتبط بانتهاء الأطوار كلها، فترتب علي انتهاء طور التسوية ونفخ الروح. وهو كقوله تعالي:

إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74)ص.

.عودٌ للإنسان:

بعد أن علمنا من نصوص الكتاب الفرق بين الإنسان وبين البشر، وكيف أن ألفاظ القرءان محسوبة بدقة شديدة في ظلّ اللاترادف، نعود مرة أُخري للفظ الإنسان، حيث سنُلقي الضوء هنا علي استغراقه في المادة، ولذا نجد هذا الإنسان أقرب للكفر منه للإيمان، ويغلب عليه الإلحاد، وجحود نعم الله تعالي عليه، وإنكار كونه ذاهب إلي موعد الصدق يوم القيامة، فنجد أن الله تعالي يُبَيِّن تملك هذا الجحود منه؛ فيقول تعالي:

وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (9)هود.

وهو نفس ما حَدَث مع المُلْحِد المُعاصِر الدكتور عباس عبد النور، عندما ضاقت به الحياة، ودعا الله فلم يستجيب له، فانقلب عليه، وقصَّه هو بنفسه في كتابه “محنتي مع القرءان” (3). فالإنسان لغلبة المادّيّة عليه نجده سريع اليأس، كثيره، وسريع الكفر، مستغرق فيه.

ونجد أنّ ظاهرة الكفر والإلحاد مُرتبط ذكرها بالإنسان في قوله تعالي:

وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)إبراهيم.

فالإنسان من جحوده يكفر ما أجابه الله تعالي له، ولا يتذكر إلا ما سأله ولم يُجاب له. وهو ظاهر أيضًا في قوله تعالي:

وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا (67)الإسراء.

ثم يصل الأمر به إلي الإلحاد، وما ذلك إلا لتغلب المادّيّة عليه، وفي ذلك يقول ربنا سُبحانه:

وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67)مريم.

لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (50) وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ (51)فصلت.

ونلاحظ أن لفظ “الإنسان” تمّ فيه إضافة “ان” للفظ: “إنس”، فصارت الكلمة “إنسـ ان” مُشَبّعة بالوصف، وصارت المادية مُتَملكة منه، وهو مُستغرق في هذه الماديّة؛ وَلِذَا قالَ تعالي:

إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21)المعارج.

فالإنسان خُلِقَ هلوعًا، صفاته المادّيّة مُزْعِجة، ويخرج من دائرته البشر الّذين قال الله تعالي عنهم بنفس السياق مُستثنيًا إياهم:

إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (35)المعارج.

ويقول الله تعالي بسورة الفجر:

فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20) كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26)“.

فالإنسان هو الوضيع من الإنس. والبشر عكسه كما رأيت. والفرق مبنيّ على استخدام الأمانة، لا علي الخلقة. فالخلقة قد وصلت لنهاية أطوارها بالتسوية، وجاء الدور علي الروح، وَالاخْتِيَارِ، فهل سيتم تفعيل نفخ الروح اخْتِيَارًا؛ ليكون الإنسان بشرًا كما كان البشر الأول ءادم، أم سينحط وتغلب عليه إنسانيته، فيصدق عليه قول الله تعالي السابق: “فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ . . يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ . . فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَد . . “.

وعندما قال الله تعالي في سورة الحجر:

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34)“.

وضحت أمور كثيرة، مِنها أن أمر الملائكة بالسجود تقدم علي السجود، وتوَقّت السجود بانتهاء أطوار الخلقة، وزاد عليها بانتهاء نفخ الروح، ولذا قال تعالي:

فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ“. وكذلك قال إبليس: “..لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ“.

ولو تأملنا قول الله تعالي في سورة الأحزاب:

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (73)“.

لَتَبَيَّنَ لَنا أنَّ الإنسانَ الظلوم الجهول تنوّع إلي المنافقين والمنافقات، والمُشركين والمُشركات، وخرج منه المؤمنين والمؤمنات.

ولو تأملنا قول الله تعالي في سورة الأنعام:

هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (2)“.

لعلمنا أن الله قضى أجلين، فَما هما هذين الأجلين؟!

ثم إن الله تعالي قال في سورة الإنسان ـ وقوله الحق ـ: “هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1)“، ولو قال: “هل أتى علي البشر حين من الدهر لم يكن شيئًا مذكورًا”، لحدث إشكال قاصم للظهرِ؛ ولوقع التناقض بين ءايات الكتاب، ولكنه كتاب الله الّذي قال عنه إنه “أُحْكِمَتْ ءاَيَاتُهُ“، . . فتأمل!!

بَقِيَ أن نُعَلِّق علي قولِهِ تعالي عَن سَقَر: “لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ“.

فَلَوّ قُلنا بأنَّهُ الأوفَق أن يُقال “لَوَّاحَةٌ لِّلإِنْسَان” ـ باعتبارهِ المُنْحَط ـ، لَتَناقَضَ ذَلِكَ مَع العَديدِ مِن الأياتِ الَّتي تُوَضِّحُ أنَّ كُلّ النَّاس بِمَن فِيهم الصالِح والطَالِح سيُعْرَضونَ علي جَهَنّم يَومَ القِيَامةِ، وسَتَلوح لَهم، وسيردونَها، . . الخ، وَلَكِنَّهُ ورود عَرْضٍ، لا وُرُود تَعْذِيبٍ. وَمِن هَذِهِ الأيات قَولِ اللهِ تعالى بسورةِ الجاثية:

وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29) فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ (31)“.

وقَولِ اللهِ تعالى بسورةِ مَرْيَم: “وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67) فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)“.

وَنُلاحِظُ هُنا (بِخلافِ عُمومِ الوُرُود) أنَّ القول المَذموم بإنكار البَعث والعَودة جاء مَنْسوبًا للإنسان لا البَشَر.

وبالتالي نَفْهَم أنَّ قولُهُ تعالي: “لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ“، تَتَوافق مَع قولِهِ تعالي: “وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا“، ونَفْهَم أن التَقِيّ لَهُ في جَهَنَّم مَنزلَتين، والظَالِم لَهُ أيضًا في جَهَنَّم مَنزلَتين. فَأمَّا التَقِيّ فَلَهُ فيها مَنْزِلة العِلم (عِلم اليَقين)، وَمَنْزِلة العَيْنِ (عَين اليَقين)، ثُمَّ نَجَّاهُ اللهُ تعالي مِنها فَلَم تَتَحَقَّق المَنْزِلة الثالِثة وَهيَ مَنْزِلة “حَقّ اليَقين”، أمَّا الظالِم فَقَدْ حَرَمَ نَفسَهُ مِن مَنْزلة عِلم اليَقين، وَكَذَّبَ بجَهَنَّم فاستحَقَّ دُخُولِها فَاجْتَمَعَ لَهُ مَنْزلَتَيِّ عَين اليَقين، وحَقّ اليَقين. فاشْتَرَكَ كُلّ مِن التَقِيّ والظَالِم في الورودِ لِجَهَنّم، وَفى كونِها ستلوح لَهُم، واختَلفا في المَنزلِة الثالثة والحمدُ لله، نسأل الله تعالي أن يُنَجّينا مِنها.

أيضًا نَفْهَم أنَّهُ عِنْدَمَا يَجْتَمِع كُلّ مِن الصالِح والطالِح فَإنَّ التَسمية الصحيحة هِيَ البَشَر لا الإنسان، كَما في قَولِهِ تعالي:

وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ“.

ونَفْهَم مِن قولِهِ تعالي:

مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ“.

أن إيراد لَفظ “البَشَر” مَع إيتاء اللهِ تعالي لَهُ الكِتاب والحُكم والنُبُوّة أوفق مِن إيراد لَفظ الإنسان. وَهُوَ كَقولِهِ تعالي:

وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ“.

ولعل ما سبق يكفي لبيان أن موارد الإنسان مختلفة عَن موارد البشر، وأنَّ البشر هو الإنسان الّذي استطاع قهر الأنسنة التي تَشدّه إلي أسفل سافلين، وذلك بالإيمان وعمل الصالحات. وبالتالي فإن الأنبياء والرسل يُقال عنهم ـ بعلم ـ أنهم من البشر، ويقال عنهم أيضًا ـ بجهل ـ إنهم من الإنسان. والفرق بينهما من الشساعة بمكانٍ كَمَا رأينا .

ثُمَّ يقول الأستاذ شَحرور ص: 15:

“ظهرت الصلاة مثلاً لأول مرة عند إبراهيم (ع) واختلفت حسب المِلل المختلفة”.

ولا أدري مِن أين لَهُ مِثل هَذِهِ الجراءة الَّتي سَمَحَت لَهُ أن يَقول في كِتابِ اللهِ مَا لَيْسَ بِحَقٍّ، وَلَيسَ بِنَصٍّ، وَيَنْزع صِفة المُصَلّين عَن “ءادم، وَعَن ذُرِّيَة ءادم، وَعَن نُوحٍ، وعَن المُؤمنين مَع نُوح”، بِعَكسِ ما قالَهُ اللهُ تعالي عَنهُم، وَنَصَّ عَلَيِّهِ في كِتابِهِ؟!

لِماذَا لا يَتَأنَّى الأستاذ شَحرور، ويَدرس الكِتابَ جَيِّدًا قَبل أن يُدلي بِمثلِ هَذِهِ التَصريحاتِ الغَلَط، والخَطيرة بِنَفسِ الوَقتِ، عَليهِ وَعلي مَن سيقولُ بِها بعد (تَقْليدًا)؟!!

.ألَم يَقرأ الدُكتور شَحرور قول اللهِ تعالي:

“أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)” مريم.

ألا تَكفي هَذِهِ الأية وَحدها في وَقف مِثلِ هَذَا الخَوض في الكِتاب دون تَهَيّبٍ أو عِلم؟!

ألَم يَفْهَم الأستاذ شحرور مِن الأية ـ كَما يَفْهَمُ مِنْها العابِر ـ أنَّ الحفاظ علي الصلاة كان حادِثًا ووَاقِعًا في ذريّةِ ءادم، ومَن كانوا مَع نُوح، إلي ذُرِّيةِ إسْرَائِيل، ثُمَّ خَلَفَ اللهُ مِن بَعْدِهِم خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَة؟!!!

ثُمَّ؛ ألَم يَقرأ الأستاذ شحرور في أوَّل الكِتابِ أنَّ المُتَّقِين هُم الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقَهُمْ اللهُ يُنفِقُونَ؟!

وَألَمْ يَقْرَأ في نِهايةِ الكِتابِ أنَّ دِينَ القَيِّمَةِ هُوَ أن يَعْبُد الْناسُ رَبَّهُم مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ؟!!

ألَم يَذْكر الله تعالي صِفات المؤمنين فقال ـ مَثَلاً ـ:

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)” الأنفال.

ثُمَّ ألَم يَقُل الله تعالي لموسى: “فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي”؟!

مَن نَبَّأَ الدكتور بِمِثل هَذَا لِيَتَفَوَّهَ بِهِ؟!!!

ثُمَّ ألَم يَقرأ الأستاذ شحرور قولُهُ تعالي:

“وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)” التوبة.

الَّذي يُبَيِّنُ أنَّ المؤمنين وَالمُؤمِنات مِن أوَّل الدُنيا إلي نِهايتِها يأمرون بالمعروفِ ويَنهَون عن المُنْكَر وَيُقِيمون الصَلاَةَ وَيُؤتُونَ الزَكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُوله، ومثواهُم جَنَّات عَدْن؟!!

.ويقول الأستاذ شَحرور ص: 33:

“ومن العجيب أن التنزيل حاول أن يصحح حالة عدم الاكتراث التى طبعت موقف العرب تجاه الديانات الكتابية”!!!

وَهُوَ خَطَأ لَيسَ بِالهَيِّن، إذ المَعروف جَيِّدًا لأي وافِدٍ علي القُرءان (فَضْلاً عَن الدَارس) أنَّ العَرَب لَم يكونوا مُخَاطبين بالرسالات السابِقة لِكَيّ يَكْتَرِثوا بِها مِن عَدَمِه، وَإلاَّ فَليقل لي حَضرتُهُ أين هُوَ مِن قول اللهِ تعالي: “وَمَا آَتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44)” سبأ.

هَل يُريد الأستاذ شَحرور مِمَّن سماهم بالعَرَب أن يكتَرِثوا بِكُتبٍ لَم يُؤتَوهَا أصلاً، وَإلاَّ فَإنَّ الأمر قَدْ احتاج ـ بزَعْمِهِ ـ إلي إنهاء حالةِ عَدَم الاكْتراثِ هَذِهِ؟!

ماذا يُريد الدكتور أوضَح مِن ذَلِك حتى لا يُضِيف لأفكار مَن يَثِقُونَ بِهِ مِثْلَ هَذِهِ الأخطاء الَّتي تأتي بعكس القرءان علي خَطٍّ مُسْتَقيم.

وأينَ هُوَ مِن قول اللهِ تعالى: “. . لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46)” القصص.

وأينَ هُوَ مِن قول اللهِ تعالى: “. . لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (3)” السجدة.

وأينَ هُوَ مِن قول اللهِ تعالى عَن عيسى عليهِ السلام: “وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ . . (49)” ءال عمران.

وأينَ هُوَ مِن قول اللهِ تعالى: “وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ . . (6)” الصف.

فهل تَعني “إِلَيْكُمْ” عِنْدَهُ شَيئًا؟!

وَهَل كان عِيسى رسول إلي غير بَني إسْرَائيل؟!

وأينَ هُوَ مِن قول اللهِ تعالى: “وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (53)” غافر.

أفلا تَنصّ الأية علي اختصاص بني إسرَائيل بورثِ الكِتاب؟!

ألَم يَقُل الله تعالي للرسول: “. .مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ (52)” الشورى، الَّذي يَنصّ علي أنَّ الرسول نَفسَهُ لَم يكن يدري شَيئًا عَن هَذِهِ الكُتُب السابقة، ما يدلّ علي وُجود حائلٍ جُغرافيّ أو لِسانيّ، بِحَيثُ تَنتفي فِكرة عَدم الاكتراثِ هَذِهِ؟!!

لَن أستَطرِد، فأية واحدةٍ كَقولِهِ تعالي: “وَمَا آَتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ”، كانت لِتَكفي، لَو التزم الأستاذ شَحرور بالنصوص، بَدَلاً مِن الإضافِةِ مِن عِندياتِهِ.

.ثُمَّ يَبني الأستاذ شَحرور عَلي ما سَلَف ما هُوَ أغرب وأكْثَر خطأ مِنهُ فيقول مُكَمِّلاً؛ “وَلِذَلِك ..”:

“ومن العجيب أن التنزيل حاول أن يصحح حالة عدم الاكتراث التى طبعت موقف العرب تجاه الديانات الكتابية وحاول أن يملأ الفراغ المعرفي باسترجاع نقدي للموروث الكتابي. ولذلك نجده، أي التنزيل، يعج بالسجالات المعرفية مع أهل الكتاب حيث يستخدم في حديثه عنهم وحواره المباشر معهم خطابًا من نوع آخر يختلف عن الخطاب الذي كان يستخدمه مع أبي جهل وأبي لهب. لذلك جاءت مستويات بنية الخطاب على غير نمط واحد وذلك لأنه كان هنالك اختلاف في المستوي المعرفي عند المتلقين من عرب كتابيين وعرب غير كتابيين”.

فما هِيَ العِلاقة بَينَ ما قَبل “لذلك”، وما بَعْدَها؟!!

ثُمَّ نأتي لِما بَعْدَها؛ فَنَجِد أنَّ الأستاذ شَحرور يُرْجِع الاختلاف بَين نَوعِيِّةِ الخِطابِ القُرْءَاني مَع أهل الكِتاب، وَبَينَهُ مَع الكُفَّار إلي الاخْتِلاَفِ في المستوي المَعْرفي عند المتلقين من عَرَبٍ كِتَابيين وَعَرَبٍ غَيْر كِتَابيين!!!

تخيلوا . . . الله تعالي يقول لأبي لَهَب: “تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ”، لأنَّ سَقفهَ المَعْرفي قليل، وَيَقولُ لأهل الكِتاب: “قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ . .”، لأنَّ سَقفهُم المَعْرفي مُرْتَفِع!!

الأغرَب مِمَّا سَبَق هُوَ أنَّ الأستاذ شَحرور يَعتَبِر أنَّ قول اللهِ تعالي: “تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ”، هُوَ خِطاب لأبي لَهَب، وأيضًا هُناك خِطاب لأبي جَهل، وهُناكَ عَرَب كِتَابيين وَعَرَبٍ غَيْر كِتَابيين؟!

اللهُ المُسْتَعان عَلي ما يَقُولون.

إنَّ مُسْتَوى هَذِهِ الكِتابات أَقَلّ بكثيرٍ مِن المُنْتَظَر مِن الأستاذ شَحرور، أو أي مُشتَغل بِتَدَبّر كِتابِ الله، وَقَد يجوزُ مِثل هَذَا التَهَوّر في تناولِ كِتابِ اللهِ مِن مُبْتَديء لا يَعْلَم عاقِبة الأمُور، ولِذَا فَإنَّني أعْتَقِد أنّ الأستاذ سَيَقومُ بالتراجُع، حالَما وَصَلَتهُ هَذِهِ الأيات، وَهُوَ ما أنتظِرُهُ مِنهُ لِما سَمِعْتَهُ عَنهُ مِن شجاعةٍ أدبيّةٍ، وَحُسن خُلُق.

وَلِلْحَديثِ بَقِيِّة.

تحرر ونُشر فى 30 يوليو، 2014 الساعة 13:29

رابط المقال القديم – اضغط للانتقال

الهامِش:ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ـ صبحي الصالح هو رئيس المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى بلبنان، وأحد علماء الدين السنة البارزين، ولد سنة 1925، واغتيل في 7 أكتوبر 1986.

1 ـ الأنعام/ 112، 128،130. الأعراف: 38، 179. النمل: 17. فُصِّلَت: 25، 29. الأحقاف: 18. الرحمن: 39، 56، 74. الجِنّ: 5.

2 ـ “يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28)النساء.

وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12)” يونس.

وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11)الإسراء.

وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54)الكهف.

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)الأحزاب.

أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77)يس.

وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8)” الزمر.

فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ . . (49)الزمر.

..وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ (48)” الشورى.

. . إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (15)الزخرف.

3 ـ وقد أكرمني الله تعالي بكتابة ردٍّ عليه، اسمه: “الردّ علي المُلْحِد الكفور عباس عبد النور”، بينت فيه فساد كل شُبهاته، وهو في طور الانتهاء.

4 ـ وهذا ليس بمطرد في القرءان، وإنما يُسْتَشَفُ من السياق والتدبر.

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x